العلامة الفارقة في أسلوبي الشخصي هي ثلاثة خواتم ذهبية لا تفارق يدي، وتحمل ذكرى غالية عندي، إثنان منها هما خاتما زواج أبي وأمي. كان والداي لاجئين بولنديين بعد الحرب العالمية الثانية، التقيا في لندن حيث كانا يدرسان هندسة العمارة. كان أبي رساماً. ومنذ كنت في الخامسة، كنا نقصد المعارض الفنية. اصطحبانا، شقيقي وأنا، إلى Hayward Gallery وTate وغيرهما، وجُلنا في أوروبا لنزور المعارض. كان هذا عالمي. لم نكن ميسورين حينها، لكنّ والديّ اشتريا سيارة، وكنا نستقل العبّارة إلى فرنسا لزيارة المباني الحديثة والكاتدرائيات العظيمة. الخاتم الأول يعود لأبي منذ الخمسينيات، وأضاعت أمي خاتمها، فاشترت آخر في السبعينيات. الثالث هو خاتم زواجي. وأحبّ التزيّن بها معاً، وأستبدل أحياناً الفضي بالذهبي.

آخر شيء اشتريته وأحببته كان عملاً للفنانة البريطانية فيونا راي التي تدفع باللون إلى "الانفجار" من خلال سلسلة من الأحداث في لوحاتها ومطبوعاتها، بين التجريد والخط. إنه عمل فني رائع، من المثير تأمّله.
مكان يعني لي كثيراً هو دار عرض Whitechapel Gallery. استقلت لتوّي من إدارتها، لكنني لن أتوقف عن المساهمة فيها. كنت طالبة في عام 1979 حين شهدت أول معرض هناك، وما زلت أذكر تلك اللحظة إلى اليوم. كان معرضاً لفنانة تدعى إيفا هيسّه، وأدركت فوراً أن هذا المكان هو عالمي، وعليّ أن أكون جزءاً منه. إحدى المسائل الرائعة في Whitechapel Gallery هي أنه يُسمح للمرء بإقامة معارض فردية وأخرى جماعية، إضافة إلى عرض أعمال فنية خاصة. كذلك، تُعد استعارة مجموعات فنية واستضافتها أمراً ملفتاً. تعلّمت الكثير من خلال هذه المجموعات. قدّمنا مجموعة برجيل من الشارقة في سلسلة من أربعة عروض باسم Imperfect Chronology (تاريخ غير مثالي) في عام 2015. فيها توطّدت علاقتي بالفنّ العربي في القرن العشرين. قبل ذلك، أقمنا معرضاً لأعمال وليد رعد وإميلي جاسر. وأدركت حينها أنّ في الشرق الأوسط كنوزاً من الإبداع. ما لم أعرفه كان قصة الفنّ الحديث. مثلاً، من عرف بحال الواقعية السُّريالية في مصر، وبفنانين مثل إنجي أفلاطون، أو بكبار الحداثويين الأوائل مثل الفنان السوداني إبراهيم الصلحي أو الفنان العراقي ضياء العزاوي؟ تعكس المتاحف الغربية الفنّ المعاصر الآتي من العالم العربي، وأنا أتعرّف الآن على علاقة هذا الفن بالحداثة، فهذه قصة لم تُروَ حقاً في الغرب، بالرغم من أن العديد من هؤلاء الفنانين درسوا في الغرب، ثم عادوا إلى بلدانهم ليدمجوا حداثةً عالميةً في ثقافتهم الخاصة وفي تقاليدهم الخاصة. لقد أقاموا حواراً بين الحداثة والتقاليد.

