مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

تجميع

أصدقائي الصغار

تأسر تماثيل Sylvanian Families الأطفال وهواة الجمع منذ عام 1985. تستكشف روزانا دودز مشاعر البهجة التي تبثّها في النفوس

تماثيل من عالم Sylvanian Familiesتماثيل من عالم Sylvanian Families

من حينٍ إلى آخر، يتّصل بي والدي ليسألني عن مجموعتي من تماثيل Sylvanian Families. يقول لي: "يتكدّس الغبار عليها، ألا تريدين أن يستمتع الآخرون بها؟". ليتني أستطيع أن أتخلّى عن أنانيتي. لكن، ما زالت مجموعتي الكاملة تلك، والمؤلّفة من Honeybears وPuddlefords والمتجر القروي القديم، مركونة في علية منزل أهلي حتى الساعة. 

ذات يوم، سيستمتع بهذه المجموعة أولادي (إن أنجبتُ أطفالاً) أو أولاد أحد أصدقائي. فالفكرة هي توارث تماثيل Sylvanians من جيل إلى جيل. صُنعت هذه "المخلوقات" الزغبة بحجم الكفّ أول مرة في عام 1985، وهي من نتاج شركة Epoch اليابانية للألعاب ولألعاب الكمبيوتر. وتُشتقّ لفظة Sylvanian من كلمة "sylvan"، ومعناها "من الغابة". لكن، علينا الحذر في مقاربة هذا الاشتقاق، لأنَّ عشيرة Sylvanian لا تتألّف من أرانب وسناجب وفئران فحسب، إنما تضمّ أيضاً دببة الباندا وطيور البطريق وحيوانات الفقمة، تتعايش كلّها بسرور في غرف نوم منتشرة في مختلف أنحاء العالم.

أرنب الشوكولا (يسار) وقطتان فارسيتان

آخر مرة عاينت فيها مجموعتي كانت في نيسان (أبريل) الماضي، حين أغلق ذاك المتجر الوحيد الذي يبيع تماثيل Sylvanians في العالم أبوابه بعد تقاعد مالكيه. وهذا المتجر، الذي افتُتِح في شمال لندن في عام 1992، محفورٌ في أذهان هواة جمع هذه التماثيل في مختلف أرجاء العالم، تميّز دائماً بسقيفته المخططة بالأخضر والأبيض، وبرفوفه المتراصفة من الأرض إلى السقف، وتصطفّ الألعاب في كل رفٍّ منها. كانت واجهة المتجر جذابة تشدّ انتباه البالغين، ولا شكّ في أنها شدّت انتباهي كلما مررت بها. وعند انتشار نبأ إغلاقه، تقاطر المئات إليه في زيارة أخيرة، كما توافد إليه عشّاقه من بلدان بعيدة، مثل أستراليا.

ازدادت مبيعات تماثيل Sylvanians (بسعر يبدأ من 7.99£) في المملكة المتحدة بنسبة 50 بالمئة تقريباً في السنوات العشر الماضية. وحقّقت Epoch مبيعات قياسية في عامَي 2020 و2021، وما زالت هذه العلامة التجارية واحدةً من أكبر خمسة صانعي دمى في المملكة المتحدة، وفقاً لمجموعة The NDP Group.

في مرونتها، تضاهي تماثيل Sylvanians مخيّلة الأطفال"

ما الذي يمنح هذه الدمى الصغيرة هذه الأهمية؟ لنستمع إلى ما تقوله إلسي، البالغة 10 أعوام، عن مجموعتها من الأرانب والدببة التي تعيش في أكواخ بلاستيكية صغيرة: "نمضي، شقيقتي وأنا، ساعات في نزع ملابسها وتبديلها. تستهويني مغامراتها كلها". عالم Sylvania لامتناهٍ بكل ما لهذه الكلمة من معنى: استقلّوا قارباً طويلاً بألوان بهيجة واختاروا وجهته. إنه عالمٌ من التفاصيل الدقيقة أيضاً: فالمتجر القروي في مجموعة ألعابي كان مزوَّداً برفوف ومؤن ومجموعة متحرّكة من الموازين؛ وتُعرَض على منضدة مخصّصة لمستحضرات التجميل زجاجات صغيرة فيها طلاء للأظافر. تعقّب شارلوت، والدة إلسي: "يستهويني أنها كنزٌ نحافظ عليه، فيما يُلقى بأشياء كثيرة في سلّة المهملات".

