مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

فنّ

براد بيت فناناً: "من قلب البؤس... شعلة فرح"

تعرفون براد بيت الممثل، أليس كذلك؟ قوامه الرياضي وجسمه المشدود العضلات أبرز ما في صورته التي رسختها الأفلام في الأذهان. تعرفوا إليه اليوم فناناً بصحبة صديقيه توماس هوزيغو ونِك كايف

© مورين أم إيفانز تقدمة من Houseago Studio، لوس أنجليس© مورين أم إيفانز تقدمة من Houseago Studio، لوس أنجليس

"نحن ثلاثةٌ فقط، ونصنع ما نصنعه"، يقول الفنان توماس هوزيغو المولود في ليدز والمقيم في لوس أنجليس، متحدثاً عنه وعن اثنَين من أصدقائه المقرّبين، هما الموسيقي نِك كايف والممثّل براد بيت، وعن معرضهم الفني التعاوني الجديد. يدرك هوزيغو تماماً غرابة هذا الثلاثي؛ يضيف بصوت مفعم بالطاقة: "نعلم أننا مضحكون... لكنه أمرٌ جديّ. أنتم تعرفون براد بيت الممثل، أليس كذلك؟ جسمه الرياضي المشدود العضلات، وهذه صورة له رسختها الأفلام في الأذهان. إنها صورة رائعة، أحبّها. فهو من أعظم ممثّلي جيله. لكنه أيضاً إنسانٌ مختلف، وأنا أعرف هذا الإنسان، وقد أتاح لي أن أتنفّس بطريقة جديدة. آمل في أن أكون قد فعلت له الأمر نفسه".

اجتمع هذا الثلاثي في المقهى في متحف Sara Hildén Art Museum في تامبير، ثاني أكبر مدينة في فنلندا، حيث أقيم معرض يتمحور حول هوزيغو الذي تتولى صالة العرض Gagosian تمثيله تجارياً، وهذا معرضه الكبير الأول داخل متحف منذ عام 2019، يتضمّن أعمالاً نحتية بالخشب والبرونز والجص، ورسوماً على حدّ سواء. سلّط المعرض الضوء على "مسيرته في الأعوام الثلاثة الماضية"، حيث عانى انهياراً حاداً وبدأ رحلة التعافي. يقول: "أشعر الآن كأنّ الحياة كتبت لي من جديد. لم أعد كما كنت. كنت كذلك في السابق. أتذكّر ذلك الفتى، لكنه ليس أنا. وإن أردت أن أقدّم عرضي الأول بعد التعافي، وهذه لحظة مهمّة جداً بالنسبة إليّ، فسأفعل ذلك بطريقة آمنة ومع معاونَيّ المبدعَين".

"مرهقٌ ألا تكون على سجيتك"

ينبذ المعرض، الذي حمل عنوان WE (نحن)، مفهوم الفنان المنفرد لصالح مقاربة أكثر تفاعلاً وجماعية في التعامل مع الفنون. إنها المرّة الأولى التي يعرض فيها بيت وكايف أعمالهما الفنية – يعرض بيت عدداً من المنحوتات، فيما يعرض كايف سلسلة سردية قاتمة من التماثيل صنعها بالسيراميك. ساهم استكشافهم مهاراتهم الإبداعية معاً في بناء أواصر صداقة استثنائية بينهم.
يقول هوزيغو: "أُلقي بنا معاً في قبضة الصدمات والكوارث"، في إشارة إلى معاركهم المشتركة ابتداءً من الإدمان، لا سيما إدمان هوزيغو وبيت الكحول، وإدمان كايف الهيرويين في الثمانينيات، وانتهاءً بطلاق بيت وصراعه للحصول على حضانة الأولاد وما رافق ذلك من تغطية إعلامية واسعة، ووفاة اثنَين من أبناء كايف، وإدراك هوزيغو تعرّضه لسوء المعاملة في طفولته. ساهمت هذه الظروف الصعبة والقاسية جداً في تحريرهم من بعض الكوابح، وفي ترابطهم الآن بعلاقة يمكن وصفها بالرومانسية الأخوية.

"هل يمكنني أن أخبرك أمراً حدث في هذا الصباح؟" يسأل كايف مستذكراً المشهد في المنزل المحاذي للبحيرة حيث يقيمون معاً، وحيث احتفلوا بعيد مولد زوجته، مصمّمة الأزياء سوزي كايف، في الليلة السابقة. "هذا ما حصل: استيقظت هذا الصباح، وحضّرت القهوة فيما كنت بعدُ في ملابسي الداخلية، ولاحظت أن براد يجلس هناك. بدأ العزف على الغيتار وأنشد لي إحدى أغانيّ، وهي أغنية Palaces of Montezuma، ثم دخل توماس [مرتدياً البيجاما] وانضمّ إلينا".

