عرضت دار Numismatica Ars Classica للمزادات في نيسان (أبريل) 2022 قطعة صغيرة لكنها ذات أهمية تاريخية استثنائية للبيع في زيورخ، هي واحدة من ثلاثة أمثلة معروفة فقط عن عملة Eid Mar المذهبة التي تحتفل بمناسبة "تحرير" روما بعد الاغتيال الدموي للدكتاتور يوليوس قيصر في يوم إيديس مارس في عام 44 قبل الميلاد. يشرح أرتورو روسو، المدير المشارك لدار المزادات، قائلاً: "إنها واحدة من أهم العملات المعدنية في العالم القديم. إن امتلاك عملة معدنية كهذه، وتشهد على لحظة مهمة في التاريخ، أمر غير عادي أبداً".
وصلت هذه العملة الذهبية إلى منصة المزاد بسعر مقدر بنحو SFr750,000 (نحو 600,000£). لكن، من المؤكد أنها ستحصّل ثمناً أكبر كثيراً. في عام 2020، حققت عملة ذهبية أخرى 3.24 ملايين جنيه إسترليني في Roma Numismatics، وهذا سعر قياسي لعملة قديمة تُباع في مزاد. أما ثالثة هذه القطع فلن تذهب إلى أي مكان: إنها ملك المصرف المركزي الألماني.

المعلومات المهمة كلها مثبتة على هذه العملة، وإن كان سطحها بقطر سنتيمترين فقط: سلاحا القتل، تاريخ الفعلة والدافع. يلمّح خنجران إلى المتآمرين المتعاونين، بروتوس وكاسيوس، في حين يقبع بينهما بيليوس، "غطاء رأس الحرية" الذي كان يُمنح تقليدياً للعبيد المُعتقين. التدوين على هذه العملة هو اختصار عبارة "EIDIBVS MARTIIS" – "يوم إيديس مارس"، الهلال الوليد الأول في الشهر، الذي ظهر نحو اليوم الخامس عشر. تشير الأسطورة حول الصورة المنقوشة على الوجه الآخر من العملة الذهبية، "BRVT IMP"، التي تلمح إلى بروتوس الفاتح الشهير، إلى أن هذه العملة المعدنية سُكَّت مباشرة قبل معركة فيليبي في مقدونيا في عام 42 قبل الميلاد، حيث سُحِقت مقاومة المتآمرين الجمهوريين بشكل ناجز.
سُكَّت عملة Eid Mar بالفضة (denarii)، وبالذهب (aurei). وبالرغم من استخدام العملات الفضية، ولا يزال الكثير جداً منها موجوداً، لدفع أتعاب الجُند، كانت العملات الذهبية تقدّم هدايا للضباط من أصحاب الرتب العليا. وعلى النقيض من قطع Eid Mar الأخرى المتبقية، ثُقبت هذه القطعة الذهبية ليُمكن ارتداؤها. ويعتقد بعضهم أن القطعة، التي كانت معروضة في المتحف البريطاني بين عامي 2010 و2020، ثُقِبت بعد فترة وجيزة من صنعها؛ يقول منسق في المتحف إن فكرة اقتناء أحد أنصار قضية المتآمرين هذه القطعة النقدية "تبدو تخميناً معقولاً".
![]() |
![]() |
عرض الشيخ سعود بن محمد آل ثاني 20 مليون دولار لشراء عملات معدنية يونانية
هناك فقط حفنة من هذه العملة المعدنية التي هي بمنزلة "الموناليزا" – نادرة ورائعة ومتباهية بتاريخها المذهل. تنتمي الأجمل بينها إلى عالم الإغريق القديم؛ إذ سُكَّت على نحو ثابت في سيراكيوز بصقلية. والعملة الفضية tetradrachm التي تحمل رأس حورية النوافير Arethusa في بروز كبير، ودلافين تسبح بين خصل شعرها، من الأعمال البارزة كهذه، من توقيع أحد أساتذة النقش الأكثر موهبة في ذلك الزمن، كيمون، وذلك نحو عام 405-400 قبل الميلاد. وحققت أفضل العينات المعروفة 2.7 مليون فرنك سويسري (2.2 مليون جنيه إسترليني) لدى Numismatica Ars Classica في عام 2014. وثمة عمل مذهل آخر، إنها عملة ذهبية سُكَّت في مستعمرة بانتيكابايون اليونانية، وتعرض الرأس المعبر لساتير [شخصية ميثولوجية يونانية] ملتح، بيعت بنحو 3.25 ملايين دولار لدى Baldwin’s في عام 2012.

من العملات العالية القيمة قرش ذهبي إنكليزي، مجاز في عام 1257 ويصور هنري الثالث على العرش. في كانون الثاني (يناير) الماضي، بيع واحد وجده مستكشف للمعادن العام الماضي بمبلغ قياسي بلغ 648,000£ لدى Spink & Son؛ لا يُعرَف وجود إلا سبعة قروش أخرى. لكن العملة المعدنية الأعلى قيمة هي الأميركية، بسبب عدد الجامعين الأميركيين الأكثر ثراء. بالنسبة إليهم، "الموناليزا" الحقيقية هي العملة التي تمثل تمثال الحرية وهو يحمل شعلة وغصن زيتون، في صورة تصورها أوغوستوس سانت-غودنز في عام 1907 واستُخدِمت في عام 1933 لسكّ عملة ذهبية من فئة 20$ تصور نسرين. حققت القطعة الوحيدة ذات الملكية الخاصة 7.59 ملايين دولار في عام 2002، و18.9 مليون دولار في عام 2021.

تجذب العملات المعدنية، كهذه، الجامعين المتخصصين والأغنياء. عرض الراحل الشيخ سعود بن محمد آل ثاني نحو 20 مليون دولار مقابل عملة معدنية يونانية من مجموعة Prospero Collection الشهيرة، وكانت بينها قطعة بانتيكابايون الفضية. ولأن البارون لورن ثايسن - بورنيميسزا كان خبيراً شغوفاً إلى درجة كبيرة، كلف ببناء خزانة تعمل بالكمبيوتر لمجموعة القطع التي يملكها والعائدة إلى الإمبراطورية الرومانية. بمفتاح واحد، يمكن قلب القطعة المعدنية ومواءمتها مع نظيراتها (الوجه المقابل للقطع النقدية المعدنية المسكوكة يدوياً لا تتواءم أبداً مع الوجه الرئيسي).

بالنسبة إلى ثايسن - بورنيميسزا، توفّر العملات المعدنية حافزاً للغوص في التاريخ. وبالرغم من ذلك، يقول: "اشتريت ما وجدته مرضياً جمالياً، وأعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة للشراء". في الواقع، يضيف روسو: "ليس المال كافياً. يحتاج المرء إلى عين وحسّ". لكن ربما يتخذ جمع العملات المعدنية أشكالاً عديدة، سواء في الإصدار الواحد، أو أنواع الحيوانات، أو الصور الشخصية، أو الحوادث التاريخية. يقول روسو: "كما قد يقول والدي، ثمة عملات معدنية لعقلك، وعملات معدنية لقلبك".