يقدّم نيكولا غيسكيير، المدير الفني للملابس النسائية لدى Louis Vuitton، مجموعته الخاصة بالرحلات البحرية لعام 2023 تحت شفق سماء كاليفورنيا في Salk Institute التي صمّمها لويس كان في سان دييغو. أتت هذه المجموعة مثالاً واضحاً لما ستكون عليه الملابس مستقبلاً، إذ صوّرت لقاء يجمع ملوك Star Wars (حرب النجوم) ومتحمساً للصحاري، إلا إذا استثنينا كوكبةً من حقائب اليد تحمل مونوغرام Louis Vuitton، ومغطاة ببقع متعدّدة الألوان بدت مألوفة جداً.
إنَّ إضافة هذه النقاط الدائرية عمل يدوي لا لبس فيه للفنانة اليابانية التسعينية يايوي كوساما، وتمثل إعلاناً مشوقاً عن تعاون جديد بعنوان Crafting Infinity، وصل إلى المتاجر مطلع السنة. وليس هذا التعاون الجديد إلا حلقة ثانية من مجموعة تشاركت الفنانة والدار الفرنسية في إنتاجها قبل عقد من الزمن. المختلف في هذه المرة هو الشمولية: زيّنت زخارف كوساما اللافتة للنظر فئات المجموعة كلها، ووصلت لأول مرة إلى العطور والملابس الرجالية.
"تبثّ في الجميع شعوراً بالحلم والسعادة، وعالمها غامر"
ترى كوساما في هذه المجموعة فصلاً آخر من فصول علاقتها الطويلة بالموضة. في نيويورك في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، نظّمت هذه الفنانة مناسباتٍ للموضة بوصفها احتجاجات سياسية، صمّمت لها خطاً خاصاً بها من النسيج والملابس، وقد بيع بعد ذلك في المتاجر. ومن مستشفى سيوا بطوكيو حيث تقيم منذ عام 1977 بسبب صحتها الهشّة (على رغم أنها لا تزال تذهب إلى الأستوديو الخاص بها ستة أيام في الأسبوع)، تكتب: "في أي نمط من أنماط التعبير، يتعلّق السؤال بنوع الرسالة التي يحملها هذا التعبير، وبهذا المعنى، تكون الموضة الأداء والحدث أنفسهما". وإذ تبلغ الآن 93 عاماً، صارت هذه الفنانة التي ترتدي الملابس الملوّنة من رأسها إلى أخمص قدميها وتغطي رأسها بشعر مستعار قصير باللون الأحمر الفاتح رمزاً في ذاتها، فهي فنانة حريصة على غريزة الصورة الشخصية، تماماً مثل أندي وارهول الذي ربطتها به ذات يوم صداقة متينة.
تقول دلفين أرنو، نائبة الرئيس التنفيذي لدى Louis Vuitton، والتي قادت المشروع الأخير: "كوساما أيقونة، فنانة كبيرة في مجالها وفنانة أنثى مهمة جداً"، مضيفةً: "قررنا أن التعاون معها مرة أخرى سيكون مدهشاً لأنها تبثّ في الجميع شعوراً بالحلم والسعادة، وعالمها غامر وحسيّ جداً".
رغبت كوساما دائماً، وهي الرائدة في مجال التجهيز الفني في نيويورك الستينيات، في تغطية العالم بالنقاط المستديرة، وقد سعت إلى نشر هذه الفكرة طوال حياتها المهنية. تقول: "تنصّ فلسفتي على أن الدوائر كائن حي واحد، وأن القمر والشمس وأنا وأنت نشكل دائرةً واحدة تمثل الانتشار اللانهائي". هذا الأثر المتكرّر للموضوع الذي اختارته (أي النقاط، والأعضاء الذكرية، والكرات المعكوسة أو حتى أضواء LED) هو تعبير مرئي عن أوهام عاشتها كوساما منذ طفولتها المؤلمة. وما الإنتاج المهووس إلا محاولة لأن "تسمو" بنفسها وبتجربتها من خلال الفن، الذي كان دائماً إلزاماً علاجياً.
