ما أحبّه في صناعة الساعات هو أن ثمة ساعة كبيرة ربما تعود إلى مئات السنين حيناً، وربما تكون قديمة جداً تسبق حقبة الضبط الميكانيكي للوقت أحياناً، ونعني هنا الإشارة المسموعة إلى الوقت. طويلاً قبل أن تكون للساعة وظيفة مهمة، اعتمد أسلافنا على آليات معقّدة لمعرفة الوقت، فكانت ساعات مائية متطورة جداً (clepsydrae) تدقّ معلنة الوقت، فيدرك الناس كم الساعة حتى في الظلام.
في العادة، يُقال إن الساعة المذهلة الحديثة ولدت في عام 1989، عندما أعادت Patek Philippe إطلاق ساعة اليد الدقّاقة للدقائق احتفاءً بمرور 150 سنة على تأسيسها. منذ ذلك الحين، تمتّعت الساعة الدقّاقة للدقائق (ساعة ستدقّ معلنة الساعات والأرباع والدقائق بضغطة زر واحدة) بعودة مظفّرة إلى أن تكون الساعة المفضّلة بوصفها صاحبة التعقيد المرموق بامتياز: إنها قمّة صناعة الساعات. وكما أن إيفرست، الذي كان يعتبر في يوم من الأيام منيعاً على المتسلّقين ويمكن الآن أن يزدحم بهم، وجد جامع الساعات المعقّدة المعاصر نفسه أمام خيار رائع حقاً. ببساطة، لا توجد مساحة كافية هنا لتسمية العديد من الساعات المسموعة الممتازة المعروضة الآن. يكفي أن نقول إن على المرء أن يتقن صنع الساعات الدقّاقة للدقائق كي يؤخذ على محمل الجدّ بوصفه صانع ساعات بارزاً: مثلاً، احتفلت Chopard في العام الماضي بمرور 25 سنة على صناعة الساعات الراقية باستخدام ساعة شفّافة دقّاقة للدقائق.
![]() | ![]() |
كانت البحوث الجارية لتحسين أداء الساعات الدقّاقة للدقائق فكرة سائدة في قطاع صناعة الساعات الراقية في القرن الحادي والعشرين: من تقنية "كريستال غونغ" التي ابتكرتها Jaeger–LeCoultre في عام 2005 إلى ساعة Patek Philippe Fortissimo في عام 2021، وهي ساعة اختبرها خبراء Patek في مقابل ساعات دقّاقة للدقائق منتجة قياسياً في موقف سيارات الشركة تحت الأرض. كان صوت الدقّ الكلاسيكي يصل إلى مسافة 10 أمتار، لكن يمكن سماع دقة Fortissimo على بعد 80 متراً... ربما تحتاج Patek إلى موقف سيارات أكبر.
العلامات التجارية تذهب أبعد من الساعات الدقّاقة للدقائق وتقدّم الآن Grande Sonnerie
ثمة المزيد، فإن عدداً متزايداً من العلامات التجارية يذهب أبعد من الساعات الدقّاقة للدقائق ويقدّم الآن Grande Sonnerie، التي تبلغ عن الساعات والأرباع تلقائياً: Patek Philippe، وVacheron Constantin، وFP Journe، وAudemars Piguet، وGreubel Forsey، وBulgari وغيرها. لكنّ عصراً جديداً من الساعات الدقّاقة افتُتِح عندما أطلقت Patek Philippe، التي احتفلت في عام 2014 بمرور 175 عاماً على انطلاقها، ساعة Grandmaster Chime: وهذه ساعة دقّاقة فخمة وصغيرة مع تسلسل دقّ كامل؛ وإعلان للدقائق؛ ومنبّه مع دقّة خاصة بالوقت؛ وإعلان دائم للتاريخ هو الأوّل من نوعه في العالم. فإلى جانب إعلانها الوقت، تعلن التاريخ أيضاً. وهذا مثال فريد حصّل 31 مليون فرنك سويسري (نحو 27.338 مليون جنيه إسترليني) في Christie’s، ما يجعل هذه الساعة الأغلى مبيعاً في مزاد علني على الإطلاق. وإن كنتم ترغبون في معرفة المزيد، نشرت Patek كتاباً تقنياً في 200 صفحة حول هذا الموضوع.
