مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

إبداع ثنائي

"إنه يعرف Genta أفضل مني"

تعيد Louis Vuitton إطلاق علامة Gérald Genta التجارية الأسطورية تحت إشراف جان أرنو. وهو يفعل ذلك بمباركة السيدة جينتا

أرنو وإيفلين جينتا في سفارة موناكو بلندن © جوليان برود أرنو وإيفلين جينتا في سفارة موناكو بلندن © جوليان برود

كانت سفيرة موناكو في بلاط سانت جايمس (وكازاخستان بشكل متميز) من ثوابت الحلقة الدبلوماسية في لندن لأكثر من عقد. ربما رأيتموها في أحد احتفالات اليوم الوطني، وهو الأساس الذي يقوم عليه المشهد الاجتماعي للسفراء. وإن رغبتم يوماً في الانتقال إلى موناكو، فضروري أن تكونوا قد قابلتموها لتثبتوا أنكم أهلٌ للإقامة في الإمارة. بوصفها دبلوماسية ماهرة تمثل تجسيداً للتوازن والأناقة، تعطي الانطباع بأنها تمارس ذلك طوال حياتها العملية. لكن هذا هو التجسّد المهني الثاني لإيفلين جينتا، التي كانت يوماً العقل التجاري المحرّك لأحد أعظم الأسماء في تصميم الساعات، جيرالد جينتا.

مشرقة الوجه، تقول: "التقيت جيرالد في حفلة عشاء بمونت كارلو في أوائل الثمانينيات"، وتضيف مبتسمة: "أمضى المساء يخبرني أن ساعتي قبيحة".

جيرالد وإيفلين جينتا في مصنعهما السويسري في عام 1985 © Gérald Genta Heritage Association

أثبت كلامه ذاك أنه أحد المفاتيح غير المألوفة للدردشة، لكنه كان فاعلاً، إذ تزوّجا بعد ستة أشهر، وأمضت هي حقبة طويلة من آخر عقدي القرن العشرين تبيع أثرى أثرياء العالم ساعاتٍ مبتكرةً. بالعودة إلى الثمانينيات والتسعينيات، أكان المرء سلطاناً أم شيخاً، ملكاً أم أميراً، ويميل إلى ما تصفه بتسمية "الساعات الفاخرة" ويملك من المال ما يكفي ليتحمّل تكلفة هذا الميل، فسيعرف السيدة جينتا.

ما أردت أن يصير جيرالد نسياً منسياً. لكنني لا أريد أن تُختزل ذكراه في ساعتي Nautilus وRoyal Oak"

توفي جيرالد جينتا في عام 2011، وما عاش ما يكفي من السنين ليرى الصخب الذي تثيره ساعاته، وتحديداً Patek Philippe Nautilus وAudemars Piguet Royal Oak اللتين صمّمهما في السبعينيات. وبعد وفاته، صارت شهرته مصدر ألم وفخر لأرملته. تقول: "ما أردت أن يصير جيرالد نسياً منسياً. لكنني لا أريد أن تُختزل ذكراه في ساعتي Nautilus وRoyal Oak. فهو يستحقّ أكثر كثيراً من ذلك". 

ساعات من أرشيف جينتا، وبينها (في الوسط) ساعة Gefica Safari من عام 1984 والمخصّصة للصيادين والمستكشفين © جوليان برود

يتدخّل الرجل الوسيم ذو الشعر المتمايل الجالس بجانبها على أريكة جلدية، كما لو كان يتحيّن اللحظة ليتكلّم. يقول: "ثمة أشخاص يُنسَب إليهم الفضل في إخراج صناعة الساعات السويسرية من أزمة الكوارتز. حين تنظرون إلى الساعات التي أنتجتها علامة Gérald Genta التجارية خلال ذلك الوقت: الساعة الدقّاقة الفخمة والساعات الدقّاقة والتقويمات الدائمة، فهو بالتأكيد واحد من هؤلاء الأشخاص". 

يتحدّث جان أرنو بحماس الشباب، وهو يتقن الكلام. يمكنه أن يخبركم بالتفاصيل الدقيقة عن الفارق بين الساعة الدقّاقة الفخمة والعادية، أو أن يسرد تواريخ الإنتاج والأرقام التسلسلية والمعلومات المعقّدة الخاصة بصناعة الساعات. إن هؤلاء الشباب الخبراء في الساعات أكبر عدداً ممّا تظنّون. مع ذلك، هذا الخبير فريد من نوعه: إضافة إلى معرفة الدليل القديم لجيرالد جينتا ككاهن يعرف تعاليمه عن ظهر قلب، يمكنه في الواقع توظيف معرفته المكينة هذه، مثل إحياء العلامة التجارية.

إذ يبلغ الآن 24 سنة، انضمّ الابن الخامس والأصغر لبرنار أرنو (مؤسس LVMH ورئيس مجلس إدارتها ورئيسها التنفيذي) إلى الشركة العائلية في أيلول (سبتمبر) 2021 عندما بدأ العمل في قسم الساعات لدى Louis Vuitton. في أقل من عامين، حول ما كان في الأساس قطاعاً من القطاعات الإنتاجية لعلامة LV التجارية إلى علامة تجارية متخصصة في إنتاج إصدارات محدودة من الساعات تستحق المتابعة. في عام 2021، فازت Louis Vuitton بواحدة من أهم جوائز Grands Prix d’Horlogerie de Genève.