مكان أتوق للعودة إليه دائماً هو العُلا. أحبّ هذا المكان. المثير فيه هو أنه مكان آلت إليه الحضارات القديمة كلّها لتسلك "طريق البخور"، وهو ممرّ ممتدّ من البتراء إلى مكة. نعلم جدياً أن هذه الثقافات جاءت من مختلف أنحاء أفريقيا، ومن الشام وفارس، وصولاً إلى قدامى اليونانيين والرومان. عبروا العُلا فتركوا فيها أطلالهم، وهي آثار فنية ومنحوتات خاصة بالتراث النبطي، فالأنباط هم من يسّروا سلوك هذه الطريق منذ القرن الرابع قبل الميلاد. ما أحبّه في هذا المكان هو تشابك الحضارات، يبدأ بالأدراج في الأعلى، ثم تأتي الزخارف اليونانية، ثم الورود الفارسية فوق الأعمدة الرومانية التي تنتأ في وسطها حجرةٌ للدفن أو معبدٌ. الصحراء نفسها كانت قاع البحر الأحمر، وفي منحدرات الوادي الكبير يمكنكم رؤية آثار المرجان وأشكال أخرى للحياة المائية. لم أرَ صحراء كهذه بين الصحاري الكثيرة التي زرتها. وفي هذه الواحة قامت العُلا القديمة قبل 900 سنة، ولا تزال قائمة حتى الساعة بالرغم من أنها مبنية بالآجر. الفرصة سانحة اليوم أمامي لأدعو فنّ عصرنا هذا، من كلّ الدنيا، إلى حوار مع العصور القديمة، كما فعل الأنباط تماماً. إن الأعمال الفنية الكبيرة التي نعرضها هنا تمثل صدى لهذه الحضارات القديمة العظيمة.
"بوصفي قيمة على المعارض، أجدني في وضع رائع، فأنا أواجه المجهول طوال الوقت"
أجمل تذكار حصلت عليه هو حصائر النخيل الجميلة المنسوجة في العُلا. جميل أن تشاهد كيف تُستخدم. أنا متحمّسة جداً للعمارة التي تحافظ على التوازن بين البشر والبيئة، ورأيت حركة متنامية وطموحة في الصيف المنصرم في 27th Biennial of Design: BIO27 Super Vernaculars في ليوبليانا، المستوحى من الهندسة المعمارية وتقاليد التصميم المنزلي التي تستخدم المواد التراثية. وكما بنى قدامى سكان العُلا منازلهم التي صمدت في وجه عوامل المناخ، يستكشف المصمّمون والمعماريون الشباب اليوم تقنيات قديمة لنسج سعف النخيل واستخدام الوحل لتشكيل مستقبل أكثر مرونة وأقلّ انحيازاً. لم تعد البصمة الكربونية للخرسانة واردة في المخططات، ولا بدّ من أن تتوقف. أعتقد أن المستقبل قائم على هذه المواد الجميلة التي يتمّ الحصول عليها محلياً.

أملك مجموعة من الأعمال الفنية المعاصرة؛ عندي مجموعة مدهشة من المطبوعات والأعمال الجميلة على الورق، تعود إلى فنانين معروفين، لكنّ أسعارها زهيدة. هؤلاء الفنانون الذين تبلغ قيمة بعض أعمالهم الملايين، يبتكرون هذه الأعمال بهدف تقديم الدعم لمنظمات فنية مثل Whitechapel Gallery وTate وSerpentine وCamden Art Center. أملك أيضاً مجموعة من اللوحات والمنحوتات والزجاجيات التي أعتزّ بها، لأنها تعكس ما استجدّ في عالم الفن خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. أحد الأعمال المفضلة عندي زجاجة للمياه الساخنة مصبوبة في الجص، من صنع رايتشل وايتريد. تشبه هذه الزجاجة جذع طفل. إنها غاية في الجمال. أعيد ترتيب هذه الأعمال كلّ سنتين، فأزيلها كلّها لأعرض غيرها.
أفضل كتاب قرأته في هذا العام هو Wilding (التجربة البرية) بقلم إيزابيلا تري. إنه كتاب مذهل يروي قصة تجربة في ريف اسمه نِبّ، حيث خاضت تري وزوجها تجربة برية. تشرح تري الحياة السرّية للأشجار والطيور والحشرات والحيوانات العاشبة، وتقول إن ثمّة صلة بين المخلوقات كلّها، وإن كلّ مخلوق يعتمد على الآخر. لكنّ الطريقة التي ندير بها الزراعة ليست مستدامة، وهي تسبّب الجفاف بسبب استخدام كمية هائلة من المبيدات الحشرية والمخصّبات التي تدمّر التربة. تقول في كتابها: "ننفق مالاً كثيراً على السفر إلى الفضاء، لكننا لا ننفق فلساً على ترابنا، وسنموت جميعاً إن لم نتمكّن من تناول الطعام". الرائع في هذا الكتاب هو أنه يعطيكم الكثير من الأمل، وأن قصصه رائعة. تعدّد تري الاستراتيجيات التي استخدمتها والأشياء التي أعادتها إلى الحياة. سمعت للتوّ أنّ فراشة لم يرَها أحد في بريطانيا طيلة عقود عادت إلى حديقتها، لذلك فالكتاب مثير جداً. المضحك أنّ زوجي لم يقرأه، لكنّه قال إنه قرأه، لأنني قرأت له كلّ صفحة فيه.


