مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

أول الكلام

أكثر من هويَّة

في داخلنا أكثر من هويَّة، تتداخل وتتفاعل، وقد تتناقض أو تتكامل، بحسب ما تؤكد رئيسة تحرير مجلة الرفاهية العصرية How To Spend It Arabic سمر عبد الملك

طوطم Totem Patagonia طوطم Totem Patagonia

في داخلنا أكثر من هويَّة، تتداخل وتتفاعل، وقد تتناقض أو تتكامل. تنقب جو أليسون في مكتبة كيم جونز الخاصة، فتجد هويةً جديدة تضاف إلى هويته الإبداعية مديراً فنياً في قسم الرجال لدى Dior وفي قسم النساء لدى Fendi. إنه جامع كتب ومخطوطات قديمة، يقف أمام خزائن منتصبة من أرض الغرفة إلى سقفها، رسم مخططها جان بروفيه، "ويسحب من الرفوف كنزاً تلو آخر. هذه نسخة أولى من رواية Orlando (أورلاندو) لفيرجينيا وولف، ونسخة ثانية وثالثة ورابعة. فهو يملك منها سبع نُسَخ". في المكتبة أيضاً مؤلّفات أخرى: Twelve Original Woodcuts (اثنا عشر نقشاً خشبياً أصلياً) لروجر فراي، من منشورات Hogarth Press في عام 1921؛ ونسخة عن كتاب To the Lighthouse (إلى المنارة) في إصدار خاص؛ إضافة إلى رسالة موجّهة إلى تي إس إليوت حيث تحدّثت وولف بإيجاز عن تأليفها روايتها Mrs Dalloway (السيدة دالواي). وليست مؤلّفات Bloomsbury إلا جزءاً من مجموعته الواسعة، "فقد عُلِّقت على جدران منزله في لندن لوحات بورتريه عدّة بريشة روجر فراي، وبعض لوحات دونكان غرانتس. وهناك أيضاً قطع من السيراميك، وجِرار ونحو 25 قطعة أثاث من Omega"، إضافة إلى قلادتَين مصنوعتَين بالصدف، ما يجعله "مالِكاً إحدى أكبر مجموعات Bloomsbury الخاصة في العالم".

ديكور مطعم YOY في دبي دافئ ومحبّب ومحايد، يشمل أباريق خشبيّة وطينيّة مصنوعة يدوياً

ثمة مكوّنات خاصة بأطباق تقليدية لا تتوفّر إلا في أوكرانيا

تطاردنا رائحة أطباق الوطن حيثما نذهب. تزور جورجيا تيندال YOY، أوّل مطعم أوكراني في دبي، وفي الشرق الأوسط، فيقول لها ميخايلو بيريغوفوي، الطاهي التنفيذي: "نعمل بلا كلل لننشُر هوية المطبخ الأوكراني". في الإمارات عشرات آلاف الأوكرانيين، يرحّب YOY بهم ويحضنهم بديكور فيه الكثير من ألوان الوطن. سيجدون أنفسهم هنا محاطين بنادلات يرتدين فساتين وقمصان vyshyvanka الأوكرانية التقليدية الطويلة، المميزة بأنماط جميلة من الغرز المتقاطعة. كما يتناولون أطباقاً مكوّناتها من مزارع محلية قريبة؛ "ثمة مكوّنات خاصة بأطباق تقليدية لا تتوفّر إلا في أوكرانيا"، يقول بيريغوفوي، ونجم قائمة الطعام حساء Borscht الذي يحظى بشعبية عارمة بين الأوكرانيين، وهو مصنوع بالشمندر الشهي، وأُدرج أخيراً في قائمة اليونيسكو للتراث المهدّد بالانقراض في أوكرانيا، وإلى جانبه كستلاتة كييف وزلابية الكرز. 