أرنو والسيدة جينتا في لندن © جوليان برود

بصفته فرداً من أفراد الأسرة، يمكنه تحقيق الإنجازات. يتذكّر أرنو: "كنت أناقش صناعة الساعات مع والدي، فورد اسم جينتا. قال: ’ألا نملك Genta؟‘". كانت Gérald Genta هادئة نسبياً خلال السنوات الـ20 الماضية بوصفها جزءاً من Bulgari. يضيف: "ثم قال لي: ’لماذا لا تديرها؟‘". وإذ لم يستطع أرنو التفكير في سبب وجيه يمنعه، يعيد إطلاق العلامة التجارية. وهكذا، سيتمّ إحياء Gérald Genta وتشغيلها بوصفها علامة تجارية مستقلة تُصنَّع في La Fabrique du Temps، مصنع LVMH المتطور لصناعة الساعات في سويسرا.

أوّل ما فعله أرنو هو دعوة السيدة جينتا إلى La Fabrique du Temps. "وجدت الأمر مؤثراً جداً لأنني قابلت إنريكو بارباسيني وميشال نافاس"، تقول عن المتخصّصَين في الساعات الوظيفية اللّذين يديران LFDT منذ افتتاحه في عام 2014. "كانا نجمين لدينا وعملا معنا بشكل وثيق. كنت وجيرالد نراهما في كل صباح".

جان أرنو يحمل قطعاً من أرشيف جيرالد جينتا؛ يحمل ساعة Mickey Mouse Fantaisies ذات إطار مرصّع بالألماس © جوليان برود

كان ثمة تلاقٍ آخر مفاجئ ينتظر السيدة جينتا في مكتب أرنو. "أحضر أربع ساعات جيب رائعة من Gérald Genta؛ كانت من الروائع"، تكشف قائلة. "عندما رأيتها، كدت أبكي لأنني تذكّرت لحظة بيعها".

حصل ذلك قبل عام، وظلّ الاتصال بينهما مستمرّاً منذ ذلك الحين. يقول أرنو: "من أحاديثنا الكثيرة المتبادلة في العام الماضي، أعتقد أنني فهمت قليلاً جوهر ما كانت عليه Genta في ذلك الوقت".

يبدو الأمر كما لو أن جيرالد يعود إلى الحياة من جديد"

تصحّح السيدة جينتا قائلة: "إنه يعرف Gérald Genta أفضل مني. لقد غاص في تفاصيل كبيرة، وهو شغوف فعليّ بالساعات". واضح أن أرنو متأثر بحكايات السيدة جينتا عن حياتها مع جيرالد: مرّ وقت كان فيه مجبراً على إصلاح سوار زمردي بمديةٍ عسكريةٍ سويسرية فيما كانت تشتّت انتباه حاكم ثري. في مناسبة أخرى، حاولت أن تخبر رئيس دولة ثرياً أنه لا يستطيع تحمّل تكلفة أتمتة دولاب ملاهٍ مصنوع بالذهب الخالص ارتفاعه متر (تشغل كل مقعد شخصية من Commedia dell’arte مطلية بالمينا)، لأنها كانت تخصّ عميلاً آخر أشدّ ثراء. أجاب جلالته: "سيدتي، قد لا يكون هذا الملك الفقير غنياً مثل عميلك المفضّل، لكن في بيت المال دراهم كثيرة".

لكن، بالنسبة إلى جميع القصص المسلّية، الأمر أبعد ما يكون عن رحلة حنين. يقول أرنو: "لست من هواة إعادة إصدار الساعات المطابقة لما صدر في الماضي، لذلك لن نفعلها. وبدلاً من ذلك، سنستوحي ممّا كان يجري مع علامة Gérald Genta التجارية في الماضي، ومن آلاف الرسوم التفصيلية التي وضعها، لتكون ملائمة للقرن الحادي والعشرين. نبقي عددها قليلاً جداً جداً ونركّز على جانب الفخامة في صناعة الساعات".

يُتوقّع الإعلان عن المزيد من التفاصيل عن هذه الساعات في وقت لاحق من هذا العام، مع توافر القطع الأولى في العام المقبل (في مقابل مئات الآلاف من الجنيهات). وبما أن أرنو غير حريص على إصدار ساعات نادرة عددها محدود، تسعى ساعاته إلى أن تكون ما كان جينتا ليصنعه اليوم، إذ يوصف نافاس وبارباسيني بأنهما حاضنا المشروع بعد أن عملا لدى جينتا في الماضي. وكما يقول أرنو، إنهما يعرفان روح العلامة التجارية ويمكنهما تفسيرها بطريقة تلائم العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.

جيرالد جينتا في عام 1979 © Shutterstock 

بحسب السيدة جينتا، هذه استراتيجية كان زوجها الراحل سيوافق عليها. تقول: "لم ينظر جيرالد إلى الوراء يوماً. لم يهتم بالماضي أبداً. كان همّه دائماً الساعة التالية. أنا سعيدة لأننا نمضي قدماً مع الشباب". ترمق أرنو بنظرة مفعمة بالولع وتضيف: "ومع بعض النماذج التي صمّمها جيرالد، وهي طليعية جداً. يمكننا ضمان بقاء العلامة التجارية التي كنت أشعر بألم شديد حين أرى النسيان يطويها. يبدو الأمر مثل ..."، تسكت مؤقتاً. "يبدو الأمر كما لو أن جيرالد يعود إلى الحياة من جديد".

0 تعليقات

شارك برأيك