مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

تصميم

تعرّفوا إلى مبدعي Carpenters

محجّة الفنون الأحدث عهداً في لندن تجمع في رحابها بعضاً من العقول الإبداعية العظيمة

الفنانون كريستوفر لو برون، وفينشنزو دو كوتيس ويينكا إيلوري؛ جوليان لومبريل ولويك لو غايار، المؤسّسان المشاركان لـLadbroke Hall وCarpenters Workshop Gallery؛ والفنانان إنغريد دونات وناتشو كاربونيل © توم جيميسون الفنانون كريستوفر لو برون، وفينشنزو دو كوتيس ويينكا إيلوري؛ جوليان لومبريل ولويك لو غايار، المؤسّسان المشاركان لـLadbroke Hall وCarpenters Workshop Gallery؛ والفنانان إنغريد دونات وناتشو كاربونيل © توم جيميسون

إنه الميدان المثالي"، يقولها لويك لو غايار من صالة عرض Carpenters Workshop Gallery رافعاً صوته فوق صخب المطرقة والحفر. ويشير، ممسكاً بخوذته، إلى مدخل مبنى Ladbroke Hall المشيّد في عام 1903 والمدرج في قائمة المباني ذات الأهمية الخاصة في نوتينغ هيل بلندن، وكان في الأصل مقرّاً لشركة Sunbeam Talbot Motor Company. يتابع: "نبني هنا مجتمعاً للناس والمبدعين. أهلاً بكل من يرغب في الذهاب بعيداً في التعبير الفنّي". هذا أعظم ما أنجزه لو غايار وصديق طفولته المؤسّس المشارك جوليان لومبريل؛ إذ ابتاعا هذا العقار قبل أربعة أعوام وباشرا في تحويله إلى محطة رئيسة لهما في لندن، حيث افتُتِح هذا الملتقى الفني في ربيع 2023، بكلفة قاربت 30 مليون جنيه.

لم يخوضا هذه المسيرة وحدهما، بل جمعا فريقاً من الفنانين والمصمّمين يساعدهما في تصميم جمهوريتهما الإبداعية الفاضلة. تولّى المعماري الغاني - البريطاني دايفيد أدجاي الإشراف على التحوّل في المبنى حيث صالة العرض، فيما اهتمّ المعماري والفنان الإيطالي فينشنزو دو كوتيس، ومعه المصمّمة والفنانة الفرنسية ميشيل لامي، بالمنطقة المخصّصة للضيافة. أطلق أدجاي أثاثاً جديداً في معرض منفرد عند افتتاح مركز Ladbroke Hall، فيما تضمّن معرضٌ افتتاحي ثانٍ – تخلّله إطلاق قسم جديد في صالة العرض والتوسّع نحو عرض الأعمال القديمة – أعمالاً للمعماري البرازيلي الراحل جوزيه زانين كالداس.

مبنى Ladbroke Hall المدرج في قائمة المباني ذات الأهمية الخاصة في نوتينغ هيل © توم جيميسون

وضع أدجاي، وهو أحد المتعاونين الأساسيين في المشروع، تصوّراً للتوسعة العصرية التي ستتوّج العمل في الموقع، والتي يسمّيها لو غايار "كاتدرائيتـه المجنونة"، ومتوقّع أن ينتهي بناؤها بحلول عام 2025 إذا جرى كل شيء وفقاً للخطة المرسومة. في "معبد التصميم" الشبيه بالمسلّة من تصميم أدجاي، يتسلّل الضوء من سقفٍ مغطّى بالزجاج لينير الداخل الشبيه بغرف الدير؛ سيكون هذا مكاناً لتأمّل التصميم، أو ربّ قائل إنه سيكون مكاناً لتمجيد التصميم.

