مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

فنون

Art Dubai: إنساني ورقمي لغدٍ أفضل

الفن بجناحيه، الإنساني التقليدي والرقمي الصناعي، يجتمعان في ردهات Art Dubai، لتوسيع مساحات التعبير عن رغبات بغد أفضل

صورة من معرض Art Dubai 2022 صورة من معرض Art Dubai 2022

إننا نصنع للغد عالماً جميلاً"؛ تقول بينيديتا غيون، مديرة Art Dubai التنفيذية، الذي يفتتح أبوابه مطلع آذار (مارس) الجاري، وتضيف: "إننا مصرون على أن نعيد صوغ فكرة المعرض الفني، لتعميق تأثيره الإيجابي في المجتمعات الإنسانية". البارز في نسخة هذا العام أنه يضم 13 معرضاً يتمتع كل منها بحضور فني راسخ، آتية من دول مجلس التعاون الخليجي، والشرق الأوسط، ومن أميركا اللاتينية وجنوب آسيا. 120 فناناً مشاركاً من 40 بلداً في ست قارات، تعكس أعمالهم دور Art Dubai بوصفه نقطة التقاء الأعمال الفنية المتميزة والأكثر معاصرة في هذه المنطقة. 

الفنانة الإماراتية موزة المطروشي
صورة من عرض موزة المطروشي الحي بعنوان The Alphabetics of the Baker (أبجدية الخباز)، من عام 2022

"الغذاء والمجتمع والأمل" عنوان عريض لتكليفات هذا العام الفنية، حيث يعرض في قاعة فسيحة 10 فنانين عروضاً حية، متصلة بالغذاء. من هؤلاء الفنانة الإماراتية موزة المطروشي، التي يتألف أداءها الحي من عجن خبز أبجدي وخبزه. تسأل المطروشي: "لماذا نكتفي بلغة تخرج من أفواهنا، إن استطعنا أن نبدع لغة تدخل في أفواهنا؟". أداؤها نتاج تراكمي من أعمالها السابقة. حين كانت تعدّ فيلمها "سكر أملس"، الذي عُرض في Lahore Biennale في سنة 2020، صورت زياراتها إلى مخابز كثيرة في الشارقة. تشرح: "بهرتني حركة الخبازين، بالرغم من أنني لست مستجدةً في هذا السبيل، أنا الطاهية المتخصصة في صنع الحلويات. لاحظت أجسادهم تتحرك برتابة شديدة كأنها آلات مبرمجة، وتوصلت إلى استنباط أبجدية مستوحاة من هذه الحركات". ما زالت المطروشي في مرحلة الاستكشاف والتجريب، تريد ابتكار طريقة تشفير جديدة، فيتسع عندها فضاء التعبير الحر. تقول: "في مناطق عربية عدة، يسمّى الخبز عيشاً، أي حياةً، وهو مرتبط بالجسد في سياق ديني معين. إنها شيفرة حياة". 

منحوتة بالبرونز بعنوان The Politics of Skin and Movement (سياسات الجلد والحركة) للفنان أمول باتيل، من عام 2022

"ليس وجود الإزميل أو الحجر أو الفرشاة أو القماش شرطاً لازماً ليكون ما ينتجه المبدع فناً"

يقدم أمول باتيل، وهو فنان مفهومي وأدائي مقيم في مومباي الهندية، في Art Dubai 2023 ما يصفه بأنه أسهل وصفة بالأرز والماء، يتم تحضيره باستخدام ukde tandul، وهو أرز أحمر، يُغلى في ماء مملح حتى ينضج، ويقدم ساخناً. يقول: "نسميه طبق Péz، تحضيره سهل وتناوله سهل، كان مصدراً للغذاء في مجتمع الداليت بولاية ماهاراشترا ومناطق كونكان في الهند". نتجت هذه الوصفة الغذائية من ظروف كانت فيها موارد الهند محدودة، وقدموه عصيدة للمساجين. يقول باتيل: "يرتبط هذا الطبق بتاريخ من الاضطهاد الطبقي قد زال من الوجود"، وما يريد أن يوصله من طبقٍ جعله فناً هو "المساواة والألفة". 