نوريا فال، المؤسِّسة المشاركة لعلامة Rowse التجارية، في منزلها الريفي La Oliveta قرب تاراغونا، كتالونيا

من لا يعرف ديان كيتون الممثلة؟ تسبر كارا غيبس أغوار هذه الشخصية السبعينية لتبرز فيها هوية فنية جديدة: إنه افتتان بالنسيج. أطلقت كيتون مجموعة من الأقمشة بالتعاون مع دار النسيج S Harris. تقول غيبس: "هذه ليست غزوتها الأولى في هذا الإطار، ففي عام 2017، أصدرت أول كتاب لها بعنوان The House That Pinterest Built (المنزل الذي شيّدته منصة بينترست)، سلّطت فيه الضوء على عملها الإبداعي في مجلّد أعاد إلى الحياة منزلها في لوس أنجليس المشيّد في أوائل عشرينيات القرن الماضي". من أين استلهمت كيتون هويتها هذه؟ من والدتها دوروثي هول، المصوّرة الفوتوغرافية وفنانة الكولاج والخزّافة... وملكة الجمال أيضاً. تقول عنها: "كانت أمي مبدعة حقاً. كانت دائماً تفعل شيئاً بيديها، ولم تبتعد يوماً عن ماكينة الحياكة".

الخيار البيئي صار جزءاً من الهوية أيضاً. في "جميلة كالوردة" (صفحة 24)، تزور روزانا دودز جنوب كتالونيا وتلتقي نوريا فال في حديقتها الغنّاء. تكتب: "هذه الحديقة النامية تعكس حياة فال. في عام 2018، أسّست علامة Rowse التجارية المتخصّصة في العناية الطبيعية بالبشرة، متعاونةً في ذلك مع غابرييلا سالورد التي كانت قد عملت في مجالَي الأعمال والمال، وانصبّ تركيزهما في الأعوام القليلة الماضية على إجراء البحوث على التركيبات، والوفاء للطبيعة مقابل ما تقدّمه لنا، وتعزيز الحركة الجمالية المستندة إلى النبات". اليوم، فيما تتّجه صناعة مستحضرات التجميل النباتية بوتيرة سريعة نحو بلوغ القيمة المتوقّعة لها في عام 2025، وهي 20.8 مليار دولار أميركي، يبدو أن فال ستحصد ثمار جهودها، فعلامتها التجارية Rowse ستحقّق في عام 2023 أرباحاً طائلة.

طوطم Totem Patagonia، من عام 2019، ابتكرته لونا بايفا 

من أسس إنقاذ الكوكب الالتزام بخيار الاستدامة. نرى لورين إندفيك ساعية إلى إنقاذ الكوكب "بخمسة ملابس فقط". وفقاً لبحث أجري في برلين، يتطلب التخفيف من أسوأ آثار للتغير المناخي خفض نسبة انبعاثات الكربون السنوية الناتجة من خزانات ملابسنا. تقول: "في المملكة المتحدة، يعني هذا ألا نشتري أكثر من تسع قطع من الملابس الجديدة سنوياً". وتضيف: متحلّيةً بهذه الروح، سأقصُر مشترياتي على خمس قطع جديدة وأربع قطع مستعملة. وتماشياً مع نظامي الغذائي، سيكون كل شيء تقريباً مستنداً إلى النباتات".

قارورة عطر زجاجية مصنوعة يدوياً

تتجاوز الساعة هويتها الوظيفية إلى هوية أكثر فناً وجمالاً، حيث نسأل أنفسنا: أهذه ساعات أم تحف فنية؟. بحسب نِك فولكز، رسم جورج سوملو، أحد تجار البضائع العتيقة والساعات القديمة منذ عام 1970، الخلفية الثقافية التي ظهرت منها موضة الساعات ذات الأشكال الغريبة في أوائل القرن التاسع عشر. وقد وضعت هذه الساعات على صينية، في علب صغيرة مبطّنة بجلد طري، فكانت زنابق، وخنافس قرمزية، وثمار فراولة، وآلات ماندولين، وأفيالاً، وقيثارات، وأكثر...، معروضة كلها في مينا زاهية كالجواهر، غنيّة الألوان تبهر العين وترجع بالذهن 200 عام، إلى عالم عُرِضت فيه هذه التحف الفنية بفخر في صالونات فنادق باريس الكبرى، مثيرةً البهجة بجمالها وبراعتها. يقول سوملو: "هذا خيال، شيء نحلم به. فتخيّلوا ساعاتياً يستيقظ ويفكّر، 'حلمت بثمار الفراولة، فربّما أصنع ساعة بشكل الفراولة'".

شارك برأيك

0 تعليقات