مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

الطعام

مكان الضيق لألفِ صديق

هل تمثل المطاعم الصغيرة مستقبل الطهو المبتكر؟

The Small Canteen، في نيوكاسل أبون تاين © نانسي ستروغانThe Small Canteen، في نيوكاسل أبون تاين © نانسي ستروغان

كان على سام بِتس أن يكون ذكياً جداً في استخدامه المساحة المتاحة له حين افتتح مطعمه قبل عامين. أتى اسمه The Small Canteen (المقصف الصغير) على مسمّى، فهو مؤلف من طابق واحد، له سقف مسطح ومساحة داخلية تتّخذ شكل المعين الهندسي، ويتّسع لنحو 15 مقعداً فقط. يقول: "قسنا المساحة وأعدنا قياسها مراراً لنتأكد من أن كل شيء أتى مناسباً"، فمساحة مطعمه الأوروبي الحديث في منطقة سكنية بنيوكاسل أبون تاين لا تتعدّى سبعة أمتار في ثلاثة أمتار عند أوسع نقطة.

ينتهي المطاف بانخراط الرواد في دردشة محببة لأن الموائد متقاربة جداً

يتميز المطعم بجوّ ساد في منتصف القرن العشرين، وثمة عدد قليل من المقاعد عند البار، وعدد قليل من الطاولات، وكشك واحد يتسع لأربعة أشخاص. بجانب المنضدة، ثمة طاولة عمل صغيرة يضع بِتس عليها أطباقه الرئيسية وثمن كلّ منها 15£، مثل سلطعون بحر الشمال ذي الصدفة الناعمة مع سلطة البرتقال الأحمر وحساء خد الثور. يقول: "يمكنني أن أعدّ ستة أطباق في وقت واحد، وهناك كثير من الذهاب والإياب مع المقالي". المطبخ المستطيل "صغير جداً"، فلا يمكن إعداد الطعام كله دفعة واحدة فيه. والمكان حميم بجوّ منزلي، أسعار الأطباق فيه معقولة جداً. يقول: "ينتهي المطاف بدردشة غير جدية بين الروّاد، لأن موائدهم متقاربة جداً. إنه مكان يسكنه الودّ".

The Small Canteen © نانسي ستروغان

يُعَدّ The Small Canteen واحداً من عدد متزايد من المطاعم الصغيرة التي تضم 20 مقعداً أو أقلّ، لكنها لا تقدم قوائم طعام محددة أو أطباقاً صغيرة. Otto، في برلين، مطعم من مطاعم الأحياء فيه 16 مقعداً، يركّز في أطباقه على المكوّنات المخمّرة والنكهات الجريئة، أو "مشاركة الأطباق التي تزيد على المكان جواً نابضاً بالحياة"، كما يقول فاديم أوتو أورسوس، مالك المطعم وكبير طهاته. في مانهاتن، Mimi حانة صغيرة لها جوّها الخاص، فيها 18 كرسياً تحت إضاءة مثيرة، وقائمة طعام فرنسية خفيفة تتألف في العادة من 10 أصناف إلى 12 صنفاً. في مطعم The Barbary Next Door الشمال أفريقي في لندن، لن تجد أكثر من 10 مقاعد. إنه صغير جداً إلى درجة أن عليه استعارة مطبخ مطعمه الشقيق المجاور. يشبّه المالك المشارك لايو باسكين مزاج المكان بمزاج "بار في إشبيلية... صخب وحياة".

تخاطب هذه المطاعم الصغيرة، المريحة وغير الرسمية، مزاجاً جديداً في تناول الطعام خارج المنزل. يشير دانيال بينيت، المالك المشارك في Mimi، إلى هذه الأماكن باسم "أحجار كريمة... ثقوب صغيرة في الجدار لا يعرفها الجميع". في الوقت الحالي، كما يقول، يريد روّاد المطاعم "تجربة وثيقة، لا تجربة بعيدة وعقيمة". إنها نقيض الطعام الفاخر الذي يُصوَّر بشكل ساخر في مجلة The Menu: سمتها غياب الرسمية. يتعلّق الأمر بـ"طعام ونبيذ جيدين" من دون ادّعاء "الوجاهة"، كما يقول فاديم.