لوحة I Let My Hair Loose (أترك شعري حراً) من سلسلة Protest (احتجاج) من ابتكار أنولي بيريرا، 2010-2011

أنولي بيريرا، الفنانة المولودة في كولومبو، مشاركة في المعرض بأداء تسميه This is not a celebration nor a non-celebration (ليس هذا احتفالاً ولا هو لا-احتفال)، وهو يستقي طقسين من طقوس الاحتفال التقليدي بالسنة السنهالية الجديدة، أحدهما تبادل الأموال عربون صداقة، والآخر تبادل الطعام بوصف ذلك تداولاً لمفاهيم الرخاء في العام الجديد. تضيف: "أقدم أطباقاً سريلانكية عدة، كانت رموزاً للاحتفال ببداية السنة السنهالية وصارت عامةً، تقرّب بين الناس في بلادي". وبيريرا مهتمة جداً بالسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع، وربما هذا ما جعلها أكثر قدرة على التجريب، كما تقول، "فأنا لا أحصر استلهامي في تاريخ الفنون الجميلة وحده، إنما أوسع أفقي إلى تاريخ النسيج وتاريخ الفنون الزخرفية والتاريخ السياسي". 

عمل فني بعنوان Clip (ملقط) بالفولاذ الصلب من ابتكار الفنانة طيبة بيغوم ليبي، من عام 2022

من المشاركين في هذا المعرض الفنانة البنغالية طيبة بيغوم ليبي، التي تعترف بأنها لا تدّعي أنها فنانة أداء، "إنما أنا فنانة بصرية متعددة التخصصات، أتعامل مع وسائط مختلفة، لكن في الأداء الذي أقدّمه في Art Dubai 2023، أروي قصة ألم في الانفصال وأمل في الحياة من خلال طبق حلوى خاص ألفت بين مكوناته المختلفة بنفسي، ليتحدث بنكهاته المختلفة عني وعن تجربتي الشخصية". لا شك في أن ليبي، وهي واحدة بين ستة فنانين أسسوا في بنغلادش مجموعة Britto Arts Trust قبل عقدين من الزمان، متعلقة جداً بتجربتها الشخصية، وكأنها محور حياتها. تضيف: "همي أن أصل إلى السعادة".

"الجيد فيه إمكانية عرضه أينما كان. لا ضرورة لجدار يُعلق عليه، ولا لطاولة يجثم فوقها"

للفن الرقمي حصة كبيرة في المعرض. تقول غيون: "يقدم Art Dubai Digital في هذا العام نظرة تحيط بكل ما يحدث – من حداثة – في عالم الفنون الرقمية، وبكل من يقود هذه الحداثة المتسارعة في عالم الفنون الرقمية. جديدنا في هذا العام إطلاق مجموعة Julius Baer السويسرية لإدارة الثروات مبادرتها NEXT، الهادفة إلى تشجيع الاستكشاف متعدد التخصصات للاتجاهات الكبرى عبر الفنون والعلوم والتكنولوجيا، هنا قبل انتقالها إلى مناطق ودول أخرى في العالم. وهذه المبادرة ممثلة بفنان الوسائط الرقمية والذكاء الصناعي الجمالي رفيق أناضول".

لوحة رقمية بعنوان Anarchy  (فوضى) من ابتكار الفنان مكسيم مانغا

تقول القيمة والكاتبة الفنية كلارا تشي وي بيه، التي ترعى Art Dubai Digital في هذا العام: "الاهتمام كبير بالتقنية الرقمية، إنها عنوان المستقبل في كل الميادين، حتى في الفنون". تضيف: "الفنان سباق دائماً إلى اعتماد أحدث ما تقدمه التقنية من وسائل تساعده على التعبير الجديد". لم تستخدم مصطلح "طريقة جديدة في التعبير"، فبحسبها هذا عصر جديد يحتاج إلى تعبير جديد، عامر بالحماسة، لتكون الأعمال الفنية الناتجة قوية ومؤثرة، ولأن الفن يصور الأمس واليوم، "لكن الأهم من ذلك كله أنه استشراف للغد... والتقنية هي روح الغد".

