مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

الطعام

أطباق يوم العطلة

تناول الزلابية تقليد عريق في نيويورك، لكن أي رسالة عميقة ينقلها هذا الطبق بشأن المطبخ الصيني، وثقافة الاجتماع بأفراد العائلة عموماً، يسأل أجيش باتالاي

غداء غداء "لمس القلب" في A Wong في بيمليكو

بدأ خروج العائلات إلى المطاعم لتناول طبق "ديم سَم"، وهو طبق شهير يشيع تقديمه في أوقات الأعياد عموماً، لا سيما عيد الميلاد، تقليداً يهودياً في مدينة نيويورك، ثم انتقل إلى باقي مناطق أميركا لينتشر بعدها في أنحاء العالم كله. لا يقتصر الأمر على أن يمثل الكعك والزلابية واللفائف المطهوة على البخار الترياق المثالي للديك الرومي ولبراعم بروكسل، فمن ذا الذي يفتح أبوابه في أيام العطلة إلا مطعمك الكانتوني المفضل؟ بالنسبة إلى الطاهي البريطاني الصيني أندرو وونغ من A Wong في بيمليكو بلندن، ما كان الخروج لتناول ديم سَم عندما كان طفلاً طقساً من طقوس عيد الميلاد فحسب، بقدر ما كان فرصةً لتلاقي عائلته الكبيرة، التي عملت في المطاعم، في يوم عطلة.

يتذكّر قائلاً: "تعلّق الأمر دائماً بالتجربة المجتمعية. إنه سحر الإجتماع بأفراد العائلة. ولهذا السبب يبقى طبق ديم سَم قريباً جداً إلى قلبي. ثمة شيء فريد في طريقة ديم سَم لجمعِ الناس معاً. في هونغ كونغ، عندما يقلّ وجود هذا الطبق، تشتعل الحرب. وإن تباطأ أفراد العائلة في تناوله، يعودون إلى المنزل جائعين".

أندرو وونغ في المطبخ لدى A Wong © جوتا كلي

أحد أهداف وونغ الرئيسية في A Wong، الذي حصل على نجمة Michelin ثانية في عام 2021، هو تحدي التصوّرات المحيطة بالمطبخ الصيني ووضعه في مصاف المطابخ الفرنسية والاسكندنافية واليابانية. يقول: "يتّصل الأمر بجعل الناس يقدّرون الجهد المبذول والبراعة اللازمين في المطبخ الصيني. وطبق ديم سَم جزء من المطبخ الصيني الذي يجسّد تلك المهارات بشكل أفضل". يشبّه وونغ دقة طهاة ديم سَم وفنهم بدقة أفضل طهاة المعجّنات في العالم وفنهم، مشيراً إلى ثروة من المعرفة والتقنيات التي بدأ الطهاة الغربيون للتوّ في تبنّيها.

"يتعلق الأمر بسحر الإجتماع بأفراد العائلة لا بطبق الطعام نفسه"

يستخدم طهاة ديم سَم أكثر من 30 مادة نشوية لتحقيق إحساس تذوّقي دقيق بكل عنصر. وتتراوح هذه المواد من الدبقة أو الهلامية إلى الإسفنجية أو الرقاقية أو المنتفخة. وتشمل إنجازات وونغ معجّنات شائكة بشكل "مخلب السلطعون" وتشبه فطيرة قنفذ البحر والإسكالوب المصنوع باستخدام عجينة مغلفة من 48 طبقة، يمكن تمييز طبقاتها كما النسيج. ولا يُستهان أبداً بالبراعة المطلوبة لصنع طبق har gau (فطائر الجمبري). وإذ أنضمُّ إلى وونغ للفّ العجين وطيّه لتحضير الغداء، يخرج من بين يدي سربٌ من الكتل المشوّهة بدلاً من اللفائف المجعّدة التي يصنعها بشكل رائع.

ثمة تقنية أخرى يحرص وونغ على تسليط الضوء عليها، وهي استخدام البخار للحصول على أطباق ساخنة. تراه يجرّب كعكة تسمّى Ma Lai Go، وهي كعكة تُطهَى عجينتها على البخار من دون غطاء من أجل "إضفاء التجعيد على وجهها" ثم تغطّى وتبخّر ثانية حتى تنتفخ بقوام شبيه بقرص العسل. يتّصل بصديق قديم للعائلة، السيد لي في مطعم New Loon Fung في الحي الصيني، للحصول على المشورة، فعجينته لا تنتفخ كما عجينة لي. وهذا يؤكد نقطة رئيسية أخرى. بالرغم من نجوم Michelin والفارق في السعر، تبقى المعرفة الأساسية هي نفسها في مطابخ ديم سَم كلها، وهذه خبرةٌ تستحقّ التقدير.

يعتقد وونغ أن جزءاً من المشكلة هو أن الطعام الصيني كان يُعتبَر تاريخياً في الغرب خياراً رخيصاً، وأن طبق ديم سَم كان يصنّف ضمن الوجبات السريعة. يردّ وونغ أصول ديم سَم إلى أوائل القرن التاسع عشر، عندما اجتمع التجار الأثرياء في غوانغدونغ واستُدعِي طهاةٌ من أنحاء الصين كلها لإنشاء فن طهوٍ يعرض أفضل ما في المطبخ الصيني. يقول وونغ: "كان هذا الطبق يعادل الكافيار والكمأة".

يثني وونغ على New Loon Fung لأنه يعرض أطباقاً مثل الصداف البحرية المطهوة ببطء وقوائم الدجاج التي يصعب العثور عليها في أي مكان آخر. لكن مطاعم ديم سَم التي يوصي بها بخلاف ذلك هي تلك التي يجد فيها الطهاة مجالاً للمزيد (بما في ذلك طرق "مذهلة" للتلاعب بالعجين لصنع معجّنات "على شكل سناجب"). ومن بين هؤلاء الطهاة ياه واه فاي في The 8 بماكاو؛ وجيسون تانغ في JW Marriott Hong Kong؛ وتشان يان تاك في Lung King Heen لدى Four Seasons Hong Kong؛ ومان واه في Mandarin Oriental Hong Kong. كما تضمّ قائمته مطاعم Lei Garden في أنحاء الصين كلها وسنغافورة، وTim Ho Wan في هونغ كونغ للحصول على "أفضل كعك بلحم الخنزير في العالم".

في نهاية المطاف، يأمل وونغ في استخدام ديم سَم "لسدّ فجوة" وتغيير الطريقة التي يتعامل بها الغرب مع المطبخ الصيني. "عندما نذهب لتناول وجبة، آمل في أن يرى الناس أن هناك أرزاً، ومخللاً، وطبقاً مطهواً على البخار، وطعاماً مطهواً ببطء، والقليل من اللحم البقري في صلصة المحار، ربما لقمة من كل منها، ثم ننتقل إلى الطبق التالي". بعبارة أخرى، مثل ديم سَم. يقول وونغ: "هذه هي الطريقة التي يُفترض أن يؤكل بها الطعام الصيني دائماً". لقم صغيرة وعدد لا يُحصى من التركيبات والنكهات مجتمعة في طبق واحد.

0 تعليقات

شارك برأيك