نرى في الصور نساءً يعشن في بيئات سريالية، يسود فيها الرسم على الوجوه وارتداء الأقنعة والثياب ذات الألوان الجريئة؛ ونقرأ في الصورة نفسها موضوعات مُقلقة تطرح أسئلة شائكة عن حقوق الإنسان والبيئة والنزاعات والصحة. إنها أعمال فنية تعرضها الإثيوبية عايدة مولوني في Efie Gallery في دبي، تدسّ فيها نتفاً من روحها الثائرة، ولسان حالها أنّ العالم "يرى من امرأة أفريقيا حاضرها، فلا هو يتذكّر ماضيها، ولا هو بقادرٍ على استشراف مستقبلها، فكيف ينصرها إذاً؟". لهذا المعرض عنوان عريض ومؤثر، The Art of Advocacy (فن المناصرة)، ملائمٌ لفنّ تتوسّله مولوني كي تُرينا، بصورة لا لُبس فيها، الهوية الأنثوية الأفريقية تحت الاستعمار، ونظرة الدهشة التي ترتسم على عيون الغرباء حين ينظرون إلى المرأة في أفريقيا، التي تتفانى مولوني في مناصرتها.

تعرض أعمال مولوني في Museum of Modern Art وSmithsonian’s National Museum of African Art وHood Museum ومتحف RISD وMuseum of Biblical Art في الولايات المتحدة. أمّا الأعمال الفنية المعروضة في دبي فمنتقاة من مجموعات مولوني المختلفة، وتحمل الهمّ نفسه، وهو "مناصرة النسوة في القارة السمراء"، منها مجموعة Water Life (حياة الماء)، وقد صوّرت فيها بالألوان صورة قاتمة لما تعانيه المرأة في سعيها إلى الماء، ولما لذلك من أثر عميق في حريتها وصحتها، فنساء أفريقيا هنّ من يتحمّلن مسؤولية جمع الماء، وكأنّ مولوني تقول إنّ "المقدّر أن تحمل أكتافهنّ وحدها عبء هذه الحياة"؛ ومجموعتها The Road of Glory (طريق المجد)، وعرضت فيها كيف يكون الجوع وسدّ الجوع سلاحين في حرب مقيتة. في المعرض أيضاً صورٌ من مجموعة مولوني The Crimson Echo (الصدى القرمزي)، تُبرز فيها قضايا المساواة بين الجنسين، والصحة العقلية، والحقّ في الوصول العادل إلى الموارد الطبيعية، مصوّرةً زخارف لحشرات وأعضاء جسدية مجرّدة من أجسادها، وساعيةً إلى جرّ الناظر إلى الصور كي يقع في فخ التساؤل عمّا يختفي خلف الصورة أو في خيال المصوّرة الإثيوبية، وصولاً إلى نجاح مولوني في غرس بذور مناصرة أفريقيا في وجداننا.