حين تُفتَح البوّابة المؤدّية إلى منزل تاجر التحف الأثرية كاميرون سميث والاستشاري في مجال التصميم بي جيه فولستيك، يشعر الداخل إليه بالدوار. تُطالعك شجرتا زيتون عمرهما 100 عام وكأنهما ركيزتان تثبّتان حديقة ريفية تشبه منحدرات التلال في توسكانا. تحطّ الطيور على معلفٍ فرنسي من القرن السابع عشر حُوِّل إلى حوض مائي، وتطأ القدمان أرضيّة مرصوفة بالطوب. في الأفق، خلف منزل استعماريّ إسباني مرمَّم من عام 1928، تلوح جبال سان غابريال.

إنها أشبه بصورة بطاقة بريدية من كاليفورنيا، لكن منزل الثنائي في باسادينا، مدينة أكواخ الحِرَفيين والطرقات المظلَّلة بالأشجار، يبعد 11 ميلاً فقط عن بريق وسط مدينة لوس أنجليس وسحره. "في الصباح، يبدو المكان مدهشاً. إنه أشبه بالمشاهد في رواية Wuthering Heights (مرتفعات ويذيرنغ). الطقس مختلف جداً هنا، بالرغم من قرب المسافة"، كما يقول سميث الذي تجتذب نظرته الثاقبة شراة التصاميم وكبار المشاهير إلى صالة العرض Galerie Half التي يملكها في وست هوليوود. افتُتِحت هذه الصالة والمتجر في عام 2009 في جادة ميلروز، ويُقدّمان كنوزاً من الروائع الأوروبية القديمة التي تعود إلى منتصف القرن العشرين، أحضرها سميث خلال رحلاته حول العالم. لكن القطع منتقاة هنا، مثل المرايا المزدانة بالأوراق الفضيّة من القرن الثامن عشر، والأقنعة الكونغولية الاحتفالية والصور الفوتوغرافية التي صوّرها هيرب ريتس، مصنوعة بالأسلوب المينيمالي البسيط الذي يقتصر على الحدّ الأدنى من المفاهيم والأشكال.
كانت بنية المنزل مقبولة لكنه كان يحتاج إلى بعض الترميم
كان هذا الثنائي "يقيم عند طريق مولهولاند، في منزل بُني في منتصف القرن العشرين، طوال ثماني سنوات" قبل أن يبحثا عن عقار أكبر مساحة في عام 2018. ونظراً إلى التحدّيات البالغة الصعوبة للسوق العقارية في لوس أنجليس، تراجعا عن تملّك منزلٍ قرب Galerie Half، ووسّعا دائرة البحث. "لم تكن باسادينا على قائمتنا"، كما يقول سميث مستذكراً كيف دفعه سحر المكان ومساحاته الفسيحة إلى حسم أمرهما والمضي قدماً في صفقة شرائه. معمارياً، كانت للمنزل بنيةٌ جيّدة، لكنه كان يحتاج أيضاً إلى ترميم واسع، وقد كُلِّف كلّ من كاثلين وتومي كليمنتس من محترف Clements Design الذي تملكه الأمّ ونجلها في لوس أنجليس، وهما صديقان مقرّبان للثنائي، بالإشراف على المشروع. تضمّ قائمة عملائهما كريس وكندال جينر، وبرونو مارس وجنيفر لورنس.
تُبرِز رؤيتهما، التي استغرق إنجازها ثلاث سنوات ونصف السنة (انتقل سميث وفولستيك إلى المنزل في عام 2021)، الطابع الأصيل للمنزل فيما يضخ بعض الحيوية المستوحاة من وست كوست. كان الاهتمام بالتفاصيل أساسياً، وفي البهو، الذي كان يزدان في الأصل بأنماط خزفية متوقّعة، تنساب قطع الآجرّ التي أُنقِذت من مدرسة أسمنتية بلجيكية في الأرضية المصنوعة بخشب السنديان في الدرج الأساسي، فتولّد خلفية نظيفة وهادئة. يقول فولستيك: "جعل آل كليمنتس كل شيء مفتوحاً"، مشيراً إلى الكوّة الكبيرة فوق بيت الدرج. في ضوء نهار كاليفورنيا الصافي والمشرق، تبدو الكوّة فوق الرؤوس كما العين الزرقاء التي نجدها في أعمال جايمس توريل.


