أسرار في حياة ديان كيتون

إن لم تكونوا قد أمضيتم العقود الخمسة الماضية في عزلة عن العوالم الثرية للثقافة الشعبية، فإنَّ فرص مشاهدتكم فيلماً لديان كيتون ستكون كبيرة للغاية. لقد شاهدناها زوجة رئيس عصابة في The Godfather (العرّاب) (عام 1972)، ثم تتحوّل من صانعة قرار إلى أم تعيش في منزلها في Baby Boom (طفرة في المواليد) (عام 1987)، ثم تسعى إلى الانتقام مع صديقاتها عام 1996 في The First Wives Club (نادي الزوجات الأُولَيات)، ويفاجئها الحبّ عام 2003 مرة أخرى في Something’s Gotta Give (آن أوان الإستسلام)، وأخيراً، تستفيد في عام 2022 من روح ثلاثينية مسجونة في جسم سبعيني في كوميدي Mack & Rita (ماك وريتا).

لكنّ تجسيد كيتون في عام 1977 شخصية آني في Annie Hall (آني هول) لوودي ألن هو الذي حبّبها إلى الجماهير على نحو لم تتوقّعه الممثلة قطّ. "أريد أن أخبرك بشيء ما. حين مثّلت Annie Hall، كان وودي [ألن] يتركني أتصوّر ماذا أريد أن أرتديه"، هكذا تصف ثقة المخرج في أسلوبها الشخصي. تضيف: "كانت هذه هي بداية شيء عظيم بالنسبة إليّ حقاً، لكنني لم أكن أدرك أن من شأن هذا الأمر أن يلهم شخصاً آخر"، معترفة بأنها تبقى مصدومة بمدى تأثير الشخصية بعد عقود. تتذكّر الممثلة قائلة: "كان وودي يقول: 'ارتدي ما ترتدينه'، وكان ذلك نوعاً من التحوّل الذهني لأن [آني] كانت انعكاساً حقيقياً لي. لقد غيّر ذلك كل شيء".

أوصل هذا الدور كيتون البالغة من العمر وقتذاك 30 سنة إلى النجومية. ومنذ ذلك الوقت، ألهم أثر Annie المتبقي أجيالاً من المصمّمين الذين ذكّروا بربطات عنقها الفضفاضة، وصديرياتها المزرّرة عشوائياً، وسراويلها ذات الأرجل العريضة، وقبّعاتها المائلة بلامبالاة. وفي حين تطوّر أسلوب كيتون خلال العقود الفاصلة، بقيت خطوط جسدها أحادية الشكل هي نفسها: أخيراً، ألهبت الإنترنت بوصفها ملهمة "الجدة الساحلية" المنتشرة انتشاراً واسعاً على TikTok والتي حفّزتها شخصية كيتون التي ترتدي كنزات بياقات عالية وتحبّ لوازم الأسرّة بجنون في الفيلم الرومانسي الكوميدي Something’s Gotta Give لنانسي ماير.

أحد الأقمشة سمّي "La-Di-Da Sheer" 

هذا الإفتتان بالنسيج والمساحات الداخلية هو الذي يمنح كيتون الآن، 76 سنة، مهنة بديلة. شهد تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إطلاق مجموعة ابتدائية من الأقمشة مع دار النسيج S Harris. هذه ليست الغزوة الأولى لها إلى المساحات الداخلية: في عام 2017، أصدرت أول كتاب لها بعنوان The House That Pinterest Built (المنزل الذي شيّدته منصة بينترست)، سلّطت فيه الضوء على عمليتها الإبداعية في مجلّد أعاد إلى الحياة منزلها في لوس أنجليس المشيّد في أوائل عشرينيات القرن العشرين. في الربيع الماضي، جاء كتاب التصميم الثاني لكيتون، Saved: My Picture World (مخزنة: صورتي للعالم)، وهو سيرة ذاتية فوتوغرافية لرسوم وكولاجات جمعتها على مدى عقود، وتوضح بشكل جيد جداً أسلوبها الفريد المؤمن بأن الأقل أجمل.

كيتون جامعة نهمة بشكل خاص للصفحات القابلة للنزع ولمرئيات المجلات. تقول، ضاحكة: "الورق وساطتي. لا أمزح حين أقول إن مكتبي مليء بأغلفة سوداء عليها رسوم أحبّها، موزّعة كلها بحسب مرئيات مشاريع البيوت والمنازل الإسبانية التي أحبّ أن أنظر إليها". فهذه الممثلة ضعيفة الإرادة أمام العمارة الإسبانية الإستعمارية، حتى أنها سمّت أحد منازلها: فيلا على طراز النهضة الإستعمارية الإسبانية محتضنة في بيفرلي هيلز. وتعترف قائلة: "تبقى المجلات هدفي. فأنا مدمنة، وليس باليد حيلة".

