مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

الذواقة

مايكل شو: "أحلم باقتناء الموناليزا ولو لساعات"

الفنان الأسطوري وصاحب المطاعم يتحدّث عن "المظهر الذي يطبع الهويّة"، والطحالب البحرية وكيف غيرت إحدى لوحات سالفادور دالي حياته

مايكل شو في منزله في لوس أنجليس، مع (إلى يساره) لوحة Blue one Breath (نفَس واحد أزرق) من مجموعته One Breath (نفَس واحد)، و(إلى يمينه) Mona Lisa (موناليزا) بريشة غوس فان سانت © أريانا لاغو مايكل شو في منزله في لوس أنجليس، مع (إلى يساره) لوحة Blue one Breath (نفَس واحد أزرق) من مجموعته One Breath (نفَس واحد)، و(إلى يمينه) Mona Lisa (موناليزا) بريشة غوس فان سانت © أريانا لاغو

العلامة الفارقة في أسلوبي الشخصي هي شارباي ونظّارتي. تركت شاربَيّ ينموان حين كنت بعد صغيراً جداً – كانت الشوارب موضة رائجة آنذاك بسبب كلارك غايبل – وهذه كانت بداية ما أسمّيه "المظهر الذي يطبع هويّة الشخص". إنها وسيلة تتيح التعرّف فوراً إلى هويّة الشخص. أعظم الشخصيات التي عُرِفت بالعلامة الفارقة التي تطبع مظهرها أندي وارهول بشعره المستعار المضحك. أتبنّى جزءاً كبيراً من فلسفة أندي وارهول، لكن في حالتي، أفعل ذلك لأسباب عملية. فنظراً إلى العنصرية التي سادت بقوّة في تلك الفترة، كان عليّ أن أضع قناعاً لأخفي مظهري الصيني كي أتمكّن من الاستمرار في الغرب. لم يكن ممكناً أن أتقنّع بقناع حقيقي، لذا أصبحت النظّارة علامة مسجّلة في مظهري الشخصي. إنها من Cutler and Gross، تُصنَع بلونَين وتُسمّى نظّارة Mr Chow. كذلك بالنسبة إلى حذاء George Cleverley الذي أنتعله (يسمّونه أيضاً حذاء Mr Chow).

نظّارته المفضلة من Cutler and Gross © أريانا لاغو

آخر ما اشتريته وأحببته هو اللوحة الأخيرة بريشة بيتر بلايك. لطالما استهواني البورتريه الأخير لبيكاسو. بدا في حالة مريعة. كان عجوزاً، علماً أنه عاش حياة مدهشة مفعمة بالطاقة. في النهاية، دقّت ساعة الموت. رسم هذا البورتريه الذاتي الذي يلامس أسلوب الفنّ المتنافر الذي عُرِف به [فرانسيس] بيكون. وهكذا، حين رأيتُ السير بيتر مجدّداً قبل أشهر – بالمناسبة، أحبّ الإيحاء بأن شبكة علاقاتي واسعة - أخبرني أنه توقّف عن الرسم، فاشتريت لوحته الأخيرة. إنها تجسيد للحياة الساكنة نوعاً ما بعنوان The Plum (الخوخ)، وهي صغيرة حجماً. أصبحت أحجام لوحاته أصغر فأصغر. وهذه قد تكون لوحته الصغرى على الإطلاق. إنها جميلة.

لوحة The Plum (الخوخ) بريشة بيتر بلايك © تقدمة Waddington Custot

مكان يعني لي كثيراً هو لندن. هنا بدأتُ مزاولة الرسم في أواخر الخمسينيات، حين التحقتُ بكلية Saint Martin's. أنجزت مئات الرسوم. حالفني الحظ إذ أُتيحت لي فرصة مواكبة الأحداث البارزة التي شهدتها لندن في ما يُعرَف بالستينيات المتأرجحة. كانت فترة حافلة بالطاقة والحماسة. تربط بريطانيا بالفنون البصرية علاقة مهمة جداً. فيها افتتحت أيضاً مطعمي الأول في عام 1968. الآن، أعيش في لوس أنجليس، أرض الأفلام. وهذا ما يميّزها. لكن الطابع الثقافي في أميركا مختلف. بالنسبة إليّ، تتميّز لندن بثقافة الحوار بين الفنانين بدرجة أكبر كثيراً.
 
أجمل تذكار حصلت عليه هو قطعة بلاط خزفية صينية للسقف أحضرتها من شنغهاي. ليست بشيء مهم حقاً، إذ أحضرتها من ورشة هدم، لكنها تجسّد في نظري جوهر الصين وعظمتها. إنها تنبض روحاً بقوّة في ذاكرتي.

