إن نظرتم إلى Nautilus، ستجدونها سلسالاً ناعماً جداً، وهيكلاً ناعماً. إنها رصينة، إنها ساعة رصينة ورياضية أنيقة. غير الرصين في الأمر هو عدد الراغبين في امتلاك واحدة منها. وهذه مسألة مختلفة".
إلى حدّ بعيد، تتعلق المسألة بالجودة العالية أكثر من أي شيء آخر: يجد تييري ستيرن، رئيس Patek Philippe، نفسه صانع أكثر ساعة رياضية مرغوبة في العالم. تُعَدّ Nautilus الساعة التي يندمج هيكلها بسلسالها، صممها جيرالد جينتا وأعلن عنها والد تييري، فيليب، في عام 1976. في معظم حياتها، كانت هذه الساعة ملائمةً لعميل Patek Philippe الذي لم يرد ارتداء ساعة فاخرة بتقويم دائم أو بأداة توقيت، أو ساعته التي تدق معلنةً الوقت، في أثناء السباحة.
"سوق أصغر سناً تتأثر برؤية جاي - زي يرتدي ساعته Royal Oak"
بحلول العيد الأربعين لهذه الساعة التي تتميز من باقي الساعات، صارت رائجة جداً. حصل ذلك في عام 2016، ومذّاك لم يزدد رواجها إلا صعوداً، إلى أن قرر تييري ستيرن في العام الماضي إحالة الساعة الفولاذية Ref 5711 إلى التقاعد. وأُعلِن عن إصدار ختامي يتألف من قرص أخضر دقيق، وفي نهاية العام صُنِعت ساعات Ref 5711 لصالح Tiffany بقرص أزرق، هو لون العلامة التجارية المذكورة.
تعرضت الساعة 5711 إلى خطر التحول إلى جزء يُحرك الكل. ذلك أن Patek Philippe صانع ساعات ناشط في القطاعات كلها، من أفخم الساعات المعقّدة إلى أبسطها وأكثرها ملاءمة للملابس، إلا أن الهوس بساعة Nautilus، وامتداد قوائم مُنتظريها سنوات في المستقبل، بدأ يحرف الأنظار.
دفع الإعلان سعر هذه الساعة عالياً جداً في السوق الموازية. في حزيران (يونيو) الماضي، باعت Phillips إنتاجاً عادياً من 5711 مقابل 170,000$ (نحو خمسة أضعاف قيمة سعرها الرسمي في متاجر التجزئة).
لم يكن هذا الوضع مقتصراً على Patek. فأسعار ساعة Audemars Piguet Royal Oak التي صمّمها جينتا، وتحتفل بعيدها الخمسين هذا العام (باعت Christie’s ساعة 15202ST بأكثر قليلاً من مليون من دولارات هونغ كونغ، وتعادل 114,000£، في نيسان (أبريل)) في السوق الموازية، وأسعار أي ساعة Rolex مصنوعة بالفولاذ، قفزت عالياً في العامين الماضيين. وبدلاً من أن ينهمكوا في البيع، يجد موظفو التجزئة حالياً أنفسهم يديرون التوقعات. يقول بريان دافي، الرئيس التنفيذي في Watches of Switzerland: "اضطررنا إلى صرف الكثير من الوقت في تدريب فرق البيع في متاجرنا على التعامل مع العملاء المحبطين". في الوقت نفسه، شاعت نظريات المؤامرة إلى درجة إصدار Rolex بياناً عاماً بشأن النقص في ساعاتها قالت فيه: "ليس الشحّ في منتجاتنا استراتيجية نتقصّدها. يعجز إنتاجنا الحالي عن تلبية هذا الارتفاع الكبير في الطلب، أقله ليس من دون تقليص جودة ساعاتنا، وهذا ما نرفضه رفضاً قاطعاً، فلا مساومة أبداً على جودة منتجاتنا".
لكن أسعار الساعات هدأت قليلاً في السوق الموازية خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما يلاحظ داني بيزيغوني، مؤسس The Watch Club. يقول: "أعتقد أن الساعات الرياضية الفولاذية تبقى الحجر الأساس لأي مجموعة، لكننا شهدنا نمواً غير مسبوق، ولا سيما في السنتين الماضيتين أو في السنوات الثلاث الماضية، رفع 'الساعات الرياضية الفولاذية' إلى فئة مختلفة، وما كان هذا الأمر سهلاً. حصل تصحيح دعت إليه الحاجة، ولم تعد المبيعات كما كانت قبل ستة أشهر إلى 12 شهراً". ويستخدم مثال ساعة Rolex المزوّدة بأداة توقيت قائلاً: "في الربيع، وصل سعر طراز Panda 116500 الفولاذي الجديد من Cosmograph Daytona إلى 45,000£ حين عُرِض في السوق الموازية؛ وتوقع مدوّنون في مقاطع فيديو أن يبلغ سعرها 100,000£. لكن هذه الساعة تُباع اليوم بسعر يتراوح بين 35,000£ و37,000£، بتراجع نسبته 20 بالمئة، لكنه يبقى أعلى بنسبة 200 بالمئة من سعرها المحدد للبيع بالتجزئة، كما يبقى أعلى بنسبة 20 بالمئة عمّا كنا نطلبه للساعة نفسها قبل سنتين. كانت هذه القفزة التي عرفتها هذه الساعات الفولاذية القابلة للجمع بمثابة وميض لا أكثر، فقد صعدت بسرعة، ولم يكن صعودها مستداماً".