أدخلت Omega الآن أداةً تزامنيةً دقّاقة استغرق تصميمها ستّ سنوات. لهذه الشركة تاريخ في الساعات الدقّاقة. قبل أن يُطلَق عليها اسم Omega، حملت الشركة اسم مؤسسها لويس براندت، وتحت اسم Brandt صنعت أول ساعة يد دقّاقة للدقائق في عام 1892. وبفضل علامتها الفارقة Speedmaster، تشتهر Omega اليوم بأنها صانعة هذه الأداة التزامنية. لكن، عندما توّلى رينالد أيشليمان الرئاسة التنفيذية للشركة في عام 2016، كلّف قسم البحث والتطوير فيها بإنشاء ساعة تجمع بين هذين الجانبين من تراث Omega، فكانت النتيجة ساعتين تعلنان الوقت المنقضي بدلاً من إعلان الوقت في لحظته: واحدة مستوحاة من ساعة دقّاقة للدقائق من عام 1892، وأخرى تستخدم تصميم Speedmaster المألوف.
![]() | ![]() |
يقول غريغوري كيسلينغ، نائب رئيس المنتجات في Omega، إن الصعوبة الرئيسية كمنت في "دمج وظيفة الأداة التزامنية مع محرّك آلية الساعة الدقّاقة للدقائق. كان علينا التفكير في استراتيجية جديدة في ما يتعلق بالوقت، ولهذا السّبب قرّرنا الإشارة إلى الدقيقة بنبرة منخفضة، ثم تأتي النغمة المزدوجة لتدوم 10 ثوانٍ. إننا نستخدم نغمة عالية النبرة للثواني". كان أيشليمان فخوراً جداً بشهادة Master Chronometer الجديدة التي حصلت عليها Omega، إلى درجة أنه أصرّ على أن هذه الساعة الدقّاقة تلبّي معاييرها الصارمة، وبينها مقاومة المجالات المغناطيسية الشديدة البالغة 15,000 غاوس، ما يعني عملياً أن المرء يستطيع ارتداء ساعته في أثناء وجوده داخل جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي (بالرغم من أن تصميم هذا الجهاز يجعل التحقق من الوقت مسألة صعبة). وسواء اشتريتم الساعة ذات المظهر الرجعي أم Speedy (أو كليهما)، تحصلون أيضاً على صندوق رنين لتضخيم الصوت، مصنوع بخشب شجرة تنوب ألبية عمرها 400 عام، من النوع الذي كان مألوفاً لصانع الكمان الموهوب أنطونيو ستراديفاري.

ثمة سمة مستوحاة من الكمان أيضاً في شكل مفتاح تعيير الساعة المتعرّج في إصدار خاص من ساعة أخرى سمعية غير عادية من إنتاج Jacob & Co. تتمتع هذه العلامة التجارية بمتابعة لصيقة في عالم الموسيقى، لذلك فالساعات السمعية ملائمة، والآن تصبح ساعتها الجديدة Opera Godfather الخاصة باليوبيل الذهبي، التي تقدّم حركة دائرية وتصدر لحناً في آن، متاحة في إصدار خاص للاحتفال بمرور 50 سنة على عرض الفيلم النموذجي الذي تحمل اسمه، ومعها علبة محفورة تذكّر بمشاهد رئيسية في الفيلم. تثير ساعة Godfather الابتسام لتحديثها البارع تقليداً دسّ آلية علبة صندوق موسيقى صغيرة في أحشاء الساعة، وهي في هذه الحالة متنكّرة جزئياً في شكل بيانو ضخم مصغّر، وثمة شخصية جالسة تمثل دون كورليوني لتبيان الحجم. فإن كنتم تفكرون في الحصول على قيلولة مع الأسماك، الخبر السار هو أن هذه الساعة مقاومة للماء حتى عمق 30 متراً.