انعطفنا يساراً بعد المدخل باتجاه غرفة الطعام. يؤطّرها شكلٌ شبيه بالقناطر، وتَبرز فيها الأعمال الخشبية المصنوعة يدوياً من توقيع جورج ناكاشيما، والتي تعلوها لوحة أحادية اللون مصنوعة بالغرافيت وبذور الخشخاش للفنان الدنماركي راسموس روزنغارد. وجد سميث القطعة من خلال "السفر افتراضياً"، ثم حفظها في قفص لسنوات، إلى جانب العديد من الأغراض الأخرى بانتظار انتهاء الأشغال في المنزل. يقول تومي كليمنتس: "ما أحببناه في حدس كاميرون وبي جيه هو أنهما يذهبان بعيداً في اعتماد البساطة"، مضيفاً أن "الخلفية الهادئة أتاحت لهذه القطع الرائعة أن تبرز وتتألّق. على الورق، تبدو قائمة الأشياء في منزلهما غير متناسقة، لكن حين وُضِعت معاً، بدت طبيعية وجميلة، ومثيرة".


في مختلف أرجاء المكان، تحافظ الجدران والقناطر الخارجية المبنية بالجص على الطابع التاريخي للمنزل، لكن انسيابية السطوح تُضفي مظهراً يذكّر بالمنازل المصنوعة بالطوب في سانتا في، حيث كان سميث يمضي الصيف في سنوات طفولته. ارتادت والدة سميث مدرسة داخلية في مركز Bishop's Lodge المحلي، الذي تحوّل إلى منتجع ريفي، وحذا سميث حذو والديه عاقداً قرانه في Centre of Peace and Justice في سانتا في.
"يبدو أحياناً كأنه منزل بني بالطوب، وهذا هو مصدر الإلهام الذي منحناه لكاثلين وتومي"، كما يقول سميث، مشيراً إلى وعاء قديم ملوّن من آثار قبيلة أكوما بويبلو في نيو مكسيكو فيما كنا ندخل إلى غرفة الجلوس، وهو تذكار قدّمه والده إلى والدته نحو عام 1969، وإحدى المنحوتات والأعمال الخزفية التي صنعها الأميركيون الأصليون، والتي كان والداه يملكانها وتتوزّع في أرجاء الغرفة. يتابع: "كان والدي رائعاً. كان مسؤولاً في الشرطة في فورت كولينز، كولورادو، وكان رجلاً طويلاً جداً وخشن المظهر، وشبه مرهف في مقاربته الأمور".
خلال معاينتنا الغرفة، يبرز ذلك التناغم بين الرقّة والخشونة في الأحجام الدقيقة لكراسي Ib Koford-Larsen الأصلية التي تعود إلى منتصف القرن العشرين، والتي تصطفّ عند جانبَي الموقد؛ وفي اللون الترابي للسرير النهاري من تصميم جان بروفيه والموضوع في مكان مؤاتٍ قرب إحدى النوافذ؛ والكنبة الكتانية المصنوعة بناءً على الطلب من تصميم آل كليمنتس والتي تستقرّ على سجّادة Bibikabad فارسية بالية؛ والطاولة المنخفضة السوداء العصرية من تصميم أكسل فرفوردت في إحدى الزوايا، وقد وُضِع عليها تمثال Bamana Jonyeleni منقوش من الثلاثينيات.


