كانت بواكير أعمال الفنان الألماني توماس ديماند منحوتاتٍ بالحجم الحقيقي، مثلت إعادة تجسيد لصور مألوفة (من المناسبات التاريخية إلى مسارح الجرائم)، ومصنوعة بالورق، عمد إلى توثيقها بالكاميرا. لكن في تسعينيات القرن الماضي، بدأ تدمير منحوتاته هذه بعدما التُقطت صور فوتوغرافية لها، فلم يتبقَّ منها إلا ذاك المشهد المفرط في واقعيته. كانت هذه الصور الفوتوغرافية التي تفصلها ثلاث مراحل عن اللحظة الأصلية تعبيراً أوضح عن محط الاهتمام الأساسي بالنسبة إلى ديماند، ألا وهو المسافة بين العالم الحقيقي وتجسيده. وكتابه الجديد Mundo del Papel (عالم من ورق) أمينٌ لهذا التركيز على الجانب المصطنع للمشهد.

يتضمن هذا الكتاب ثماني منحوتات ورقية من توقيع ديماند، أعيد تصميمها بشكل مجسمات مصغّرة ناتئة ،(pop-up) ومنها مشاهد ورقية لأوراق الزنبق العائمة في رسوم مونيه، ومكتب المعماري الذي أعاد إعمار ميونخ بعد الحرب العالمية الثانية، وطاولة غرفة الفندق التي تناولت عليها ويتني هيوستن وجبتها الأخيرة في عام 2012 (في الصورة إلى اليسار). يقول ديماند عن صورة الطاولة: "كان مصدرها مثيراً جداً للاهتمام بالنسبة إلي. فقد عُرِضت أولاً في الصحيفة الإلكترونية TMZ – يبدو أن خدمة الغرف أرسلتها إلى وسائل الإعلام. لا شك في أن الحادثة تكتسي طابعاً مأسوياً، لكنها تُبيّن أيضاً كيف تتوقف أصالة الصورة على هوية مَن يلتقطها بعدسته". وعند تجسيد المشاهد بالورق الملوَّن، تصير جاذبة على نحو غريب. يشرح ديماند: "أستخدم الألوان التي أقع عليها. ومعظم البيئات لم تُصمَّم لتكون مسرحاً للقسوة". وهكذا، بمحو تفاصيل الصور الأصلية، وآثار استخدام الأغراض، يخلق ديماند عالماً جديداً.