 

Devil Returns from the War (الشيطان يعود من الحرب)، من ابتكار نِك كايف
Devil As Child (الشيطان صغيراً) من سلسلة The Devil – A Life، لفترة 2020-2022، من توقيع نِك كايف
توماس هوزيغو، ونِك كايف وبراد بيت في معرض WE في متحف Sara Hildén Art Museum، في تامبير. خلفهم منحوتة هوزيغو Untitled) Abstract IV) (بلا عنوان - تجريدي 4)، 2015 © مورين أم إيفانز تقدمة من Houseago Studio، لوس أنجليس

وفي حين يؤكد هوزيغو أنهم قدّموا أداء "جيداً جداً"، يضحك بيت قائلاً: "هذا غير صحيح! كنت مأخوذاً أكثر بالأناقة. فقد دخل توماس بشعره الأشعث، وكان هناك انتفاخٌ تحت عينَيّ. وكان نِك يرتدي سروالاً قصيراً متناسقاً مع قميص بأزرار، وكأنه طيفٌ أنيق". في المعرض الذي افتُتِح في وقت لاحق من ذلك اليوم، كانت الصيحة الحماسية التي أطلقها هوزيغو إشارةً لوصول الثلاثي. "نحن أشبه بفرقة من الفتيان!" يعلنها بأعلى صوته عن الثلاثي المتباين: كايف البالغ من العمر 65 عاماً، الذي يتميز بأسلوبه القوطي، ويكاد يشبه مصّاصي الدماء، في بزّة سوداء بقَصّة ضيّقة جداً (من تصميم صديقته بيلا فرويد)؛ وبيت الذي لا يزال وسيماً جداً وهو يبلغ الآن 58 سنة، ويرتدي لباساً كاملاً من قطعة واحدة، يبدو فيه أنيقاً من دون مجهود؛ وهوزيغو، 50 عاماً، الذي يرتدي سروال جينز وقميصاً أبيض مصنوعاً بقماش مطاط وله أزرار عند الياقة، ويمكنكم أن تروا وشومه من خلاله. يقول هوزيغو: "دخل هذان الشخصان الغريبان حياتي في لحظة مدهشة. أحبّاني. قال لي براد: ’أحبّك‘. وأنا قلت له: ’أحبّك‘. لولا نِك وبراد، لما كنتُ هنا بالمعنى الحرفي للكلمة".

عملان فنيان بعنوان Self-inflicted Gunshot Wound to the House، من عام 2017، يحملان توقيع براد بيت © تقدمة من Studio Beep، لوس أنجليس

يعرف بيت وكايف بعضهما بعضاً منذ عقود؛ فقد شاركا معاً في فيلم Johnny Suede (جوني سويد) في عام 1991، لكن بيت وهوزيغو لم يجتمعا إلّا قبل ست سنوات، في حفل أقيم لمناسبة رأس السنة. كان هوزيغو يعاني صعوبات في صحّته النفسيَّة، وكان بيت قد انفصل للتوّ عن زوجته الثانية، أنجِلينا جولي. نشأت بينهما صداقة على الفور. "أصبح بؤسنا المشترك هزلياً"، كما يقول بيت الذي بدأ يتردّد إلى محترف النحّات بصورة منتظمة، ووجد فيه متنفّساً فنياً. "من قلب هذا البؤس ولدت شعلة فرح في حياتي. أردت دائماً أن أكون نحّاتاً؛ رغبت دائماً في خوض هذه التجربة". ثم قام بيت بتعريف هوزيغو إلى كايف، مصطحباً إيّاه لمشاهدة الوثائقي One More Time With Feeling (مرة أخرى مع المشاعر) للمخرج أندرو دومينيك الصادر في عام 2016 – ويتحدّث عن صناعة ألبوم Skeleton Tree (الشجرة العارية) الذي أُنجِز بعد وفاة أرثور، نجل كايف، وهو بعد مراهق.