يقول لو غايار: "Ladbroke Hall هو المساحة التي حلمنا، جوليان وأنا، دائماً بتصميمها منذ عام 2006 حين أنشأنا صالة عرض صغيرة في تشيلسي"، مستذكِراً مساحتهما الأولى داخل ورشة نجارة قديمة، شكّلت منصّةً لقطع أثاث ولأغراض محت الخطوط الفاصلة بين الفن والتصميم. بعد عام، افتتحا مكاناً جديداً في مايفير، ثم صالتين إضافيتين في باريس، ومزيداً من صالات العرض في نيويورك ولوس أنجليس. سيكون Ladbroke Hall محجّتهما الكبرى. يقول: "لن يكون مكاناً لمشاهدة أعمال فنية وتصاميم رائعة فحسب، إنما أيضاً لتناول طعام شهيّ والاستماع إلى موسيقى رائعة وتسجيلها. سنرقص التانغو ونستمع إلى الجاز، ونتجوّل في الحدائق المنسّقة والشرفة على السطح. سيكون مكاناً للقاء أشخاص مثيرين للاهتمام واستكشاف الإبداع بمختلف أشكاله".

DC1716، من عام 2017، من إبداع فينشنزو دو كوتيس © توم جيميسون

لصالة العرض سجّلٌ حافل في الاستكشاف الإبداعي والتعاون مع المبدعين، وقد سُلِّم جزء كبير من مبنى Ladbroke Hall الممتدّ على مساحة 43,000 قدم مربّع إلى فنانين ومصمّمين ليكون مشروعاً يعملون عليه. قال لو غايار وهو يعطيني خوذة ويختفي عبر باب جانبي: "جلنا معاً في أرجاء المكان وقالوا لنا أين يمكنهم أن يشعروا بالطاقة. ثم تركناهم يذهبون، من دون تكليفهم بشيء محدّد".

سيكون مكاناً لاستكشاف الإبداع بمختلف أشكاله"

في الداخل، تجنّبنا السقالات والعمّال الذين يطرقون الألواح الجصّية قبل الوصول إلى المدخل الأصلي للمبنى، وقد حُفظت العمارة الأصلية الرائعة عند تحويله إلى مطعم. هنا، سيتولّى الشيف إيمانويل بوليني شؤون المطبخ، وسيضيف المعماري دو كوتيس بصمته على الأجواء، أما الإثارة فتولّدها أربعة أعمال فنية ضخمة خاصة أبدعها الرئيس السابق لأكاديمية Royal Academy of Arts كريستوفر لو برون الذي أشار إلى أن موضوع الأعمال الفنية يتمحور حول الأسس الكلاسيكية للرسم، أي اللون والضوء والوقت. يقول عن أعماله الفنية: "أتاحت لي تطوير مواضيع وأنماط كبيرة الحجم حقاً، استناداً إلى أعمال عُرِضت أخيراً في لندن وشنزن"، مضيفاً: "إنها رسوم من دون أي أجندة في ما خلا الأجندة الأعمق المتمثّلة بالمتعة والمواساة والشعور بأن الفن ممكن". لو غايار متحمّس للمساهمة التي يقدّمها لو برون، مستشهِداً بلوحات روثكو في فندق Four Seasons. يقول متشدّقاً في الكلام على طريقة شعوب بلاد الغال: "جاء إلى هنا مبدياً رغبته في أن يكون جزءاً من المشروع الذي نعمل على تصميمه".

القطعة المحورية في المطعم الذي يتّسع لستين مقعداً، وهي ثريّا عملاقة تعكس النهج الملموس والتركيبي الذي اعتمده ناتشو كاربونيل في النحت. يقول كاربونيل: "سيكون مكاناً ممتعاً للحواس".