شو في غرفة الجلوس، وخلفه عمل فني بريشة كاثرين أندروز © أريانا لاغو

منتج للعناية الشخصية لا أستغني عنه أبداً هو Touch of Grey من Just for Men. زيادة الوزن نزعة رائجة عند الرجال، وأنا أحاول تجنّب البدانة المفرطة. أصبحت أصلع قليلاً. لكن، على الأقل، لم يغزُ الشيب رأسي. Touch of Grey شامبو يجعل لون الشعر داكناً كلما استخدمته. قد يسبّب بعض الفوضى، إذ عليك أن تتركه على شعرك خمس دقائق... لكن النتيجة رائعة! تتسلّل بعض الخصل البيضاء، ما يُضفي مظهراً طبيعياً على الشعر. الرجل الحقيقي هو مَن يُقرّ بذلك.

منتج للعناية الشخصية لا يستغني عنه أبداً 

مصادر رفاهي هم اختصاصيو العناية بالوجه لدى Biologique Recherche. أجدهم في باريس ولوس أنجليس، وهم يجيدون عملهم. أقصدهم قائلاً: "أعطوني المستحضر الباهظ الثمن الذي يجعلني أبدو شاباً". وولداي الصغيران – أحدهما في الثالثة من عمره، والثاني بلغ عامه الأول – يُبقيانني شاباً أيضاً. مثلاً، يمكنني أن أنهض بسرعة كبيرة حين أكون جالساً على الأرض. وهذا ما يعجز عنه عدد كبير ممن هم في سنّي.

كتابه المفضل الذي قرأه أخيراً © أريانا لاغو

أفضل كتاب قرأته في العام الماضي هو Modernists & Mavericks (حداثيون ومنشقّون)، من تأليف مارتن غايفورد. قرأت أربعة كتب فقط طوال حياتي: The Catcher in the Rye (حامي الطفولة) بقلم جيه دي سالينجر، وMagnificent Obsession (الهوس الرائع) للكاتب لويد سي دوغلاس، وGone with the Wind (ذهب مع الريح) للكاتبة مارغريت ميتشل، وأخيراً الكتاب الذي ذكرته. إنه يتناول الفن البريطاني على امتداد 25 عاماً، من الحرب العالمية الثانية إلى مرحلة السبعينيات، فهو عن هوكني وبيكون وفرويد وغيرهم.
 
أيقونتي في الأناقة فريد أستير، لأنه كان أنيقاً جداً. بالمناسبة، ثمة خيطٌ رفيعٌ جداً بين الأناقة والغطرسة.

أيقونته في الأناقة: فريد أستير © Corbis من خلال Getty Images
المناظر الطبيعية حول منزله في لوس أنجليس © أريانا لاغو

أفضل هدية جميلة تلقّيتها هي عرضي الأخير في صالة عرض Waddington Custot في لندن. جايكوب [تايفورد، المدير الأول لصالة العرض] هو مَن أتاح لي الفرصة لأعرض أعمالي، وهذا يعني لي الكثير. هذا ليس هراءً. اصطدمت طوال حياتي بالرفض في الفنّ. إنها معاناة كبيرة. ثم جاء مَن يقدّرني... إنها حقاً أعظم هدية.
 
وأفضل هدية جميلة قدّمتها أخيراً كانت إلى جايكوب نفسه. إنها إحدى لوحاتي من مجموعة One Breath (نفَس واحد)، والتي استغرق إنجازها جزءاً من الثانية. ضربة مطرقة خشبية على الورقة وانتهى الأمر. وقّعتها "إلى عزيزي جايكوب".

ثلاجته © أريانا لاغو

في ثلاجتي تجدون دائماً طحالب بحرية. إنها هلامية – في الواقع، لا أعرف ما هي، لكنها باهظة الثمن جداً، ومذاقها مريع لكنها مفيدة جداً للصحة. منذ تفشّي جائحة Covid وما شابه، أواظب دائماً على تناول الطحالب البحرية. وهناك أيضاً البيض الذي أستخدمه في لوحاتي.
 
اكتشفت أخيراً الكلمتَين الشهيرتين اللتين كان أندي وارهول يردّدهما، واللتين غيّرتا حياته: "وإن يكن"... لا شيء يهمّ.
 
