نجم صراع العروش يرغب بهذه الدراجة النارية

ليس عليك أن تكون من هواة الدرّاجات النارية كي تنظر بعين التقدير إلى ابتكارات ماكس هازان. فابن الواحد والأربعين ربيعاً مهندس وفنان مبدع في الوقت عينه، يصنع درّاجاتٍ تخطف الأنظار من الوهلة الأولى، إذ تبدو من عالمٍ آخر. يقوم بذلك في مشغلٍ متواضع في الطبقة الثانية مما كان "مصنعاً في الخمسينيات في لوس أنجليس يُستغلّ فيه العمال في ظروف قاسية"، وتحديداً في منطقة Fashion District المعروفة بمتاجر البيع بالجملة، لا بالمشاغل المخصّصة لصنع درّاجات ناريّة مميّزة. لا يغادر هازان تفصيلاً إلا ويهتمّ به، ابتداءً من إحماء كل قطعة معدنية، مروراً بثنيها وتشكيلها وتلحيمها، وصولاً إلى وضع اللمسات الجماليّة الأخيرة عليها، من دون أن يستثني أي جزء من هذه العمليّة، انطلاقاً من التروس أو العجلات المسنّنة، وليس انتهاءً بالمقود وخزان الوقود الانسيابي الشكل.

يبدأ عمله دائماً بالمحرّك، وهو الجزء الوحيد في الدراجة النارية الذي لا يصنعه من الصفر. ويفضّل غالباً قطعة كلاسيكية، لذا قد يعتمد محرّك Royal Enfield القديم بأسطوانة واحدة، أو محرّك Vincent المزدوج الذي يعود إلى منتصف القرن الماضي. كثيراً ما تكون هذه المحرّكات قديمة جداً، إلى درجة أنه يحتاج إلى إعادة جمعها بالكامل، مضيفاً إليها في بعض الأحيان نظام توربو أو شاحناً توربينياً فائقاً لمنحها دفعاً تتميّز به الدرّاجات النارية في أيامنا. وبعد الارتكاز على المحرّك بوصفه قطعة محوريّة، تتجمّع حوله باقي أجزاء الدرّاجة، لتأتي النتيجة مذهلة: درّاجة BSA 500 كاملة مع صدّام خلفي من طراز الثلاثينيات (بيعت بسعر 115,000$)، ودرّاجة Saltshaker بمحرّك قدرته 300 حصان وبسرعة قياسيّة (بسعر 95,000$).

لكنّ أحدث ابتكاراته مختلف قليلاً. إنه تصميمه الأكبر حتى اليوم بطول ستة أقدام وأربع بوصات، يأتي تلبية لطلب الممثل جيسون موموا (ظهر في أفلام عدة منها Aquaman أو الرجل المائي وGame of Thrones أو صراع العروش). يخبرني هازان عن بداية هذا المشروع: "اشتريت مع شريكتي منزلاً في منطقة جوشوا تري وقمنا بتجديده لعرضه للإيجار عبر Airbnb. لتزيينه من دون تكلفة كبيرة، علّقنا على الجدران صوراً مؤطرة لدرّاجاتي". يضيف: "شاءت الصدفة أن يقيم جيسون هناك ويراها، فاتصل بي وقال: 'أريدك أن تقوم بما تَبْرع فيه، لكن اجعلها درّاجة كبيرة'. لم يرفّ له جفن عندما أخبرته عن سعر المحرّك، وكنت قد اشتريته في مزاد، ما وفّر عليه في الواقع مبلغ 20,000$. لم نناقش منذ ذلك الحين أي تفصيل، إلا أنني سألته كم يزن: 260lb (أي 118 كيلوغراماً)".

أريدك أن تقوم بما تَبْرع فيه، لكن اجعلها درّاجة كبيرة"

المحرّك مستخرج من درّاجة Brough Superior من طراز عام 1938، وما كان خياراً يخلو من التحدّيات. يقول هازان: "ما بدا لي في أحسن حال عندما حصلت عليه، فهذه المحرّكات مختلفة في الصور. كان محرّك سباقات بمُكربِنٍ مزدوج، وأضفت إليه شاحناً توربينياً فائقاً. في العادة، تحتاج إلى قطع إضافيّة كي تجعل المحرّك يعمل بشكل صحيح مع ضغط نظام توربو، لكنني توصّلت منذ مدة إلى ابتكار نظام يُتيح تعزيز قوّة الدفع في أي محرّك. لا تحتاج إلى أي تجهيزات إلكترونية والمحرّك يعمل بشكل جيّد".