اكتشاف وقعت عليه أخيراً هو أعمال الفنانة السعودية منال الضويان. شاهدت عملها ضمن مجموعة برجيل قبل أن ألتقيها عندما بدأت أقدم المشورة الفنية في العُلا. عندها فحسب وجدت فنّها مذهلاً. إنها مبتكرة بما تبدعه من صور فوتوغرافية وتماثيل وتجهيزات فنية جميلة. أعمال الضويان هي صوت النساء اللاتي لا صوت لهنّ، ولا صورة. يبرز عملها Sidelines (هوامش) الجمال الفريد لنساء نسجن الخيام التي عاش فيها شعبهنّ. إن هذه القماشة التي صارت بيتاً تسلّط الضوء على إبداع جيل من النساء اللاتي كنّ في مرحلة ما حِرفيّات معروفات في مجتمعاتهنّ المحلية، وخلال التحوّل السريع من البداوة إلى التمدّن، فقدن حِرَفَهُنَّ ووقعنَ في براثن الفقر. أجدها شجاعة جداً في مجموعتها I Am (أنا) المؤلفة من صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود التقطتها في عام 2005، تُظهر فيها باقة متنوّعة من السعوديات اللاتي يؤدين أدواراً يومية في مجتمعهنّ، قيل لهنّ "لا يمكنكنّ أداؤها". وتحضيراً لمشروعها المرتقب، والذي يستضيفه "وادي الفن" في صحراء العُلا، قضت الضويان وقتاً طويلاً في إجراء المقابلات وتبادل الأحاديث مع أبناء تلك المنطقة، وهي تحاول أن تعكس ما جمعته في عملها. إنها تبني "نموذجاً" شبيهاً بالمضارب الطينية القديمة في الصحراء، تتجسّد فيها قصص أهل العُلا القديمة. ومن خلال عملها الفني، تُبرز أهل العُلا.
أفضل هدية جميلة قدمتها مؤخراً هي قطعة قماش من الكوبا اشتريتها من دار عرض للمنسوجات الأفريقية وأهديتها إلى اثنين من زملائي. وجدت الكوبا جميلة جداً، فاشتريت قطعة لنفسي أيضاً. كانت هدية مني إليّ!

وأفضل هديّة جميلة تلقّيتها مؤخراً هي بلوريات صخرية عثرت عليها ابنتي فيما كانت تعبر جبال أطلس. إنها جميلة جداً.
في ثلاجتي تجدون دائماً جبنة فيتا اليونانية وزيتوناً يونانيّاً أو إسبانيّاً... وزجاجة نبيذ وردي. معاً، تشكل هذه الأصناف لائحة مقبلات مثالية. أحبّ هذا المزيج من النبيذ الوردي النضر الغني بالثمار وأملاح الزيتون وجبنة فيتا.


الشيء الذي لا يفارقني إطلاقاً هو آلة تصوير Lumix. ألتقط بها صوري الفوتوغرافية كلّها التي تروي حكاية أسفاري. التقطت صوراً هي الأشدّ إبهاراً في العُلا وفي صحارٍ أخرى، لأنني كنت قيّمة على عرض كبير بعنوان The Searchers (الباحثون) في Joshua Tree بكاليفورنيا في صحراء موهافي في وقت سابق من هذا العام. أحبّ التقاط الصور الفوتوغرافية، وليست هذه الصور هدايا تذكارية فحسب، إنما تؤلف "سجلي الفني".
آخر قطعة أضفتها إلى خزانتي هي قميص حريري جميل من Mother of Pearl، وهو من تصميم الرسام غاري هيوم.

