مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

الطعام

لهذا قصدنا الحانة

إن قصدت أوّل مطعم افتتحه إيوان ومانويلا ويرث في لندن، فستخوض تجربة مذاقات مختلفة في وجبات شهية متعدّدة

© سيم كانيتي-كلارك © سيم كانيتي-كلارك

ليس صاحبا دار العرض Hauser & Wirth المتخصِّصة في الفن المعاصر، السويسريان إيوان ومانويلا ويرث، بعيدين عن المشاريع الطموحة في قطاع الضيافة. فمن خلال شركة Artfarm للضيافة التي أطلقاها في عام 2014، يُشرفان على مطعم Manuela في لوس أنجليس، وRoth Bar & Grill في سومرست، وفندق Fife Arms في إسكتلندا الذي ينتشر في أرجائه أكثر من 14 ألف تحفة قديمة وعمل فني، بينها أثر بريشة بيكاسو وآخر ابتكره فرويد. وفي آب (أغسطس) المنصرم، أُعلِن أيضاً أنهما اشتريا Groucho Club في سوهو.

لكن شهد شهر أيلول (سبتمبر) إطلاق أول مشاريعهما اللندنية، The Audley، عند تقاطع شارعي ماونت وساوث أودلي بمايفير. حتى لو قيس بمقاييسهما، فإنه "مشروع مجنون" وفقاً لما يقوله إيوان، إذ يوفر لهما دار ضيافة قريبة من دار العرض خاصتهما في سافيل رو وصالةً رئيسية مقبلة في شارع ساوث أودلي (مقررٌ افتتاحها في عام 2024).

سقف The Audley Public House مزين بعمل فني من ابتكار فيليدا بارلو © فيليدا بارلو، تقدمة الفنانة وHauser & Wirth

كان المبنى، وقد شُيّد في عام 1888 وصمّمه توماس فيريتي المسؤول عن القسم الخارجي من الجناح الخاص بنادي Lord’s Cricket Ground، فندقاً ثم تحوّل إلى حانة فيها غرف مخصّصة للموظفين. يضمّ الفندق اليوم The Audley Public House في طابقه الأرضي، ومطعم Mount St المفتوح على مدار الساعة في طابقه الأول، وأربع صالات خاصة مذهلة لتناول الطعام في الطوابق الأعلى، إضافة إلى نحو 200 أثر فني معروضة في أرجاء المكان.

الحانة الواقعة في الطابق المطلّ مباشرة على الشارع هي الأكثر تمسّكاً بأصول المبنى. رُمِّم المدخل المبلّط، كما رُمّمت الألواح الخشبية القاتمة في الداخل. وثمة كراسٍ منخفضة، وسجادات زرقاء/رمادية قاتمة، وألواح سوداء وراء المنضدة يُكتب عليها. يقول إيوان عن المخطط الأصلي: "الإطراء الأفضل هو أن يُقَال: 'ما هذا الإنجاز؟'"، علماً أن على المرء أن يكون ثملاً ليفوت إضافةً مهمةً: لوحةٌ جريئة الألوان بريشة الفنانة البريطانية فيليدا بارلو، تتألف من ورق مطليّ يدوياً، قُصّ وألصق على طريقة الكولاج، وثبتت في السقف.

تنضمُّ لوحة A Plate Of Prawns بريشة فرويد إلى لوحة Lobster بريشة وارهول

في المطعم الذي يستضيف 64 شخصاً، والواقع في الأعلى، ثُبّت تجهيزٌ غنيٌّ آخر: أرضية فسيفسائية رخامية من ابتكار الفنان الأميركي رشيد جونسون. من الواضح أن إيوان ومانويلا استمتعا جداً بجمع لوحات لتعليقها على الجدران. يرتبط العديد منها بالطعام، بما فيها لوحة A Plate of Prawns (طبق الجمبري) بريشة لوسيان فرويد، ولوحة Éperlans (سمك الهفيات) بريشة هنري ماتيس، ولوحة Lobster (كركند) بريشة أندي وارهول، وفي بيت السلّم عُلّق عمل Ohne Titel (Wurstserie) (من دون عنوان (سلسلة النقانق)) المؤلف من 10 صور فوتوغرافية بعدستي فيشلي وويس. وهذا العمل العائد إلى العام 1979 قريب بشكل خاص من قلبَي صاحبي دار العرض، بوصفه من ابتكار فنانَين سويسريَّين ومديحاً للنقانق التي يحبّها إيوان ومانويلا كثيراً. تقول مانويلا: "نحن من سانت غالين، وهي موطن نقانق العجل الشهيرة المسمّاة نقانق سانت غالين". يضيف إيوان: "تزداد حجماً بعدما تتناولها".