غالباً ما يلجأ هازان إلى مخيّلته لابتكار حلول خاصة لتصاميمه، من تعزيز دفع محرّكات عمرها نحو قرن من الزمان إلى اختراع أنظمة تعليق. في الماضي، حوّل بوقاً موسيقياً إلى نظامٍ لسحب الهواء، وصَنَعَ كذلك خزّانات زيت من الزجاج. ربما لا يكون ذلك عملياً، لكن نادراً ما تُستخدم درّاجاته المصنوعة بحسب الطلب للتنقل اليومي، حتى أن عدداً كبيراً منها تحوّل في واقع الأمر تُحفاً فنّية تعرض في المتاحف.

توقّفتُ عن الاستماع إلى الأصوات السلبية وسِرتُ قُدماً ونَجَحْت"

كان بوبي هاس، الثريّ الراحل الذي كان يعيش في كليفلاند، أول من يطلب من هازان درّاجة مخصّصة. ثم عاد ليكلّفه صنع خمس درّاجات أخرى، بما فيها درّاجة ذات سرعة قياسيّة شكّلت جزءاً من متحفه الذي يضمّ مجموعة من نحو 300 درّاجة نارية. وعند وفاته في عام 2021، ترك كلّ درّاجاته لمصنّعيها، فعادت ابتكارات هازان إلى مهدها. يقول هازان: "كانت خطوة أنقذتني نوعاً ما من التوقّف عن العمل"، عازماً على إعادة بيع الكثير من النماذج. يضيف: "يسألني الناس إن كنت أتعلّق بهذه الأشياء. ليس فعلاً، لكنّني سأحتفظ بتلك الدرّاجة السريعة دائماً. كان هذا مشروعاً مشتركاً معه. وصلتُ على متنها إلى سرعةٍ قاربت 217 ميلاً في الساعة في منطقة بونفيل سالت فلاتس قبل أن أوقف المحرّك، لأن الدرّاجة كانت تنزلق كثيراً".

لم يكن هاس الوحيد الذي أُعجِب بأعمال هازان على مرّ السنين. أجرى أنتوني بوردان مقابلة مع هازان في إطار فيلم وثائقي في عام 2017، وقال لصحيفة LA Times: "عندما رأيت درّاجاته للمرة الأولى، أدركت أنها تحف فنّية". فاز هازان كذلك بجوائز عدة بينها "أفضل عمل في معرض" في مسابقة Quail Motorcycle Gathering في عام 2022، وجوائز Pipeburn Bike of the Year مرّات عدة. لكنْ إلامَ يَنسُبُ نجاحه؟ "أهمّ ما في الأمر عدم الخوف من الفشل. أخفقتُ في الكثير من مشاريعي، ولا بأس في ذلك، فالأخطاء تعلّمك أكثر كثيراً من أي شخص أراد أن يثنيك عن عزمك". 

تحول عدد كبير من درّاجات هازان إلى قطع فنية تعرض في المتاحف

صنع هازان درّاجته الأولى في عام 2012. قبل ذلك، كان يملك مكتباً للتصميم الداخلي والاستشارات. غيّر حدث مفصليّ حياته؛ إذ تعرّض لحادث على الدرّاجة النارية أقعده خمسة أشهر، لينكبّ بعد ذلك على الابتكار في صنع الدرّاجات في ورشة والده. هناك أبصر باكورة أعماله النور، فكان نموذجاً أولياً لدرّاجة هوائيّة أضاف إليها محرّكاً لتسير بسرعة 60 ميلاً في الساعة على عجلتَين لا يزيد عرضهما عن بوصة واحدة. أما ابتكاره الثاني فصنعه من قطع دراجة نارية فعلية، سرعان ما باعها بسعر 20,000£ بعد عرضها في متجر لبيع الملابس في ماليبو. عندما شاهد هاس دراجة أخرى لهازان معروضة في واجهة ذاك المتجر، كلّفه صنع واحدة له، ما أتاح لهازان تخصيص كامل وقته لشغفه بالدرّاجات الناريّة.

ما كان الأمر نزهةً، "فالدرّاجات القليلة الأولى قوبِلت بفيضٍ من ردّات الفعل السلبيّة على الإنترنت وفي أوساط مجتمع الدرّاجات الناريّة"، على ما يكشف هازان. يقول: "وقفت عند مفترق طرق: إما أن أحاول إسعاد الجميع، وإما أن أتجاهل الأصوات السلبيّة. في نهاية المطاف، توقّفتُ عن الاستماع إليها، وسِرتُ قُدماً، ونَجَحْت". بعد عشرين طلباً، حصد هازان ثمار اندفاعه الفرديّ نحو الكمال: "كنت أنشد الكمال منذ صغري، لكنْ من دون المساومة على أي شيء آخر، ولهذا السبب بدأت في صنع كل شيء بنفسي". ويخلص إلى القول: "لم أرغب في أن أجعل حياتي أشدّ صعوبة، لكنْ إن أردتَ أن تنجز شيئاً بالشكل الصحيح، فعليك أن تفعل ذلك بنفسك".