فنانة أرغب في جمع أعمالها إذا استطعت هي لويز بورجواز. تجمع منحوتاتها ومطرّزاتها ولوحاتها بين الجسد واللاوعي من جهة، والجمال والدعابة من جهة أخرى.
منتج قلب حياتي رأساً على عقب هو طلاء شفتيّ من WHIRL Mac. أحبّه وهو يدوم. نادراً ما يغيب عن حقيبتي.
أداة التجميل التي لا أستغني عنها أبداً هي فرشاة شعري السوداء الصغيرة. أحب أسنانها التي تبدو وكأنها صممت خصيصاً لتناسب شعري. وهذه الفرشاة ترافقني في أسفاري… وأينما ذهبت.

غرفتي المفضلة في المنزل هي مكتبتي حيث أحتفظ بأدلّتي الخاصة بالمعارض الجماعية ودراساتي كلّها عن الفنانين العائدة إلى السنوات الثلاثين الماضية. لي تاريخ في النشر يعود إلى أيام عملي في Phaidon Press حيث بدأت سلسلتين: Contemporary Artists Monographs (بحوث في الفنانين المعاصرين) وThemes and Movements in Art (موضوعات وتيارات في الفن). سلسلة أخرى أفخر بها حقاً هي Documents of Contemporary Art (وثائق الفن المعاصر)، وهي تدور حول الأفكار الجليلة في الفن من Boredom (ملل) إلى Sublime (سمو) وما بينهما: Utopia (يوتوبيا)، Beauty (جمال)، Painting (رسم)، والكثير من العناوين.

أفضل نصيحة تلقيتها كانت أن أبقي أذنيّ وعينيّ وعقلي منفتحة. إنها نصيحة أسديها لنفسي. بدأت أخيراً التعمق في الفنّ الشرق الأوسطي الحديث. فعندما تدرك التحديا التي يكون الفنان قد واجهها مثل عدم توفر مواد أولية جيدة، أو العيش في ظلّ تهديد مستمرّ بالسجن أو التشرّد بسبب حرب أهلية، تجد أن العمل الفني الذي قدّمه هذا الفنان كان إنجازاً ضخماً. نحتاج إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى، وعلى العقائد الإيمانية الأخرى. أدرك كيف أنارت الأديان المختلفة طريق الفنون والموسيقى، ليس في الشرق الأوسط فحسب، إنما أيضاً في أفريقيا والقارة الآسيوية، وأنا أرى كيف أن التقاليد تنير درب ما هو معاصر. وبوصفي قيمة على المعارض، أجدني في وضع رائع، فأنا أواجه المجهول طوال الوقت.
"يكفيني أن أدخل إلى متحف للفنّ الحديث والمعاصر ليأتيَني الإلهام فوراً"
مصدر إلهامي هو المتحف. أقصده لأتأمل الأعمال الفنية. أتذكّر حينها الماضي والحاضر وكلّ الطرق المختلفة التي يتنقل بها الفنانون في العالم، وفي الوجود والفكر والخيال. يكفيني أن أدخل إلى متحف للفنّ الحديث والمعاصر ليأتيَني الإلهام فوراً.
آخر موسيقى نزّلتها من الإنترنت كانت لمايسترو موسيقى الكورا الأفريقي توماني دياباتِه. تعاون في ألبوم Kôrôlén الجميل مع London Symphony Orchestra. حين يستمع المرء إلى موسيقاه، يستكشف التقليد القديم لموسيقى الكورا وجذورها التي تعود إلى مالي، في حوار مع الأوركسترالية الكلاسيكية الغربية... وتلتقيان أخيراً. إنه أمر رائع.

التطبيق الذكي المفضل لدي هو Spotify. أحبّ الموسيقى، ولدي قوائم جاهزة حافلة بالموسيقى الكلاسيكية. أحبّ الموسيقى الراقصة المعاصرة، والجاز والموسيقى العالمية. إن Spotify تطبيق مذهل، لكنني أهوى الاستماع إلى إذاعتي Radio 3 وRadio 6 في BBC. بجانب الراديو، أحتفظ بورقة وقلم. ما إن أسمع موسيقى تروق لي حتى أدوّن عنوانها لأبحث عنها لاحقاً في Spotify.
لو لم أكن ما أنا عليه الآن، لكنت مصممة ديكور داخلي لأنني أهوى البحث عن الأشياء على الشواطئ، وأحبّ التسوق في أسواق "البرغوث"، كما أعشق العمارة والفنّ. لو كنت مصممة ديكور داخلي، لكنت استطعت أن أجمع هذه الأشياء معاً… فثمة من سيدفع ثمنها!