تقول كايتي كانالز، القيّمة على المشاريع في متحف Young V&A الذي فتح أبوابه من جديد في شرق لندن بعد انتهاء أعمال ترميم بلغت كلفتها 13 مليون إسترليني: "كان اختيار الأولاد يقع دائماً على الحيوانات. إنها لطيفة ومحبّبة، إنما هناك أيضاً العنصر المتعلّق بالشكل البشري. فهو يمنح شعوراً بالحرّية أكبر من التقيّد بقواعد الانتماء إلى الطبيعة البشرية". في صالة عرض Imagine الجديدة في المتحف، يُعرَض أعضاء عائلتَي الأرانب كورنتوب وسنوو-وارِن، إلى جانب منزل متنقّل ومهر صغير. صُمِّمت صالة العرض بطريقة تُبرز ألعاب العوالم الصغيرة، حيث يستخدم الأطفال الأكسسوارات لابتكار عوالم معقّدة. تقول كانالز: "في مرونتها، تضاهي [تماثيل Sylvanians] مخيّلة الأطفال".

معروضة في متحف Young V&A الذي أعاد فتح أبوابه حديثاً في شرق لندن © جيمي ستوكر بواسطة Victoria and Albert Museum

منذ عام 1999 حتى عام 2013، تولّت شركة Flair تصميم تماثيل Sylvanians في المملكة المتحدة، فبرزت فيها عناصر ذات طابع بريطاني (منازل متنقّلة وقوارب طويلة وسيارات Morris Minors بالأخضر الداكن). وكان في عداد فريق العمل إد ناتراس وجو غوف وليندساي هاردي الذين تكاد حكايات عملهم لدى Flair تبثّ البهجة في النفوس، بقدر الألعاب ذاتها. تقول هاردي في اتصال جماعي: "أحياناً، كانت الأسماء مضحكة جداً"، مضيفةً: "حين صنعنا عائلة الخنازير، أُطلِق على الوالد اسم ريتشارد إي غرانت والابن هيو غرانت". كذلك، خُلِّد هؤلاء في التماثيل التي صنعوها، فجُسِّدت هاردي في خنزير صغير (ليندساي بيتيفور "الصاخبة والكثيرة الصراخ")، فيما تحوّل ناتراس إلى صانع الألعاب العمّ إدوارد مالبوري. يقول بصوتٍ يملأه الحنين: "هذا شرفٌ لي".

أحياناً، تذهب تماثيل Sylvania بعيداً جداً في حلاوتها. لكل شخصية اسمٌ وسيرة، ويساهم كلٌّ منها في حياة القرية. وبما أنني نيّقة جداً، كنت أجسّد هذه الحكايات بتفاصيلها الدقيقة والأمينة: كان إب فاندايك، القندس الأب، رصيناً دائماً في حراسة النهر (ورد في ترجمة سيرته: "يغضب كثيراً حين يرى نفايات تعوم على سطح الماء"). وتتفانى زوجته Flo في إدارة صفوف لتعلّم السباحة. وكان هناك غرير يدعى بوبي روبرتس ويؤدّي دور الشرطي، لكنه نادراً ما ألقى القبض على أحد. يكفي القول إن نسبة الجرائم كانت متدنّية.

منزل عائلي بسقف من القرميد الأحمر، 74.99£

لاحقاً، عاد التصميم من جديد إلى اليابان. منذ فترة وجيزة، عرض أحد الشغوفين بجمع تماثيل Sylvanians مجموعته كاملةً للبيع، مشيراً إلى أن هذا العالم لم يعد يستهويه بسبب الاتجاه الجديد لشركة Epoch نحو "تماثيل مصنوعة بالبلاستيك، وتماثيل أنثوية وزهرية جداً"، و"الطاقة السلبية لمجموعة صغيرة من هواة الجمع". صحيح أن هذا العالم صار أشد ورديةً، فالإصدارات الجديدة تشمل "قطار قوس قزح بغيوم عائمة" و"قلعة حورية البحر الصغيرة"، لكن المجموعة الأساسية المؤلَّفة من أكواخ بسقوف حمراء وسناجب بأذيال كثيفة وأثاث مصنوع بقطع الحطب، لا تزال مستمرّة.

سألتُ هاردي لماذا لم نرَ الألعاب تنتقل إلى المدينة في سيارات ليموزين متلألئة أو سفن فضائية. أجابت: "لم يكن المقصود هذا النوع من الفنتازيا. لم نكن أمام قلاع زهرية جميلة أو حصان أحادي القرن أو غبار سحري، بل كانت أقرب إلى حفلة قروية". حياة تماثيل Sylvanians هي حياةٌ أخلاقية، ربما يراها بعضهم مبتذلة. لكنها تترافق مع إمكانية تطويعها كما تشاء. لم تكن تماثيل Sylvanians شائعةً، إلا أنها لم تفقد مطلقاً رواجها. ابتذالها هو الذي يجعلها خالدة.

0 تعليقات

شارك برأيك