لطالما كانت مكسيكو سيتي مدينة والدي، ففيها عاشت أكثرية أفراد عائلته. خلال نشأتي في تيبوستلان، وهي بلدة صغيرة تبعد عنها ساعة أو ما إلى ذلك، كنا نجتمع هنا في المناسبات المهمة: التجمّعات العائلية، وعمل والديّ، والمتاحف. أتذكر المجيء إلى المدينة لارتياد السينما. كانت تربطني بهذه المدينة الكبيرة والخاصة صلة عاطفية دائماً. ولم يطل بي الأمر حتى جعلتها مدينتي ومقر إقامتي حين بلغت التاسعة عشرة، وانتسبت إلى جامعة فيها.

تبدو مكسيكو سيتي، في عيني الناظر إليها، مدينة مثيرة جداً. ببساطة، أحبّ المشي في الحي الذي أقيم فيه، كونديسا، والذهاب إلى الحديقة أو ركوب الدراجة مع ابني. نخرج لاحتساء القهوة بالحليب لدى Qūentin، وهو مقهى رائع قريب من المنزل. ومن خلال عملي طاهيةً، أعتقد أن الأسواق هي من بين أفضل سمات المكسيك، فهي أشبه بعوالم خاصَّة. أحب Mercado Jamaica، وهي سوق كبيرة للأزهار، تُبَاع فيها أيضاً منتجات طبيعية أخرى رائعة. طبعاً، أعشق La Merced، وهي السوق التقليدية الأضخم في مكسيكو سيتي. إنها سوق مجنونة، فيها أطنان من الفاكهة والخضار؛ لتعلن بامتياز إنها مكان عامر بالحياة. إن كان السائح يبحث عن أفضل طريقة لرؤية المدينة، فعليه انتقاء إحدى جولات الطعام الخاصة التي توفرها شركات متخصصة، مثل جولات The Curious Mexican التي تنظمها أناييس مارتينيز. وهناك أيضاً La Nueva Viga، سوق السمك الكبيرة، وسوق المنتجات العضوية Mercado el 100، التي توليت بعضاً من مسؤولية إنشائها. يأتي الرقم "100" لكون المنتجات كلها تأتي من مناطق تقع ضمن 100 ميل (161 كيلومتراً) من سوكالو، الساحة العامة في قلب المدينة.
![]() |
من دواعي سرور المرء أن يزور هذه المدينة إن كان يحبّ الطعام، فالخيارات المتاحة أمامه كثيرة. بالنسبة إلي، أرتاد بانتظام Hugo، وهو مقهى للمشروبات يقدّم الكثير من الأطباق السريعة التحضير والشهية. أحبّ ما يقدمه ميكي كريسبو الذي يطهو هناك، وكذلك إيزابيل. لا يقصد المرء هذا المكان ليفكر في ما يأكل، إنما ليستمتع بما يأكل فحسب. يذكرنا هذا المكان بالعديد من المطاعم الأخرى التي أحبّها، مثل Estela في نيويورك، أو ما كان عليه Bar Tartine في سان فرانسيسكو، لأن ميكي عمل طاهياً هناك. Ticuchi رائع أيضاً، وأنا أحتاج إلى ارتياده بوتيرة أسرع. أحبّ صاحبه غونزالو غوت، وعندما أقصد هذا المطعم، آكل ما يقدّمونه لي فحسب.


لتناول المشروبات، أذهب إلى San Angel Inn. إنه مطعم تقليدي يتمتّع بجو خاص جداً يرمز إلى عصر مختلف، شأنه شأن الكبسولة الزمنية. هذا مبنى من العهد الكولونيالي، له فناء مركزي، وتقدّم فيه مشروبات لذيذة جداً. أحبّ الجلوس على الشرفة والاستمتاع بطراز الخدمة الشبيه بتقديم المقبلات.

الأسواق في المكسيك أشبه بعوالم خاصة
أحبّ حقيقة أن الجميع مهتم الآن بالحِرَف والتصاميم المكسيكية. لطالما كننت إعجاباً كبيراً بها، ربما لأن أمي الأجنبية وجدتي الفلورنسية كانتا دوماً مبهورَتين جداً بالمنسوجات غير العادية. ومتجر التصميم المفضل لدي هنا هو Onora، فلديه أعمال حِرَفية مكسيكية مشغولة بشكل جيد ومسؤول ومستدام. وهناك Remigio، الذي سُمِّي تيمناً باسم مالكه، ويركز على منسوجات أوكساكا. ويبيع Remigio قطعاً يكلّف بصنعها بالتعاون مع تعاونيات ونسّاجين وصبّاغين. ثمة كثير من الكنوز التي يمكن العثور عليها هناك.
في زاوية الموضة، أعشق كارلا فرنانديز. فالمميز حقاً في علامتها التجارية هو دمجها التقنيات والمنسوجات المكسيكية التقليدية في الملابس اليومية لكن غير البسيطة. مفهومها شبيه تماماً بالمفهوم المعماري. في العادة، أتسوق في متجرها في ألفارو أوبريغون، وهو قريب من منزلي.

عندما أحتاج إلى إشباع رغباتي الثقافية، فإن متحف National Museum of Anthropology هو أحد أكثر الأماكن الاستثنائية في مكسيكو سيتي. فيه قطع رائعة من الفن المكسيكي ما قبل المرحلة الهسبانية، وأشياء وأدوات يومية. يحمل التصميم والهندسة المعمارية توقيع بيدرو راميريز فاسكيز، الذي كان شخصية مهمة في المكسيك؛ وكما يعرف أغلب الناس، للعمارة أهمية خاصة هنا.
أحبّ أيضاً وسط المدينة، فهناك تُتاح لي فرصة مشاهدة ما في داخل القصور المذهلة، مثل مبنى وزارة التعليم العام وفيه أولى جداريات دييغو ريفيرا الكبيرة الحجم. ويمكنكم أيضاً مشاهدة جداريات ريفيرا في Palacio Nacional. ولمتحف National Museum of Art أهمية شخصية عندي، فهو أول مكان عملت فيه. وفتحت مطعمي Contramar في أثناء عملي هناك. بالرغم من أن منطقة وسط المدينة عانت تحدياتٍ جمّة في العامين الماضيين، عادت الآن تغصّ بحشود من الناس عامرة بالحيوية.