تعدّ سيارة Mercedes-Benz 300 SL، المعروفة تحبباً باسم "Gullwing"، إحدى السيارات الكلاسيكيَّة الأكثر شهرة في العالم. وفي مزاد علني أجري في أيار (مايو) الماضي، بيعت نسخة من SLR Coupé 300 التي تعرف باسم "موناليزا السيارات"، وهي واحدة من طرازين للسباق احتفظت بهما Mercedes-Benz منذ إطلاقها، مقابل 142 مليون دولار، لتكون الأغلى على الإطلاق. وتبقى الإصدارات الأقل ندرة ثمينة، إذ تحصّل مليون جنيه إسترليني.

بالرغم من الأصول الألمانية الجنوبية لسيارة Mercedes، فإن قصَّة شهرة سيارة Gullwing متعلقة بهوليوود أكثر من تعلّقها بمدينة بافاريا. فلولا الفطنة التجارية التي تحلّى بها مستوردٌ للسيارات الأوروبية الفاخرة مولودٌ في النمسا ومستقر في نيويورك خلال خمسينيات القرن الماضي، لما كانت هذه السيارة موجودة أبداً. وبفضل فهم ذكي لما يمكن أن يُباع في السوق الأميركية المزدهرة بعد الحرب، اقترح ماكس هوفمان على شركة صناعة السيارات في شتوتغارت أن تصنع نسخة مخففة ملائمة للطرقات من سيارتها للسباق W194 الأنيقة والبسيطة. ضرب هذا الطلب على وتر حساس لدى إدارة Mercedes، فوافق مجلس الإدارة على طلب هوفمان شراء 1000 سيارة. في عام 1954، احتلت سيارة 300 SL موقع الصدارة في معرض New York International Auto Show.
حازت هذه السيارة على لقب الأسرع إنتاجاً في زمانها
استناداً إلى إطار أنبوبي يزن 50 كيلوغراماً فقط، لم يؤد التصميم المبتكر وغير التقليدي إلى ظهور شارة SL - التي تعني "خفيفة جداً" (Super-Light) – فحسب، بل أيضاً إلى ظهور لقب Gullwing، حيث كانت أبواب السيارة التي تفتح إلى الأعلى هي الحل الوحيد الممكن لوضع تصميمٍ فريد للسيارة. وبفضل سرعة قصوى تبلغ 155 ميلاً في الساعة، ونظام حقن مباشر للوقود، يُستعمل أول مرة في سيارة، كانت Gullwing صاحبة لقب أسرع سيارة إنتاجاً في حينها، إذ أُنتج ما مجموعه 1,400 سيارة من طراز SL 300، وقالت التقارير إن نحو 80 بالمئة منها بيع في الولايات المتحدة وحدها. منذ ذلك الحين، وجدت Gullwing الشهيرة طريقها إلى حوزة خوان مانويل فانجيو وبابلو بيكاسو وصوفيا لورين وكلارك غايبل وفرانك لويد رايت ورالف لورين ومدرب فورمولا وان السابق بيرني إكليستون، على سبيل المثال لا الحصر.
شأنها شأن العديد من نظيراتها، انتهى المطاف بسيارة 300 SL التي سأقودها، ولونها أحمر ناري، في الولايات المتحدة بعد أن تم استيرادها في أيار (مايو) 1956 لتشق طريقها بعد ذلك إلى حوزة مالكها الأول، الدكتور موفيت من دنفر، كولورادو، الذي احتفظ بالسيارة حتى عام 1972. انتقلت السيارة إلى المملكة المتحدة في عام 1989، إذ اقتناها جامع سيارات إنكليزي. الآن، بعدما آلت السيارة إلى ملكية Hilton & Moss المتخصصين بالسيارات الفاخرة في هيرتفوردشاير، فإن أمرها متروك للراغبين فيها بانتظار خضوعها للترميم الكامل.
ينضح تصميم هذه السيارة النحيل وتفاصيلها الراقية بالأناقة، فيما تبدو لوحة القيادة الحمراء بلون الفراولة والجلد الداخلي بلون الكريم كافيين لشحن معنويات محبي السيارات الأشد تردداً. وإذ تتفوق سيارة SL 300 على الإيطاليين في أناقتها، فقد مثل تصميمها تمريناً رائعاً على التبسيط والتعبير الأسلوبي، إضافة إلى شكل يتناسب بدقة مع الهندسة المبتكرة. بالرغم من ذلك، فإن لسيارة Gullwing عتبات عالية وعميقة وأبواباً غير تقليدية تعني أن الدخول إليها برشاقة فنٌ يصعب استثنائياً إتقانه. ما يساعد حقاً في تخفيف آلام الدخول - وإن كانت قليلة جداً – هو مقود متحرك يثبت في مكانه ما إن تجلس في السيارة.


على الطرقات المفتوحة، تبدو قيادة هذه السيارة جيدة تماماً كما التحديق فيها: محرك SL 300 سعة ثلاثة لترات بقوة ستّ اسطوانات مرتبة بخط مستقيم ينبض بالحياة إثر نقرة واضحة من مفتاح يوضع وسط لوحة القيادة، وحين تسير السيارة، يجعلك صوت العادم والشعور بمقود أشبه بعجلة قيادة اليخوت وبعصا تروس حساسة تشعر أنك تمتلك شيئاً مميزاً للغاية. بينما أعبر مدناً ساكنةً وطرقاً بريطانية غير مكتظة، تبدو الجولة في سيارة Mercedes سلسةً، لكن رائعة. ربما لا يلبي أداؤها كثيراً معايير اليوم، لكن قدرتها على رفع مستوى الحماسة عند تخفيف الترس، مع تردد صدى ضوضاء المحرك في مقصورة الزجاج المبطنة بالجلد، تجعلك تشعر بحال من الثمالة، تماماً كما هي حال رائحة الوقود التي سيألفها لاحقاً هواة السيارات الكلاسيكية.

وإذ تبلغ هذه السيارة اليوم عامها السادس والستين، تعرض Hilton & Moss سيارة Gullwing هذه للبيع، بسعر 1.7 مليون جنيه استرليني، يتضمن ترميماً كاملاً يتم في ورشة عمل الشركة. ومع اقتراب سيارة SL 300 سريعاً من الذكرى السنوية السبعين لتأسيسها في عام 2024، ربما يكون توقيت مشروع ترميمها هذا احتفاءً مثالياً بواحدة من أعظم السيارات في كل العصور.