لست مقيماً في دبي، لكنني أتحيَّن كل فرصة سانحة لأمرّ بها، حين أسافر للعمل. أمَّا إذا اتسع الوقت للمتعة والاستجمام، فهي وجهتي الأولى، صيف شتاء، وحدي ومع العائلة. ولمن يسألني عن هذا الولع بدبي، جوابي الدائم هو: "إنها عاصمة الأدرينالين".
في دبي، الانسياق تام لتجارب قلّما تجدها مجموعة تحت سقف واحد. أين يمكنك أن تجمع في يوم واحد سماء وماء وصحراء؟ ما لا يُنسى هو أن تمشي على ارتفاع 220 متراً. أقف هناك، في الأعالي، فوق منصّة Sky Views التي تتوّج الجزء العلوي من برجي فندق Address Sky View، فأرى المدينة منبسطة في صورة جميلة تجمع في إطارها برج خليفة ووسط مدينة دبي وشارع الشيخ زايد، ماشياً فوق الممشى الزجاجي الممتد 46 متراً بين البرجين. هناك، ألتقط في كل مرة صوراً في غاية الجمال، واقفاً في منطقة من خارج هذا العالم.

لا أخفي أنني لم أستمتع بهذا الممشى في أول مرة قصدته، فالنظر من هذا الارتفاع الشاهق ما كان أمراً سهلاً، لكنني اعتدت المكان، وصار مكاني المفضل إذا أردت أن اشعر أنني أملك هذا المشهد حتى صرت، في كل مرة أقصده، أتقصّد أن ألاحظ جانباً جديداً محدداً من دبي. ينتابني إحساس دائم بالأنانية قليلاً مع كل صورة ألتقطها هنا... فربما لا أريد أحداً أن يشاركني المكان، بالرغم من أنه يعجّ بالزوار دائماً. والإثارة لا تتوقف هنا... فإن أردت أن تشعر بنبض قلبك في عنقك، وأن تتذوق الطعم الحقيقي للأدرينالين، فوافني إلى Sky Views Edge Walk، لتمشي على حافة العالم. ارتديت ملابس مخصصة للتعليق الآمن، وربطوني بالحبال، وسرت على حافة خارجية شاهقة تطوّق المبنى كاملاً لا أسمع إلا صوت أنفاسي، حتى كاد صدري الذي يعلو ويهبط سريعاً يسدّ أمامي مشاهد حصرية لدبي. لكنني تغلبت على خوفي الآن، وصار هذا المشي مزاجاً دورياً. وبعده أمرح قليلاً، مستعيداً ما انقطع من أنفاسي منزلقاً من الطابق 53 في الفندق إلى الطابق 52 على Sky Views Glass Slide، وهي زلّاقة زجاجية شفافة، أحظى فيها بعرض كامل بزاوية 360 درجة للمدينة... نصيحة لمن يجربها أول مرة: لا تنظر إلى الأسفل أبداً.
"لمن يسألني عن ولعي بدبي، جوابي الدائم هو أنها عاصمة الأدرينالين"
الإثارة المشوبة بالخوف توقظ فيّ جوعاً أحسه مزمناً، فأرتاد مطعم Li’ Brasil في الفندق نفسه، حيث أتناول في كل مرة طبقاً مختلفاً من لائحة طعام، فيها ثمرة مزيج دقيق بين المذاقين اللبناني والبرازيلي.

دبي ليست ساحلاً فقط، لمن اعتاد رؤية الجميرة وبرج العرب وبرج خليفة، وكلها تغسل أقدامها في مياه الخليج العربي، بل فيها الجبل أيضاً. وجهتي منتجع هو الأول والوحيد هناك، وهو فندق JA Hatta Fort، على بعد 90 دقيقة من وسط دبي. لبّيت مرّة دعوة مديرة الفندق، ديبوراه تومسون، فاصطحبتني في جولة في أرجاء المكان الواقع على مساحة 80 أكراً، ومنذ ذلك الحين صار ملاذي الفريد بفضل مناظره الطبيعية الجميلة على خلفية جبال الحجر. في هذا الفندق المبني في عام 1981، كما أخبرتني، 55 غرفة وجناحاً فسيحاً على نسق الشاليهات مع شرفات ومطعمين ومسبحين خارجيين ومنتجع صحي وأنشطة ترفيهية في الهواء الطلق.
![]() © JA Hatta Fort |
![]() |
إنه ملاذ فعلاً لمن يبحث عن الهدوء، خصوصاً حين تشاهد طيور الطاووس تتجول في الحديقة بريشها الملون الجميل، أو حين تزور حديقة النحل. لا شك في أن تومسون تفي بوعدها في كل مرة آتي هنا، إذ وعدتني منذ البداية بتقديم "ضيافة صادقة تترك فيّ ذكريات دائمة"، مضيفةً: "اصطحب عائلتك معك متى تسنح الفرصة، فثمة الكثير لتستمتعوا به هنا، كالمواجهات الجذابة بين الغزلان والأرانب والماعز والسلاحف، ويمكن الأطفال والأولاد ركوب المهر، أو ممارسة رياضات مثل الغولف أو التنس أو تنس الطاولة أو لعبة هوكي الهواء".


أجمل ما في موقع هذا الفندق هو قربه من مسارات لهواة المشي، لا أوفّرها أبداً، خصوصاً قبل اشتداد الشمس. أما بعد اشتدادها، فحوض السباحة هو المقصد الدائم. أما الأجمل غذائياً فمطاعمه الثلاثة: مقهى Gazebo لتناول الطعام طوال اليوم، مع إطلالات رائعة على المسبح ، وSunset Terrace للاستمتاع بمغيب الشمس خلف الجبال، وJeema المميز ببوفيه غني في عطلات نهاية الأسبوع. أما Palm Tree Garden فأتركه للمساء، أتناول فيه مشروبات منعشة تخفف عني القيظ.

في هذا الفندق، هويت لعبة الغولف. لكنني مارستها فعلياً في ميدان Topgolf Dubai، حيث وجدت الرياضة والترفيه مجتمعين في نادي الإمارات للغولف. هناك، تعلّمت أي عصا أستخدم في كل مرة، وتدرّبت على إتقان قذف الكرات الصغيرة (100€ تقريباً لكل درس فردي يمتد 45 دقيقة) في الميدان الواسع الذي تتجاوز مساحته 60,000 قدم مربع، وتمتعت بألعاب رقمية بتقنية الواقع الافتراضي… ذروة المتعة بفضل 300 شاشة رقمية منتشرة في الميدان. آخر مرة زرت الميدان مع عائلتي، لعبنا الغولف في خمسة ثقوب بباقة The Bunker Mini Golf، إنه مرح رياضي عائلي عنوانه الأدرينالين: تجربة افتراضية تقدم سباق السيارات ومنافسات الكريكت والصيد بالصقور والتنس وسباقات الخيل والدراجات الهوائية وكرة القدم… والغولف طبعاً. والعشاء دائماً رائع في استراحة The Yard، حيث الموسيقى الحية تعدل المزاج.