بعدها، "بدأنا نلتقي بوصفنا مجموعة متنوّعة وغريبة من أشخاص يتحلّقون حول طاولة في عطل نهاية الأسبوع"، كما يروي كايف. كانوا يلتقون إلى موائد العشاء بمشاركة آخرين مثل دومينيك (الذي أخرج أخيراً فيلم Blonde (الشقراء)، من إنتاج شركة Plan B التي يملكها بيت)، والمخرج سبايك جونز، وFlea من فرقة Red Hot Chili Peppers. يتابع كايف: "كان الخروج والتكلم بحرية مع الناس أمراً جديداً عليّ. في العادة، أنكبّ على العمل وأهتمّ بأموري، ولديّ أصدقائي وأشياء من هذا القبيل. لكن، كان يُسمَح لنا بالتكلّم في أي شيء. وهذا كان مصدر تحرّر كبير بالنسبة إليّ".

"أصبح بؤسنا المشترك هزلياً"، يقول بيت عن لقائه هوزيغو قبل ستّ سنوات. في الصورة، الثلاثي وسط منحوتة هوزيغو بعنوان (Cast Studio: stage, chairs, bed, mound, cave, bath, grave)، من عام 2018 ©مورين أم إيفانز تقدمة من Houseago Studio، لوس أنجليس

تَظهر الصداقة الحميمة بين الرجال الثلاثة في جلسة التصوير، حيث الخلفية منحوتةٌ لهوزيغو بحجم الغرفة، صنعها بالجصّ والقنّب وقضبان الفولاذ المقوّى، عنوانها (Cast Studio: stage, chairs, bed, mound, cave, bath, grave) أي (محترف منحوت: مسرح، كراسٍ، سرير، هضبة، كهف، حمام، مقبرة). يتجاذب الثلاثة أطراف الحديث، ويؤدون حركات مضحكة. يخلع هوزيغو حذاءه ويجلس في وضعية التصوير على السرير المنحوت. يبدأ بالغناء. المشهد أكثر من سُريالي. حين تنتقل جلسة التصوير إلى الخارج، يغنّي هوزيغو "The Sound of Music" (صوت الموسيقى)، ويرقص بيت ويدور حول نفسه متوجّهاً نحو الكاميرا.

مفهوم الثلاثي عن We يُقدّم "رسالة بسيطة إنما قوية عن الحبّ والأمل والصداقة والمغفرة، احتفاءً بتغلّب الإبداع على القوى التدميرية"، كما تقول ساريان سويكونين، كبيرة القيّمين على متحف Sara Hildén، مضيفةً أن الأنشطة الجديدة هي عبارة عن "معرض ضخم حيث يُعيد توماس هوزيغو اختراع نفسه نحّاتاً يعرض الآن أيضاً رسوماً قوية بشكل استثنائي".

من نواحٍ عدّة، وبالرغم من أن الضجّة الإعلامية تمحورت إلى حدّ كبير حول تجربة بيت الأولى في عالم الفنون، هوزيغو هو مَن يستحوذ على اللحظة، فيما يؤدّي بيت وكايف أدواراً داعمة. تقودنا الجولة في صالة العرض التي يملكها من المنحوتات الضخمة المصنوعة بالبرونز إلى مجسّمات جصّية تحتلّ مساحات شاسعة، فضلاً عن انصهار أشياء وجدها على الشاطئ وجمعها مع ولدَيه، بيا، 16 عاماً، وآبي، 13 عاماً. يقول أوتيلي ويندسور، المسؤول عن الاتصال الفني لصالح هوزيغو في صالة عرض Gagosian: "من قلب الأناقة الساحرة التي تبطنها تماثيله المنقوشة في الخشب الأحمر، تبرز في رسومه الأخيرة نظرةٌ جديدة إلى الطبيعة، وإلى قدرتها على الشفاء".

"حيث نشأت تكبت كلّ شيء في داخلك"

شكّلت محادثة هاتفية مع كايف الحافز وراء مجموعة الرسوم الجديدة بريشة هوزيغو، والتي تتأرجح دراماتيكياً بين الرؤى الكابوسية المرعبة والمشاهد الأكثر "كونية". يقول المغنّي الأسترالي المقيم في المملكة المتحدة: "حين قال توماس ’لا يمكنني حتى أن أحمل ريشة رسم‘، أو شيئاً من هذا القبيل، عقدنا اتفاقاً. قلت له: ’حسناً، أجد صعوبة في كتابة الأغاني. سأكتب لك أغنية إذا رسمت لي لوحة‘. أشعل ذلك شيئاً ما في داخلي". حين التزم كايف بنود الاتفاق وأرسل بالبريد الإلكتروني القصيدة التي تحوّلت إلى أغنية "White Elephant" (الفيل الأبيض)، بادر هوزيغو إلى التحرك. يروي: "في ذلك الوقت، لم أكن أنجز أي عمل فني. كنت قد أنهيت عملي، وكنت أمارس الجري والمشي في ماليبو، محاولاً التواصل مع الطبيعة. وقعت عيناي على زهرة وفكّرت في نفسي، ’سأرسمها من أجل نِك‘".