أتى التعاون الأول مع كوساما في عام 2012 بدفع من مارك جاكوبس، المدير الفني السابق لدى Louis Vuitton وجامع الأعمال الفنية المشهور، وقد تمّ توقيته ليتزامن مع أول معرض استعادي عالمي لهذه الفنانة. كان واحداً من كثير من الأعمال التعاونية الفنية التي نفّذتها Louis Vuitton في سلسلة أُطلِقت مع ستيفن سبراوس في عام 2000، وتشمل منذئذٍ مجموعات لتاكاشي موراكامي، وريتشارد برِنس، وسيندي شيرمان، وجيف كونز.
كان جاكوبس رؤيوياً في إدراك حقيقةٍ مفادها أن العلامة التجارية تكون أقوى حين تُستخدَم وسيلةً للتعبير. يطلب العملاء أفكاراً جديدة، وينفخ الغرباء روحاً جديدة، وهناك دائماً جاذبية القيمة المضافة لهواة الجمع: في 1stdibs، يمكن العثور على حقيبة Speedy المنقّطة الأصلية من تصميم يايوي كوساما بسعر 4,000£ تقريباً، أي نحو ضعف سعر الأنماط الجديدة.
تتأثر الملابس الرجالية في Creating Infinity كثيراً بالسترات وبسراويل الجينز الكبيرة المقاس، لكن هذا التأثر يتراجع في سترات ومعاطف مصمّمة بدقّة متناهية وبانتباه للتفاصيل. تمثل ملابس النساء الجاهزة مجموعة تبرز خطوط الجسد بشكل واضح، بما فيها التنانير القصيرة التي تكشف الكثير، والفساتين الجلدية الضيقة في الأعلى والواسعة في الأسفل والسترات الضيقة في الأسفل، إضافة إلى الأوشحة. وهناك أيضا مجموعة واسعة من الأحذية والأكسسوارات والحلي والحقائب، بما فيها تصاميم Dauphine وPetite Malle التي شوهدت في عرض مبكر لمنتجات المجموعة.
إن أمعنّا النظر في تفاصيل هذه المجموعة، وجدنا أيضاً تعمّقاً في إدراك الحِرف اليدوية. فالنقاط الملوّنة إعادة إنتاج لضربات فرشاة الفنانة، واختيارها غير المنتظم لكن الدقيق أماكن الدوائر. تقول أرنو: "ظننّا أن إعادة إنتاج هذه المجموعة على نطاق أوسع ستكون قوية، وتمثل أيضاً تحدّياً كبيراً". فهذه التقنية هي طباعة متعدّدة الخطوات على نسيج حريري، يُثبت فيها العمل الفني الأصلي على النسيج بآلية طباعية معقّدة يتضمّن تثبيت كل لون بشكل فردي وفي طبقات عدة، للحصول على سماكة معيّنة من الحبر على القاعدة النسيجية. أما الخطوة الأخيرة فهي عملية النقش التي تُبرز كل نقطة وكأنها ناتئة من القماش. كذلك، استُخدِمت تقنيات حرفية عالية أخرى، مثل تطعيم الجلود وتطريزها. تقول كوساما: "أنا راضية جداً، كما كنت في السابق أو حتى أكثر".
إن نظرنا إلى المجموعة من منظار الوسائط المرئية، فهذه خطوة أخرى إلى الأمام حتى بالنسبة إلى كوساما. فالمجموعة تحظى برعاية تقنية متقدّمة، باستخدام لوحات إعلانية تعتمد تقنية الخداع البصري، وتجربة الواقع المعزّز، وتطبيق للألعاب. تقول أرنو: "ما التزمت Louis Vuitton يوماً رؤية الموهبة الفنية بهذا التمام والكمال كما فعلت في هذا المشروع". في متاحف العالم، يصطفّ الزوّار ساعات لدخول غرفة من غرف كوسوما Infinity Mirror Rooms، لمجرّد المفاخرة بأنهم خاضوا هذه التجربة. سنراهم يصطفّون في متاجر Vuitton لتجربة مماثلة.