تكتسب فكرة إشراك الحواس بعداً حيوياً حين تطأ أقدامنا أرض الطابق الأوسط المطلّ على غرفة الأداء حيث الجدران مجهّزة صوتياً للموسيقى، والمكان مهيّأ لسلسلة من التجمّعات، ابتداءً من نوادي العشاء وانتهاءً بورش العمل، وعروض الأفلام، والتجهيزات، والأعمال المسرحية والفعاليات الموسيقية المعتمدة على الآلات الصوتية. فيما كنّا نلقي نظرة فوق درابزين حديدي أصلي على المساحة البيضاء في الأسفل، يشرح لو غايار: "نريد تغيير الطريقة التي تعمل بها صالات العرض العصرية، فالصالات التي تزورها ثم تغادرها باتت نموذجاً قديماً مرّ عليه الزمن، إنه نموذج مكبّل بالقيود، وغالباً ما يكون تجارياً. نعيش في زمنٍ نحتاج فيه جميعنا إلى الاستثمار بقدر أكبر كثيراً في المشاعر". يتابع: "نريد أن ينخرط الأشخاص في حياتنا وأن يمضوا أوقاتاً هنا".

طاولة Yaawa المستديرة الجديدة من تصميم ديفيد أدجاي © توم جيميسون
Lady Midnight (سيّدة منتصف الليل)، من عام 2014، ممهورة بتوقيع وندل كاسل أمام Colourful Balls Bubble Lamp (166/2019) (المصباح الفقّاعي ذو الكريّات الملوّنة)، من عام 2019، من إبداع ناتشو كاربونيل وBibliothèque Quatre Saisons (مكتبة الفصول الأربعة) من ابتكار إنغريد دونات (إلى اليمين) © توم جيميسون

في اللحظة الملائمة، قادني لو غايار إلى مساحة أُطلِق عليها اسم Lamyland (أرض لامي)، فهي تجسّد رؤية المصمّمة والفنانة الفرنسية ميشيل لامي للبار - لاونج ومحترف التسجيل في Ladbroke Hall: إنها مساحة رائعة للاستراحة والانتقال من النهار إلى الليل. تتحدث لامي نفسها عن ابتكار "مساحة تقنية" بوحيٍ من تاريخ كينغستون، مهد موسيقى السكا والريغي الجامايكية. تقول: "صمّمت أيضاً ’مولوداً‘ لمطعمي Les Deux Café [مطعمها في لوس أنجليس]، حيث يُقدَّم طعامٌ عضويٌّ فقط على طريقة Chez Panisse، وستصدح فيه الموسيقى".

تسارعت وتيرة الجولة الغامضة التي اصطحبني فيها لو غايار مع اختفائه عبر مدخل مغطّى بالقماش المشمّع وظهوره في الخارج تحت أشعّة الشمس. فوجئت بالحفريات المتوغّلة عميقاً في باطن الأرض خلف المبنى، حيث يشيَّد قبو للنبيذ وصالة عرض جوفية يملكهما المعماري البلجيكي نيكولاس شويبرويك: إنه كهفٌ مظلم أجواؤه مميّزة ومغلَّفٌ بطابع شبه سرّي، ما يُحوّل تجربة التأمّل في المكان إلى ما يُشبه العرض المسرحي، وينقض المفهوم التقليدي المتعارف عليه لصالة العرض.

ميشيل لامي مع لويك لو غايار © توم جيميسون
Stag Chair Black Plywood Right (كرسي الأيل بالخشب المضغوط الأسود)، من عام 2007، صمّمه ريك أوِنز © توم جيميسون

يطلّ المكان على واحةٍ ستتحوّل إلى مطبخ خارجي وقاعة استقبال ومعمل للتصوير الفوتوغرافي. المناظر الطبيعية الخضراء شكلٌ من أشكال التعبير الإبداعي، ممهورة بتوقيع مصمّم الحدائق لوسيانو جيوبيلاي المقيم في لندن. قال لو غايار، وكأنه يتكلّم بسرعة ألف ميل في الساعة: "فاز في Chelsea Flower Show لعام 2014 لكنه فنان حقيقي، البستنة هي شكلٌ من أشكال الفنون"، مضيفاً: "صمّم مساحة خضراء تنساب كما الأفعى وتفيض سحراً عند واجهة المبنى، حيث تتفتّح الزهور مرّتَين في السنة".