كان هذا التبادل الإبداعي أحد العوامل الذي دفع بكايف إلى أن ينحت تماثيل بالسيراميك، وأن يعرض في تامبير سلسلة من 17 تمثالاً صغيراً أُنجِزت في محترف في جنوب لندن بمساعدة النحّات البريطاني كورن جونسون، وبوحيٍ من زخارف ستافوردشاير الفيكتورية المسطّحة التي يهوى جمعها. يقول عن الأشكال المفرطة في الزخرفة نوعاً ما والتي تحوّلت إلى عمل بعنوان The Devil – A Life (الشيطان – حياة): "أملك المئات منها". الفكرة التي انطلقت من رغبة في صنع تمثال صغير واحد للشيطان كأداة لتجسيد اللون الأحمر اللمّاع القوي "تحوّلت إلى مسيرة تتّجه نحو نوعٍ من الانعتاق من سلسلة من الحوادث المدمّرة. هذه [أعمال السيراميك] – وفي الواقع، جميع الأغاني التي أكتبها – هي تظهير لفكرة المغفرة، ولفكرة أن الجمال ينطوي على فضيلة أخلاقية. إنه نوعٌ من فعل التوازن تعويضاً عن آثامنا". وكما في الموسيقى التي يقدّمها، النتيجة جميلة ووقعها قويّ إلى درجة يتوقّف معها القلب عن الخفقان.

يبدو تصنيف العمل الذي يؤديه بيت صعباً جداً. جرى التداول على نطاق واسع بأخبار عن عشقه السيراميك خلال فترة الإغلاق العام، ومجموعة من حاملات الشموع التي صنعها يدوياً بالبورسلين معروضة بين منحوتات هوزيغو. تُثير أعماله النحتية الأكبر حجماً شعوراً أقوى بالاضطراب: فاللوح المصنوع بالجصّ الناتئ وعليه طبعة من جسده يمثّل تجسيداً لمشاهد تبادل إطلاق النار في الأفلام (إنما أيضاً "لنزاع داخلي"، كما يقول)، والهيكليات المبسّطة المصنوعة بمادة السيليكون على شكل منزلٍ والتي تعرّضت لإطلاق النيران – عنوانها Self-inflicted Gunshot Wound to the House (جرحٌ ذاتي بطلق ناري في المنزل) – تُبرز أوجه التشابه مع دمار حياته المنزلية الذي ينكشف للعيان بوضوح شديد. يشرح: "يتمحور كلّ شيء حول انعكاس الذات. كنت أتأمّل حياتي وأركّز حقاً على تحمّل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبتها: أينما ساهمت في الإخفاقات في علاقاتي، ومهما كانت الهفوات التي ارتكبتها. انطلقَ ذلك من تحمّلي المسؤولية في ما أسمّيها جردة جذرية لذاتي، حيث أكون صريحاً مع نفسي إلى حدّ القسوة، وأقرّ بأنني ربما أسأت إلى بعض الأشخاص".

تفصيل من العمل الفني Aiming At You I Saw Me But It Was Too Late This Time (عند التصويب نحوك رأيت نفسي لكن فات الأوان في هذه المرة)، من عام 2022، يحمل توقيع براد بيت © مورين أم إيفانز تقدمة من Studio Beep، لوس أنجليس

بدا بيت، خلال تناوله سندويشاً في وقت لاحق في المقهى، مرتاحاً للتنفيس عن مكنوناته. فهذا الرجل الذي تترصّده الأعين في كل خطوة من خطواته – ابتداءً من الخاتم في إصبعه وانتهاءً بإقلاعه عن إدمان الكحول وبالعلامة التجارية الجديدة التي أطلقها لمستحضرات العناية بالبشرة – منفتح بطريقة مفاجئة على التعبير عمّا يخالجه. يقول: "مرهقٌ ألا تكون على سجيتك. فنحن، أقلّه حيث نشأت، أقرب إلى شخصية كلينت إيستوود؛ تكبت كلّ شيء في داخلك، وأنت قادر على ذلك، ويمكنك التعامل مع أي شيء، ويجب ألا تُظهر ضعفك. أرى ذلك في والدي والجيل الأكبر من الممثّلين، إنه أمرٌ مرهق جداً. وفيما أتقدّم في السن، أجد في الصداقات مصدر راحة كبيراً، إذ يمكنك أن تكون [على طبيعتك تماماً]، وأريد أن ينسحب ذلك على العالم الخارجي. خلاصة القول هي أنني بخير. أشعر بأمان هنا لأن التركيز ينصبّ على صراعاتنا بوصفنا كائنات بشرية، فهي محفوفة بالمخاطر، وبالفرح أيضاً".