حساء لندن بارتيكولر في The Audley Public House © جون كاري

تتميز صالات تناول الطعام الخاصة في الطوابق الثاني والثالث والرابع بطابع خاص. في "الغرفة السويسرية"، عُلِّقت لوحات بريشة فرديناند هودلر، وثمة كراسٍ قديمة صمّمها ويلي غول. عن "الغرفة الإيطالية"، يقول إيوان: "كان علينا أن نضع عملاً من أعمال دي شيريكو"؛ لذا عُلِّقت لوحة La Muse (الملهمة) (1974)، إلى جانب أعمال فنية أخرى. أهم ما يميز "الغرفة الإسكتلندية"، وفيها طاولة مآدب تتسع لـ26 مقعداً تحت نجفةٍ ضخمةٍ مصنوعة من قرون الوعل، لوحة من العام 1740 تصور بوني برنس تشارلي بريشة فنان البلاط الإيطالي دومينيكو دوبرا. الإباحية تهيمن على "غرفة الألعاب" في الطابق العلوي، والتي تتكوّن من ردهة وبار. في السقف، ثُبِّت عمل فني كُلِّفت بتنفيذه أنج سميث، يُعيد تفسير الإيروتيكية اليابانية التقليدية المختلطة ببعض الممارسات الغربية (tentacle erotica) (كان عليّ التفتيش عن معناها في القاموس)، إلى جانب رسوم مختلفة مهبلية بريشة أيدا أبلبروغ، وشيء يشبه النقانق رسمه روبرت مابلثروب.

داخل مطعم Mount St © سيم كانيتي-كلارك

يذكّر الطعام، المعدّ بإشراف الطاهي جايمي شيرز الذي عمل في السابق مساعداً للطهاة غوردون رامسي وكريس غالفين وولفغانغ باك، بالأطباق البريطانية الكلاسيكية. ومن الأطباق المتوافرة في الحانة طبق راربيت لندن، وهو نسخة من الراربيت الويلزيَّة التي تستخدم جعة London Pride وتُقدَّم على عجين مخمّر، وهي نضرة إلى درجة أنكم تستطيعون التقاطها مثل الكانابيه؛ ولندن بارتيكولر، وهو حساء من البازلاء المفتوحة وعرقوب الخنزير يستوحي اسمه من ضباب لندن المسمّى "حساء البازلاء". بطبيعة الحال، ثمة نقانق أيضاً، بما فيها نقانق سانت غالين مع الخردل ملفوفة بالخبز، كما يحبّها بعض أصحاب دور العرض السويسريين.

تقدم قائمة المطعم الأكثر رقياً مقبلات مثل عجة أرنولد بينيت، وكروكيت موك تورتل، وثعبان البحر المدخّن الفاخر مع سلطة البطاطا، يليها الحمام في بيمليكو (زغلول وكبد الإوز وفطر أون كروت مع صلصة البيكون المدخن) وفطيرة الكركند الشهية لشخصين. تشمل الحلويات سوفليه الخوخ-ميلبا ومهلبية التوت البري (تقدم في قالب على شكل أرنب).

ثعبان البحر المدخن مع الكافيار وسلطة البطاطا © جون كاري

"أخيراً بات [لفنانينا] منزل في لندن. ستكون لهم دائماً طاولة هنا"، يقول إيوان. لكن، هل يتعيّن عليهم أن يدفعوا (لأنهم لا يفعلون في المطعم في لوس أنجليس)؟ "لا!"، تقول مانويلا. ويقول إيوان في الوقت نفسه تقريباً: "سنرى". ومن بين العامة، الأمل معقود على أن يأتي الناس من أجل الفن. لكن، هل سيغادرون حاملين قطعاً فنية أيضاً؟ أفكر في المقام الأول في مرذّات الملح والفلفل المستوحاة من منحوتة بول مكارثي الشبيهة بلعبة جنسية والمسمّاة Tree (شجرة). يُقرّ إيوان قائلاً: "سرقت منافض السجائر طيلة حياتي. لكننا نثق في الناس. [في Fife Arms] لم يختفِ شيءٌ إلا مطبوعة واحدة بقيمة 5£ من المرحاض في يوم الافتتاح". إلى ذلك، الأوعية ثقيلة جداً، وسرقتها تشبه سرقة سندان.

0 تعليقات

شارك برأيك