The Barbary Next Door، لندن © سوزان بيل

ربما يبدو افتتاح مطعم بالكاد يستطيع أن يستضيف حفلة في عيد ميلاد أمراً غير بديهي في قطاع عانى خسائر كارثية في السنوات الأخيرة؛ في جلستين، يبلغ الحدّ الأقصى من الروّاد الذين يستطيع بِتس استقبالهم كل ليلة 30 شخصاً. ذات مرة، ضمّ مطعم The Small Canteen الصغير 18 ضيفاً في مناسبة خاصة. يضحك بِتس قائلاً: "مارسنا الضغط لإدخالهم". يضيف: "هناك سلبيات مؤكدة. هناك كثير من العمل، وهناك سقف للدخل؛ لا يمكننا أن نكسب إلا مبلغاً محدداً في كل ليلة".

لكن، الحجم الصغير جميل أيضاً. يقول بِتس إن "من الأسهل التحكّم في الجودة"، في حين يقول أورسوس من Otto، الذي يمتلك أيضاً مطعم Trio المؤلف من 70 مقعداً في برلين: "إن الأمر يولّد مرونة وعفوية وإبداعاً". تُعدَّل الأطباق بشكل يومي، ويستطيع أورسوس العمل مع منتجين أصغر، ستكون بضائعهم أقلّ من اللازم بخلاف ذلك لموقعه الأكبر: يستشهد بقطع لحم العجل "المتاحة مرة كل فترة فقط" والنبيذ "المتميز" من محاصيل محدودة للغاية كأمثلة: "تستغرق عملية تغيير أي شيء في المطاعم الكبيرة وقتاً أطول كثيراً".

خبز مخمّر وزبدة كوجي في Otto، برلين

يحوّل أورسوس بقايا السمك إلى حساء على الطراز الروماني والخبز المتبقّي إلى صلصته المالحة المميزة. "ينطوي الأمر على كثير من التجربة والخطأ، لكن هناك حرية أكبر للتجربة"، كما يقول بِتس الذي عمل سابقاً في مطابخ لندنية حائزة نجوم Michelin، ويقوم بالطهو كله في The Small Canteen: هناك فقط غاسل أوعية ونادل وهو نفسه.

في Mimi، انتزع بينيت كبير طهاته، جاي ولمان، من مشهد المطاعم في نيويورك. يقول إن المطاعم الصغيرة تعطي الطهاة الساعين إلى النجومية "طريقاً مختلفة نحو النجاح مقارنة بمؤسّسات الحرس القديم". في الأغلب، يدير المطاعم الصغيرة "طهاة لم يصبحوا مشهورين بعد"، أو أولئك الذين تركوا التوتر وثقافة المطابخ الخاصين بمطاعم أكبر.

Mimi في مانهاتن © لوسيا بيل-إبستين
Alumni Kitchen Table في مقاطعة كيلدير © باري مورفي

في الأغلب، تعني المؤسسة الأصغر توازناً أفضل بين العمل والحياة. يفتح Mimi وThe Small Canteen أبوابهما فقط للعشاء ويغلقانها أيام الأحد والاثنين، في حين يعمل Alumni Kitchen Table الذي يستقبل ثمانية أشخاص، في مقاطعة كيلدير، ليالي الجمعة والسبت. هناك جلسة واحدة في الليلة، وموقعه البعيد يعني أن الروّاد يميلون إلى الإقامة في الغرف المتوافرة في الطابق العلوي. يقول فيليب ماهون الذي يديره مع زوجته كاثي: "أصبح المطعم حياتنا الاجتماعية". يضيف: "نحن نتفاعل حقاً مع الضيوف".

يقول بِتس إن هذا الارتباط هو أفضل جزء من وظيفته. "إنه شخصي وودّي. ويُقَام بحبّ"، كما يقول. "الاسم The Small Canteen هو تقريباً بيان المهمة. يمكن أن يأتي الناس مرات عدة في الأسبوع، بدلاً من حضور مناسبة خاصة. يحبّ العملاء اليوم أن يشعروا بأنهم جزء من شيء ما".

4 تعليقات

شارك برأيك