"نزرع بذوراً هنا ونعلم أن شيئاً جميلاً سينبت لاحقاً"

كان لو غايار متحمّساً ليُريني صالات العرض في Carpenters Workshop من الداخل، حيث يشغل مبتكرون آخرون في الطابق الأول، أو "طابق البيانو" كما يُسمّيه، غرفاً خاصة: ستكون غرفة الفنانة الفرنسية - السويدية إنغريد دونات صالوناً فخماً، حيث سيُكمِّل ورق البرشمان الجدران الأصلية المكسوّة بالألواح، وتُغطّى الغرفة بأقمشة خيطت يدوياً. أما غرفة الطعام الدراماتيكية التي يشغلها دو كوتيس فتحتضن، في جزءٍ منها، أثاثاً وأدوات إنارة من مجموعة En Plein Air مصنوعة بالفيبرغلاس المعاد تدويره. يقول دو كوتيس: "تتردّد في المكان أصداء التفاصيل الناعمة والبرّاقة والأشكال الخطّية الداكنة التي تذكّر بالمشاهد الحضرية".

في نظر لو غايار، هذه المساحات هي إعلان نوايا. يقول: "نريد استخدام لغة المؤسسات أو المتاحف؛ بعيداً من فكرة أنها صالة عرض"، مضيفاً: "أريد أن يشعر الجميع أنهم قادرون على الدخول وتثقيف أنفسهم عن التصميم. لا نريد التنوّع في الفنانين الذين نعمل معهم فحسب، إنما أيضاً في من يزورنا، سواء أكان قادماً من مدرسة محلية أم كان يعمل في مجال الموضة أو الفنون أو التصميم. حقّق عملنا نجاحاً كبيراً، ونريد الآن أن نقدّم شيئاً في المقابل. نزرع بذوراً هنا، لا نعرف ما هي، لكننا نعلم أن شيئاً جميلاً سينبت منها".

عندما افتتح Ladbroke Hall أمام الجمهور، عُرضت أعمال فنية مهمّة من توقيع ريك أوِنز، ومارتن باس، ونيكو كورونيس، وStudio Drift وAtelier Van Lieshout، ومن العروض الجديدة المزمع تقديمها في العام المقبل عرضٌ منفرد للفنان المتعدّد الاختصاصات يينكا إيلوري المقيم في لندن. يقول ملمّحاً: "سيرسم المعرض مسيرتي في العمل مصمّماً يبحث عن تحوّلات، وتأثيرات جديدة وطرق لسرد القصص".

ربما يثير ذلك شهيّة رعاة المركز المحتملين الذين يقتصرون على نحو 2,000 شخص "يفكّرون بالطريقة نفسها وهم مختارون بعناية شديدة". يقول لو غايار: "سيساعدون في رسم معالم النقاش حول ما نفعله هنا، ويتمتّعون أيضاً بمشاركة مميّزة في بعض الفعاليات الثقافية والتجارب التي سننظّمها هنا وفي الخارج. لكن الجميع موضع ترحيب"، مشدداً على التزام صالة العرض برنامجها المجتمعي الذي يسعى إلى توفير "فرص مؤثرة" للشباب في المنطقة بتحفيز الإبداع فيهم.

يتطلع إيلوري إلى أن يكون جزءاً من هذا المجتمع المحلي الإبداعي. يقول مبتسماً: "نوتينغ هيل، خصوصاً لادبروك غروف، منطقة تنبض بالطاقة العالية". يعقّب: "لكن في الوقت الحالي، ليس ثمة ما يضاهي Ladbroke Hall. أنا متحمّسٌ لرؤية هذا المشروع يتحوّل إلى جزء من الثقافة والإرث المحليَّين".

الماكياج: إستير إديم، تصفيف الشعر: مورييل كول

0 تعليقات

شارك برأيك