الكلام بانفتاح عن الحزن والصدمات، إنما من دون أن تصبح السمة الطاغية التي تطبع شخصية الإنسان، موضوعٌ يثير قدراً كبيراً من النقاش. يقول بيت: "وجدت أن عليّ أن أكمل مسيرتي مع الألم الذي أعيشه، وأن أكمل أيضاً مع الفرح والجمال".

يضيف كايف: "عند الحديث عن أمور كالصدمة، أكون أشد حذراً [من هوزيغو]. فأنا أقدر على ضبط مشاعري إلى حدّ كبير". يستذكر واقعة حدثت حين كان يعرض مع هوزيغو بعض الأزياء لعلامة The Vampire's Wife التجارية المختصة بالموضة والتي تملكها سوزي كايف: "كنا جالسين هناك وكانوا يغسلون شعرنا، وفي غضون 30 ثانية من الحديث مع [مصفّف الشعر]، باح توماس بأحداث مثيرة جداً للصدمة ومشوّشة للعقل". بالرغم من ذلك، لا يبتعد كايف عن طرح المواضيع الصعبة في كتابه الجديد Faith, Hope and Carnage (الإيمان والأمل والمذبحة)، ولا في مدوّنته The Red Hand Files (ملفات اليد الحمراء) القائمة على طرح الأسئلة والإجابة عنها. يقدّم الكتاب والمدوّنة استكشافاً مذهلاً لأحزانه. "تلك أمور أخرَجها منّي أشخاصٌ يتماهون مع وضعي؛ عليك أن تجيبهم بصدقٍ وشغف. هناك مرحلة معيّنة من الفقدان تشعر خلالها بالذعر وينهار كل شيء؛ تصبح حياتك مدمّرة. أعرف أن ثمة طريقة لتجاوز هذه المرحلة. أعلم ذلك لأنني مررت بها، وأشعر بأن الواجب يحتّم عليّ أن أتحدّث مع أشخاص في الجانب الآخر من الهوّة".

إلى أيّ حدّ يجب أن يصل البوح؟ هذا ما يحاول هوزيغو الإجابة عنه حالياً. يقول: "مهنياً، ليس عليّ أن أتكلم عن تعافيّ مراراً وتكراراً؛ فهو واضح في أعمالي. لكن على الصعيد الشخصي، أريد أن أتأكّد من أن كلّ مَن ينظر إلى أعمالي ويشاهد هذا المعرض يدرك أنني منفتح على الكلام عن الصدمات والحلول، بطريقة قريبة جداً من الناس. إن كانت ثمة حاجة لأقصد مكاناً ما وأتحدّث عن سبل النجاة من الصدمات في مراحل الطفولة الأولى، فأنا مستعدّ لذلك".

يعبّر كلٌّ من بيت وكايف عن نيّته مواصلة المسيرة في مجال الفنون البصرية. بدأ كايف بصناعة سلسلة جديدة من التماثيل بالسيراميك. ويشعر بيت، من جهته، بأن هذه الممارسة تتمحور حول الفن بوصفه وسيلة علاجية: "أشعر أن ثمة نداء أسمى، وتواصلاً من جديد. ينطوي التعبير بالأشياء الملموسة على شيءٍ من التحرّر...". أما هوزيغو فيعمل بحماسة على وضع اللمسات الأخيرة على منحوتة كبيرة الحجم ستُعرَض في الهواء الطلق في لوس أنجليس، وهو أنجز أيضاً سلسلة من المنحوتات الجديدة لمركز Centre Pompidou-Metz عُرِضت إلى جانب الرسوم ابتداءً من 22 تشرين الأول (أكتوبر). تجسّد جميع هذه الأعمال روحه الجديدة المفعمة أملاً. يختم قائلاً: "من الواضح تماماً أن مهمتي هي التغنّي بجمال العالم".

أقيم معرض Thomas Houseago – WE With Brad Pitt & Nick Cave (توماس هوزيغو – نحن مع براد بيت ونِك كايف) في متحف Sara Hildén Art Museum، تامبير، واستمر حتى 15 كانون الثاني (يناير) 2023. سافرت فيكتوريا وودكوك ومورين أم إيفانز إلى مدينة تامبير (tampere.fi) تلبية لدعوة خاصة

0 تعليقات

شارك برأيك