تلاعب المصمّمون دائماً بالأحجام المفرطة، لكن نادراً ما كانت التفاصيل مضخّمة كما نراها في هذا الموسم. في دار Louis Vuitton، أخذ نيكولاس غسكيير عناصر وظيفية وحوّلها إلى أحجام هائلة: زُيِّنت السترات المنتفخة نظيرة السترات الفضائية بسحّابات ضخمة (يُقال إنها أكبر ما صنع حتى الآن حجماً)، وزُوِّدت فساتين جلدية مخادعة للبصر بتفاصيل كبيرة غير قماشية، وزوِّدت المعاطف بلون جلد الجمل بأبازيم يضاهي حجمها حجم طبق طعام. يرد في ملاحظات العرض أنها "ممارسة أسلوبية تُعيد تقييم أحجام الملابس وملحقاتها، حيث تُفضي قواعد الأنوثة إلى زعزعة الأحجام".

تبنّى جوناثان أندرسون أيضاً الموضة المضخّمة. في مجموعة Loewe's لربيع وصيف 2023، سارت العارضات على المنصّة وهنّ يرتدين أزهار أنثوريوم عملاقة، وينتعلن أحذية بكعوب منتفخة مع تفاصيل مصنوعة بالبالونات، إضافة إلى سترات جلدية بأكمام طويلة تلامس الأرض. أدخلت علامة Michael Kors التجارية أبازيم ذهبية كبيرة إلى الأثواب المكشكشة القرمزية اللون وإلى تنانير السارنغ المهدّبة. أما علامة Miu Miu التجارية فأضافت جوارب مبالغاً بها إلى الأحزمة العملية العملاقة المستلهمة من حقبة التسعينيات، وجيوباً ضخمة إلى السترات الجلدية اللامعة. وفي دار Akris، عاد ألبرت كريملر إلى استخدام الأزرار الذهبية الكبيرة بوحيٍ من سترة كلاسيكية من عام 1979 مصنوعة بالكشمير، في تحيّةٍ إلى حقبة كانت الإطلالات القوية الوقع محورها. إنها إطلالات يردّها كريملر إلى ثلاث كلمات: "الحجم، والبنية، وشكل الجسم".
يكشف حجم الأكسسوارات هذا الموسم عن الأثر العميق للهاتف النقال
فيما تقدّم هذه التفاصيل المضخّمة دليلاً على شعبية الملابس العملية، يكشف حجمها اللافت للانتباه أيضاً عن أثر الاستهلاك من خلال الشاشة الصغيرة. تقول الدكتورة فاليري ستيل، وهي مؤرّخة متخصّصة بالموضة وتشغل منصب المديرة/كبيرة القيّمين في المتحف التابع لمعهد Fashion Institute of Technology في نيويورك: "منذ بداية حقبة أجهزة iPhone، شهدنا تأثير [الهاتف الذكي] في التصاميم". "رأينا أعداداً أكبر كثيراً من الألوان والطبعات مقارنةً بالفترة السابقة، لأنها تَبرز جيداً للعيان فيما الطقم الأسود بكامله لا يَبرز على الإطلاق. وينطبق ذلك أيضاً على تفاصيل القماش، مثل القماش اللمّاع أو الكامد اللون أو المخمليّ – فهذه التفاصيل لا تَظهر على الشاشة".


تضيف الدكتورة ستيل: "إنها أيضاً طريقة رائعة لتمييز عمل المصمّم من جميع الأعمال الأخرى. وهكذا، فيما تتصفّح الشاشة لمعاينة أعداد كبيرة من التصاميم، تقول ’يا إلهي، إنه تصميم من دار Louis Vuitton‘. تتمكّن من تمييز مجموعتها على الفور بسبب تلك التفاصيل المضخّمة جداً".
لطالما كانت الموضة مقياساً للنزعات المتبدّلة في الاقتصاد. في عام 1926، ابتكر البروفيسور جورج تايلور نظرية مؤشّر طول الرداء، في إشارة إلى أن طول تنانير النساء وأثوابهن يشكّل مقياساً لاتجاه الأسواق المالية. لعلّ الأكسسوارات ذات الأحجام الضخمة تعبّر اليوم عن ردّة فعل مماثلة. تقول لورا ياناكو، كبيرة الخبراء الاستراتيجيين لشؤون الملابس النسائية لدى شركة WGSN المتخصّصة بتوقّع الاتجاهات في الموضة: "فكرة ’التبختر كما الطاووس‘، أو استعراض أفخم ما لديك من مجوهرات جريئة هي طريقةٌ للظهور في أفضل إطلالة ممكنة، في محاولةٍ لاستعادة السيطرة بالتأنّق والشعور بالرضى عن الذات".

كان الشعور بالرضى في صدارة جدول الأعمال الذي وضعه جيريمي سكوت الذي استخدم النفخ في تصاميمه بالمعنى الحَرفي للكلمة من خلال ضخ عناصر منتفخة في مجموعته لدار Moschino. وهكذا، ازدانت الأثواب الأنيقة بطيّات صدر وحوافٍ قابلة للنفخ، فيما حُوِّلت عوّامات المسابح الزاهية الألوان إلى قبّعات مرحة وأهداب عند الخصر، ما أضفى لمسةً لعوبة على التصاميم. كانت مجموعة مفعمة بالتفاؤل والطرافة ابتداءً من العوّامات الزهرية الفاتحة بشكل طائر النحام وانتهاءً برباطات الأذرع المنتفخة بشكل دلفين والعوّامات بشكل سلاحف.
"الهدف من المجموعة هو تعديل المزاج"
يقول سكوت: "لا شكّ في أنه حين يسود هذا القدر من التوتّر والسلبية في العالم، عليك أن تجد مكاناً للفرح"، مضيفاً: "تحتاج إلى سترة نجاة للحفاظ على حياتك إذا صحّ التعبير... يتحدّث الجميع عن التضخّم. تشاهدون ذلك في نشرات الأخبار، فقد ارتفعت الأسعار كافة، ومنها كلفة السكن، والطعام والحياة". يعقّب قائلاً: "أردت أن تساهم المجموعة في رفع المعنويات، فهدفها تعديل المزاج. يجب أن ندرك ما يجري حولنا، لكن علينا أن نترك أيضاً مساحة للفرح". إنها موضة الهروب كي نبقى سالمين.