لوحة رقمية من ابتكار خالد البنا وعائشة جمعة ونجوم الغانم، من عام 2023

"من يؤمن بالتغيير هو القادر على أن يترك علامة فارقة في هذا الوجود"

من الفنانين المشاركين في هذا العام الفنان الإماراتي خالد البنا، من منصة MORROW Collective، ويتألف عمله من قطع صغيرة من أشياء مختلفة، استخدم فيه أقمشة زاهية الألوان مشتقة من الفساتين نسائية التقليدية. يقول: "بالنسبة إلي، يتعلق الأمر باعتزازي بجزء من تقاليدنا وثقافتنا الإماراتية، مع الحفاظ على الرؤية المعاصرة. وما أريده هنا أن ينجذب الناس إلى ألواني، إلى الطبيعة الملموسة في عملي. أريد أن أزرع في قلوبهم البهجة". اليوم، مواكبةً لكل هذا التقدّم، صار الفن الرقمي شكلاً راسخاً من أشكال الفن. لكن، هل يُحسن الناس فهمه؟ يقول البنا: "الجيد فيه إمكانية عرضه أينما كان. لا ضرورة لجدار يُعلق عليه، ولا لطاولة يجثم فوقها. ما دمت تملك شاشة شبيهة بالتلفاز، يمكنك عرضه". توافق الفنانة الرقمية اللبنانية ماجدة ملكون، من منصة MORROW Collective أيضاً، وتسأل: "ألا تكون الرواية عملاً أدبياً إبداعياً إن كتبها المؤلف على حاسوبه الشخصي بدلاً من أن ينصّها حبراً على ورق؟". يقول البنا إن الفن إبداع، "وما همّهم أي أداة استخدمنا في هذا الإبداع. ليس وجود الإزميل أو الحجر أو الفرشاة أو القماش شرطاً لازماً ليكون ما ينتجه المبدع فناً". لكن، ماذا عن المشاعر؟ ترى تشي وي بيه أن الفن الرقمي قوي فعلياً في إثارة المشاعر، بالطريقة التي يتحرك بها، أو بالسرد الذي يقدمه.

لوحة رقمية بعنوان When The Ground Was A Continued Celebration (حين كانت الأرض احتفالاً مستمراً) للفنانة سارة المهيري، من عام 2022

ملكون فنانة بصرية تقليدية، تعمل على القماش مستخدمةً تقنياتٍ ووسائط مختلفة: طلاء وملصقات ورقية. تقول: "إنه رسوم متحركة رقمية مستمدة من صور وسائط مادية مختلطة، مصنوعة بطلاء الأكريليك وبكولاج للصور. إنها صوري الخاصة. وبلحظة، أدمرها بقصّها واختيار أجزاء منها أوظفها لتروي حكايةً من تأليفي، انطلاقاً من لونها، من شكلها، أو من رمزيتها". إنها عملية تتوسّلها ملكون لتفكيك اللوحة النهائية إلى طبقات متعددة، وهي تحدد أحياناً - بشكل فردي - بعض أجزاء الصور الفوتوغرافية لتجعل منها طبقة منفصلة فتتمكن من تحريكها بحركة مدروسة، "كي أضفي الحيوية على ما في هذه الصور من أحاسيس خفية".

مصادر
أنولي بيريرا تقدمة Shrine Empire.Morrow Collective . طيبة بيغوم ليبي تقدمة Shrine Empire. مهى ملّوح تقدمة Selma Feriani Gallery.  مكسيم مانغا. Experimenter. سارة أبي عبدالله تقدمة ATHR. Hunna Art Gallery. Albareh Art Gallery. سارة المهيري تقدمة CARBON 12. Electra. سدريك ريبيريو. Getty Images. Art Dubai. Digital Unit London. أمول باتيل تقدمة Project 88. ماجدة ملكون تقدمة Morrow Collective

شارك برأيك

0 تعليقات