أثبت هوس كيتون أنه بحث مفيد في تصميمها مجموعتها من الأقمشة التي تتميّز بطبعات قوية يُعبَّر عنها في (لا شيء غير) منتجات أحادية اللون وتركيبات غنيّة مستوحاة من ملابس الرجال. تخرج هذه المجموعة، ويطلق عليها Elements by Diane Keaton for S Harris، من حياتها مباشرة – ابتداءً بميول ملهمتها الدائمة: والدتها دوروثي هول. تقول كيتون عن والدتها، وهي مصوّرة فوتوغرافية، وفنانة كولاج، وخزّافة، وكاتبة يوميات، وملكة جمال أيضاً: "كانت شخصية مثيرة للاهتمام حقاً – لقد أحببتها". كيتون التي تقول إن مشاهدتها والدتها وهي تأخذ اللقب هو ما دسّ فيها للمرة الأولى سوسة الأداء، تتذكّر قائلة: "كانت ملكة جمال هايلاند بارك – هناك نشأنا – ثم أصبحت ملكة جمال لوس أنجليس". تضيف حول هويتهما الفنية المشتركة: "أردت القيام بذلك، مهما كان ذلك. كانت أمي مبدعة حقاً. كانت دائماً تفعل شيئاً بيديها ولم تبتعد يوماً عن ماكينة الحياكة".

"كانت آني هول انعكاساً حقيقياً لي، وقد غيّر ذلك الكثير عندي"

هول هي من عرّفت كيتون على فرح الصناعة والتصميم: "كنا نذهب إلى متجر القماش فتشجعني على تجربة أقمشة مختلفة، وعلى اغتنام الفرص والتلاعب بالمواد. كانت لديّ هذه الأفكار كلها وتركتني أفعل بها ما أريد"، تقول. اتّخذت كيتون النهج نفسه عند إطلاق مجموعة المنسوجات الخاصة بها. تقول جودي فاينر، مديرة الإبداع لدى S Harris ورئيسة العلامة التجارية، إن العمل مع كيتون كان "تجربة مذهلة. كان نهجها بديهياً. لم تنحرف عن رؤيتها قطّ لكنها كانت منفتحة على الإستكشاف. جلست إلى الطاولة وفي رأسها أطنان من الأفكار والكثير من الإلهام، وابتكرنا معاً مجموعة تبدو كأنها الممثلة الأيقونة ذاتها".

ثمة قماش واحد على الأقل في المجموعة يحمل اسماً ملائماً هو ملكة جمال لوس أنجليس، صُنِع لإحياء ذكرى والدتها. لكن هناك مراجعات أخرى للأسماء: من Corleone المحوك الحسي، المعروض بتدرّجات لونية والمسمّى باسم الممثل مارلون براندو والكاتب-كاتب السيناريو ماريو بوزو؛ إلى Ghost Herringbone، في إشارة إلى جاستن بيبر الذي سأل كيتون أن تظهر في الفيديو الموسيقي الخاص به لعام 2021. ثم هناك مجموعة Interiors Plaid، التي تمثل إشارة إلى فيلم وودي ألن Interiors (دواخل) لعام 1978؛ وLa-Di-Da Sheer، وهي مجموعة لوازم أسرّة ضخمة مسمّاة تيمّناً بجملتها الشهيرة في فيلم Annie Hall. "ألهمتني أفلام وودي ألن المبكرة هذه حقاً لأنني لم أكن في منازل أو مواقف من هذا القبيل من قبل. عرّفتني على إمكانية الحديث عن الموضة والتصميم". 

بالرغم من أن سلوك كيتون المختلف وبراءتها الخرقاء صفتان من صفات سحرت بها الجماهير، كان احترامها الدائم والعميق للأصالة هو ما أبقاها مطلوبة في كل فصل إبداعي منذ ذلك الوقت. في هذه المرحلة، أصبحت جمالية كيتون رمز التصميم الخاص بها: إنها تترك بصمة لا يمكن إزالتها في كل مشروع تضطلع به. لكن، لا تتوقّعوا من كيتون أن تأخذ نفوذها على محمل الجدّ أكثر مما ينبغي. تقول: "حين تحتاجون إليّ، تجدونني أمارس هواية الكولاج".