آخر قطعة أضفتها إلى خزانتي هي نظّارة. فقدتُ نظّارتي التي أستخدمها عادةً، فقصدت متجر Boots حيث وجدت نظّارة زرقاء للأطفال جميلة جداً. بعض النظارات تتكوّن عليه طبقة من البخار، لكنّ الأمر مختلف مع هذه النظارة لأنها صغيرة جداً.
 
الشيء الذي لا يفارقني إطلاقاً هو إحدى الرسائل التي كتبتها إلى شقيق زوجتي، منغ هوا، باللغة الصينية. أصيبت كلّها بالتلف خلال الاضطرابات في الصين إلا واحدة، وحتى هذه الرسالة هي نسخة عن الأصلية، كما أعتقد. إنها قصاصة ورقة ذات قيمة كبيرة بالنسبة إليّ.

حمام رخامي في منزله © أريانا لاغو

عمل فني أشتريه إذا استطعت هو لوحة الموناليزا. كان لي حديث خاص مع الموناليزا في متحف اللوفر في باريس، ويستهويني أن أمتلكها ساعات قليلة. بادئ ذي بدء، سيكون ذلك جيداً جداً للإيحاء بامتلاك شبكة علاقات واسعة. لكنني أعتقد أيضاً أنه عمل فنّي عظيم. إنه معقّد على نحو استثنائي، حتى المشهد في الخلفية. اللوحة بكاملها. رسم ليوناردو دافينشي أقلّ من 20 لوحة فقط، أو ما يناهز هذا العدد الضئيل. للمقارنة، أنجز بيكاسو أكثر من 13 ألف لوحة...

شو يكسر بيضة، فهو يستخدم البيض في رسومه © أريانا لاغو

غرفتي المفضلة في المنزل هي الحمام. الصباح هو الوقت المفضّل بالنسبة إليّ. يكون ذهني صافياً جداً وأكون في قمّة سعادتي. أربط هذا الشعور بالحمام، حيث أحلق ذقني وأعتني بأموري الشخصية... التغوّط مهم أيضاً. يصبح مهماً جداً للمتقدّمين في السنّ، لأنه يولّد تناغماً جسدياً. حتى التبوّل. هذه الأمور كلّها التي نعتبرها من المسلّمات متعلّقة بصحّتنا الجسدية والنفسية.

بالمناسبة، أحبّ الإيحاء بأن شبكة علاقاتي واسعة

 في حياة أخرى، أريد أن أكون كما أنا بالضبط. لن أستعيض عن ذلك مقابل أي شيء. أُنعِم عليّ بالكثير طوال حياتي. كان عليّ التخلّي عن الرسم نصف قرن. رسمت على مدى 15 عاماً حين كنت أصغر سناً، والآن أزاول الرسم من جديد منذ 12 عاماً. أخيراً، إنه حلمٌ يتحقّق. تعمل شركة أفلام على إنتاج فيلم وثائقي عن حياتي. كأنها تجربة انفصال عن الجسد. أتذكّر كل الأمور التي حدثت وأفكّر في نفسي: "لم أكن أنا".
 
مبناي المفضّل هو مقرّ البرلمان الوطني في داكا، بنغلاديش، الذي صمّمه لويس كاهن. شكله روحانيٌّ جداً، مع انعكاس المياه، وكأنه من خارج هذا العالم بالمعنى الحرفي للكلمة. إنه في نظري المعماري الأعظم على الإطلاق، حتى إنه يتفوّق على فرانك لويد رايت.
 
عمل فني قلب حياتي رأساً على عقب هو لوحة (Soft Construction with Boiled Beans (Premonition of Civil War (بناء ناعم مع فول مسلوق - إحساس ينذر بحرب أهلية) لسالفادور دالي. حين كنت في الرابعة عشرة تقريباً، رأيت اللوحة في مجلة ونسختها. كانت تلك أول مرة أرسم فيها.
 
أفضل نصيحة أُسديت إليّ كانت من والدي، زو شينفانغ، الذي كان عازفاً كبيراً في Beijing Opera وكنزاً وطنياً. افترقنا حين كان عمري 12 عاماً، فقد أُرسِلت إلى مدرسة داخلية في بريطانيا، أولاً في جزيرة وايت، ثم في شروبشاير – وهي نموذج مصغّر عن مدرسة هاري بوتر. كانت مرحلة مريعة. لم أكن أتكلّم الإنكليزية. وفقدت كل ما كان مألوفاً بالنسبة إليّ – ناسي وثقافتي. لكن قبل مغادرتي، قال لي والدي ألا أصغي أبداً إلى الناس حين يصفّقون بأيديهم، بل حين يصفّقون بقلوبهم.

0 تعليقات

شارك برأيك