سلّط هذا التصحيح السعري ضوءاً على بروز الساعة الفولاذية الرياضية المعاصرة والحديثة بوصفها طرازاً رصيناً يستحق الجمع، يتميّز بجاذبية خاصة للجامعين الأصغر سناً. يقول الجامع شاري رحمن: "بالنسبة إلى الجامعين الشباب، تكمن الجاذبية الأساسية للساعات الرياضية الفولاذية في القدرة على شرائها بأسعار تجزئة منخفضة نسبياً، شريطة التمكن من العثور عليها في منافذ البيع بالتجزئة، وهذا الأمر يزداد صعوبة إن لم نقل استحالة". وتتعزز قابلية الارتداء التي تتميّز بها هذه الساعات، خصوصاً مع الإقبال على الملابس اليومية غير الرسمية، ومع إضافة المزيد من الجاذبية بفضل الديمومة الناتجة من الصلابة وبفضل مقاومتها المياه، فيما قوّى حضورها على الإنترنت قدرتها على جذب التغطية الإعلامية. يقول رحمن: "يعيش جيل اليوم على سمة الإرضاء الفوري، الذي يرفده بطرق عديدة نفوذ وسائل التواصل الاجتماعي. لم يعد الجمع عموماً مقتصراً على كونه هواية، إنما صار وسيلة للتمكن من تكريس النفس مرجعاً في شأن كل ما يمكن جمعه وتحسين صدقية المرء في الكون الموازي الحافل بوسائل التواصل الاجتماعي!".
يوافق بيزيغوني على ذلك قائلاً: "الجانب الديموغرافي مختلف، إنها سوق أصغر سناً لها وأكثر انقياداً وراء وسائل التواصل الاجتماعي تتأثر برؤية إد شيران يرتدي Nautilus أو جاي - زي يجلس في الصف الأمامي مرتدياً ساعته Royal Oak".
يخلط الجامعون الأقل خبرة كثيراً بين القدرة على تحديد ساعة ما في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي وبين المعرفة والفهم الحقيقيين. يقول سيلاس والتون، مؤسس منصة A Collected Man المتخصصة في بيع الساعات: "ثمة حاجة قليلة للخبرة أو البحث، خلافاً للساعات القديمة التي تتطلب صبراً وبحثاً للعثور على النماذج الصحيحة. ومن منظور استثماري، لا تقدم ساعة قديمة 'فاخرة' من Patek Philippe العائد المالي المتوقع في أجلٍ قريب. يمكن مقارنة الساعات الرياضية الفولاذية بالأسهم الصاعدة لشركات التكنولوجيا، فيما تمثل ساعة قديمة 'فاخرة' من Patek Philippe استثمارات سليمة أكثر نضجاً وأطول أجلاً".
بالتأكيد حصلت مضاربة ومخاطرة. سمعت شفاهيّاً من متخصص في بيت للمزادات أنه كان يتلقّى اتصالات من مجموعات من ثلاثة أو أربعة أشخاص تريد شراء ساعة Nautilus ببطاقات ائتمان لغرض الاستثمار؛ لأن معدل الفائدة المئوية السنوية على بطاقات الائتمان تبلغ 20 بالمئة، ما يعني أن التوقعات كانت مرتفعة جداً.
بالطبع، هذا ليس جمعاً حقيقياً للساعات. لكن، فيما قد يتكبّد المضاربون المتهوّرون الذين دخلوا سوق الساعات الفولاذية المسلّعة بعض الخسائر، فإن أسعار الساعات الأكثر ندرة، سواء أكانت قديمة، أم ساعة Nautilus بقرص أخضر، أم ساعة Paul Newman Daytona، أقل تقلباً. وقال متعامل: "لا نشهد التصحيح السعري نفسه في الساعات الأندر".
في هذه الأثناء، يرحّب بريان دافي ببرود السوق الموازية. يقول: "إن الارتفاع غير المنطقي في الأسعار غير صحي ولا يساعد المحب الحقيقي للساعات ولا البائع المعتمد. تطول قوائم الانتظار لدينا. نضيف سجلات خاصة باهتمامات عملائنا أسرع ممّا نوفر لهم الساعات، وثمة ارتفاع في مبيعات علامات تجارية كثيرة". يرى دافي أن العملاء الذين تردعهم ارتفاعات السوق الموازية وقوائم الانتظار الطويلة يجدون خيارات متزايدة بين نماذج رياضية فولاذية مثيرة للاهتمام تقدّمها علامات تجارية أخرى: حقّقت Chopard نجاحاً بفضل ساعتها Alpine Eagle؛ وأُعِيد اكتشاف Overseas من Vacheron Constantin؛ وباتت Octo Finissimo من Bulgari كلاسيكية معاصرة. إن لم تكن هذه الساعات جذابة، فماذا لو ترون Odysseus من A Lange & Söhne أو Defy Skyline من Zenith؟ إن الأفق يتّسع أكثر فأكثر.