مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

الطعام

كيف نطعم المسنين الذين يتزايدون عدداً؟

بعض من أطعموا عائلة لعقود يفقدون فجأة مبرر الجلوس إلى المائدة؛ هاكم الطريقة الأمثل لإعادة دمج المسنين بمحيطهم من خلال طبق الطعام

© هيذِر ستِن© هيذِر ستِن

أنجيلا كلوتون كاتبة متخصّصة في الطعام ومديرة مشاركة في British Library Food Season. في هذا العام، إلى جانب النقاش حول التخمير وطرق الغذاء الأفريقية الكاريبية، يتضمّن الموسم حلقة نقاشية حول قضية قريبة من قلبها: كيف نطعم المسنين الذين يتزايدون عدداً؟ أثارت قلقها تجارب والدتها التي مرضت بعدما ترمّلت وفقدت كل اهتمام بإطعام نفسها. تقول كلوتون: "كانت مفاجأة، شخص أطعم عائلة لعقود لم يعد فجأة يجد مبرراً لذلك. هذا يحدث كثيراً. لا يتعلّق الأمر بتناول ثلاث وجبات في اليوم فحسب، بل يتعلق بالجلوس إلى المائدة مع شخص ما، وبذلك الاختلاط الاجتماعي. عندما يكون المرء وحيداً، سهل أن تفقد الأشياء أهميتها".

صورة التقطتها هيذِر ستِن لجدتها، وهي واحدة من سلسلة توثّق السنوات الأخيرة من حياتها © هيذِر ستِن

عندما أدخلت والدتها في وقت لاحق إلى دار لرعاية المسنّين، صدمت كلوتون من المستوى المتواضع للوجبات المقدّمة للمسنين في الدار. تقول: "كانوا يقدمون النقانق والفاصوليا والرقائق المحشوة بشكل يومي". والأسوأ من ذلك أن وقت الموظفين لم يسمح لهم أن يساعدوا المقيمين الذين كانوا كوالدتها بحاجة إلى رعاية. انتقلت والدتها بعد ذلك إلى دار أفضل، حيث فوجئت كلوتون بالتحسينات في الطعام وبثقافة الأكل أيضاً، والتي تجعل المقيمين أشدّ سعادة وأفضل صحة. تقول: "بدت غرفة الطعام أشبه بمطعم حقيقي، حيث كانت تتوافر فيه قوائم لطلب الطعام وتنتشر المزهريات على الطاولات. كان هناك عربة من مشروبات الشيري في يوم الأحد، وكعكة في أعياد الميلاد. وهذه أدوار يؤدّيها الطعام فتجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من مجتمع صغير. إن الغذاء رابط".

عندما يكون المرء وحيداً من السهل أن تفقد الأشياء أهميتها بالنسبة إليه"

تعمل المذيعة جوان بايكويل، التي تشارك في اللجنة، ناشطة في مجال حقوق المسنّين منذ فترة طويلة. تبلغ الآن 90 عاماً، وهي حريصة على توضيح نقطة مهمة حول أهمية الاستمتاع بالطعام في كل عمر. تقول: "الإغراء مع تقدّمنا في السنّ هو أن نجد الحياة مملة وروتينية. يبدو الأمر كما لو أن الناس ينسون الملذّات التي كانوا يستمتعون بها في الطعام. هذا خطأ. مع تقدّمكم في العمر، تكون المحفّزات الصغيرة لبراعم الذوق مثيرة". تستمتع بايكويل نفسها بكل شيء من اللسان المضغوط المطبوخ في المنزل ("رائع") إلى الهلام المزيّن بمأكولات شهية. تعترف قائلة: "أنا معجبة كثيراً بالقشدة القابلة للدهن".

لكن، ماذا عن الأشخاص الأضعف في دور الرعاية؟ كاث دالميني هي الرئيسة التنفيذية لـSustain، وهذا تحالف من أجل غذاء أفضل وزراعة أفضل. تقول: "أن يكون الطعام مهماً مؤشر على أن المؤسسة تؤدي دورها بشكل جيد". بعض المستشفيات، مثلاً، تضع نظام الصواني الحمراء الذي يخبر الممرّضات عندما يحتاج المرضى إلى المساعدة في تناول الطعام. يضمن البعض حماية أوقات الوجبات فلا يمكن جدولة الإجراءات بعد ذلك ولا يفوّتها المرضى. تقول: "نعلم جميعاً مدى أهمية الطعام لرفاه الناس". فإن الغذاء "علامة بشرية" تتّسم بالحيويَّة.

في كوريا الجنوبية، يُعتبَر توصيل الوجبات الجيدة بمثابة بطاقة شرف

فيما تمّ تخفيض خدمات توصيل الوجبات بشدّة في المملكة المتحدة، تبدو بلدان أخرى أفضل حالاً. يشيد سيمون شو، الرئيس السابق لبرنامج الفقر الغذائي في Sustain، بشبكة مراكز الرعاية الاجتماعية للمسنّين في كوريا الجنوبية، حيث يُنظَّم توصيل الوجبات ونوادي الغداء وغيرها من الأنشطة مثل كرة الطاولة وفن الخط تحت سقف واحد. يُعتبَر تقديم خدمات جيدة بمثابة "بطاقة شرف". في فرنسا وإيطاليا أيضاً، كُرِّست خدمات توصيل الوجبات بوصفها تدابير وقائية تساعد في تجنّب سوء التغذية (يؤدي إلى دخول المستشفيات) وضمان أن يتمكن الناس من البقاء في المنزل فترة أطول مع اتصال يومي ومراقبة من الرعاية الاجتماعية. في باريس، مثلاً، يستخدم الموظفون تطبيقاً للإجابة عن الأسئلة الخاصة بالرعاية الاجتماعية، ويمكنهم إرسال ردودهم مباشرة إلى أفراد الأسرة أو الأخصائيين الاجتماعيين.

ويتطلّع كثر أيضاً إلى اليابان، وهي الدولة الوحيدة التي تعرف حالياً بأنها "متقدّمة جداً في السن"، حيث يبلغ أكثر من 28 بالمئة من سكانها 65 عاماً أو أكثر. أصبحت اليابان حاضنة للخدمات والمنتجات الصديقة للمسنّين، بما فيها المطاعم التي تقدّم خيارات الوجبات للمسنين والأطعمة المعدّلة التي تأخذ صعوبات المضغ والبلع في الحسبان. في السنوات الأخيرة، قدّمت الحكومة مبادرات لضمان جودة هذه المنتجات. وتشمل هذه المبادرات "الغذاء للاستخدامات الصحية المحدّدة" (في فئات مثل الأطعمة للأشخاص الذين يعانون مشكلات في صحة العظام) ونظام تصنيف "العناية بالابتسامة" للأطعمة المخصّصة لمن يتلقون رعاية تمريضية في المنزل. إنه نهج شامل للصحة يمنح الغذاء الأولوية باعتباره حاجة ومتعة، ما يساعد المسنّين على الشعور بالراحة، وهذا درس مفيد لبلدان تحتاج إلى تحسين سياساتها في هذا المجال.

4 تعليقات

شارك برأيك