يقول سميث عن المجموعة: "تخرج والدتي عن طورها حين تأتي إلى هنا. يُشعرها المكان باعتزاز شديد، لا سيّما دمى كاتشينا، وأعمال النافاجو والعناصر القبلية". تفضيلات الثنائي في مجال الأعمال الفنية مرهفة أيضاً: بعضها غير متوقّع، لكن حصل عليها سميث بدفعٍ من استمتاعه الشديد بالصيد، بما في ذلك بورتريه زيتي بالحجم الطبيعي لصبيٍّ صغير بريشة أوي زيرج، معلَّق قرب الموقد، وصورة فوتوغرافية بعدسة كولير شور من عام 2004 تجسّد الفنتازيا المراهِقة المطلقة بجوار خزانة الكتب. يقول سميث عن مجموعته المختارة: "كنت أحتفظ بالأشياء التي أحبّ أن تكون في منزلنا أكثر ممّا أريدها أن تكون في Galerie Half"، مضيفاً: "كنت أعلم أنها إذا وُضِعت في صالة العرض، فستُباع في غضون أسبوع، ولن أراها مجدّداً".
"لا يزال المنزل ينبض بالطاقة الأصلية التي انجذبنا إليها حين وقع نظرنا عليه للمرة الأولى"
سميث هاوي جمع متمرّس في الشراء الإلكتروني. يشرح: "أتولّى شراء جميع الأعمال لعرضها في Galerie Half، وأستطيع أن أميّز افتراضياً الأشياء التي يجب الامتناع عن شرائها"، مضيفاً: "تعلّمت دروسي. لم يعد حظي عاثراً على الإطلاق". وضع آل كليمنتس – ويتجلّى هنا بلا شكّ الرابط الوثيق بينهم وبين العميل – الدرابزين في مكان واضح للعيان. يروي سميث: "بكل تأكيد رفضا بعض الأشياء التي كانت في الملفّ المحفوظ، فأُرسِلت إلى صالة العرض".
في الطابق العلوي، تولّد المناظر التي تطلّ عليها النوافذ نقاطاً محورية وسط الديكور الهادئ. "في الليل، حتى حين أقمنا حفلة عيد مولدي، يتسكّع الجميع هنا"، كما يقول سميث عن جناح النوم الذي يستكمل لوحة الألوان المبهجة المؤلّفة من الألوان الخشبية والجدران البيضاء النضرة التي تخفّف من حدّتها قطع الأثاث والتحف الأثرية الفريدة من نوعها. يستقرّ مقعد غوستافي محفور يدوياً من مطلع القرن الثامن عشر عند أسفل السرير، فيما تُنير شمعدانات مطابقة من تصميم بيار غاريش اللوح الرأسي المقوّس. وتوفّر أريكة لشخصَين مصنوعة بجلد الغنم تعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين راحةً مترفة فوق غطاء أرضية عتيق من مدينة تبريز. ويُتوَّج ذلك كلّه بمنحوتة مجهولة المصدر ابتيعت في باريس من مالكٍ يعتزّ بها منذ مطلع السبعينيات.

ليس مفاجئاً أن يقصد معظم الزوّار ما يسمّيه الثنائي "المجثم": إنها شرفة مغلقة تقود إلى خارج الجناح، يظلّلها سقفٌ بعوارض داكنة، ويتألّف أثاثها من كراسٍ مصنوعة بخشب الساج الياباني وطاولة من الألواح الحجرية تعود إلى القرن السادس عشر مع حوافٍ غير مصقولة، في إطارٍ من التنسيق الحقيقي بين الداخل والخارج. "لا يزال المنزل ينبض بالطاقة الأصلية التي انجذبنا إليها حين وقع نظرنا عليه للمرة الأولى. لا يزال يبدو لي منزلاً إسبانياً، لكن لا شكّ في أن مالكته السابقة آلي كانت لتفتخر به"، كما يقول سميث عن الرابط مع المالكة الراحلة التي كانت طبيبة وربّت أسرتها في المنزل. يعقّب فولستيك: "لم نرد أن نُغضبها. وبصراحة، نريد أن تبقى طاقتها ماثلةً هنا".
في جنوب كاليفورنيا الذي يتميّز بمناخه المعتدل، تمثل المساحات الخارجية في الهواء الطلق غرفاً إضافية، وليست المناظر التي تحمل التوقيع المصمّم سكوت شرايدر من لوس أنجليس باستثناء. "يقوم عملي على نقل الداخل إلى الخارج"، كما يقول شرايدر عن تصميمه، حيث تظلّل تعريشةٌ حديثة بطابع رومانسي غريب مصنوعة بالفولاذ ومغطّاة بالصفصاف، الفناء المخصّص لتناول الطعام. ويتعزّز الشعور بالسكينة من خلال مجموعة من كراسي Jeanneret المبيّضة، ومغسلة رخامية من القرن السابع عشر، وشجيرات الورود الزهرية التي زرعتها آلي، والتي جرى الحفاظ عليها بحرصٍ شديد في أعمال الترميم.
إننا معلّقون، في ضواحي لوس أنجليس، بعيداً من الحشود الصاخبة. يروي سميث: "لم أكفّ عن مضايقة سكوت بشأن أوعية الزيتون الكبيرة التي وضعها هنا والتي تعود إلى القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر، وكنت أسأله باستمرار ’ماذا ستضع فيها؟‘ فيجيبني، ’لا شيء بتاتاً‘". هذا التحكّم السهل هو ما يبقى معي تحديداً لدى مغادرتي المكان، وانغلاق البوّابة خلفي.