يندر العثور على جديد غير مسبوق في مشهد الطعام في لندن. لكن مطعم Roketsu في مايفير يزعم أنه جديد وغير مسبوق، فهذا أول مطعم لفن الطهو kaiseki الياباني الأصيل في العاصمة البريطانية. وهذا الفن مستمدّ من احتفالات الشاي البوذية، وهو وجبة رسمية تتكون من دزينة أطباق معدة بدقة شديدة تُقدَّم في ترتيب محدد يبرز مكونات في ذروة موسمها. وهو يُعتبَر أعلى أشكال المطبخ الياباني. دايسوكي هاياشي، رئيس الطهاة في Roketsu، أستاذ في فن kaiseki وتتلمذ في كيوتو على أستاذ آخر، هو يوشيهيرو موراتا، الرجل الذي حصل على سبع نجوم من Michelin، وأعطى رينيه ريدزيبي وهيستون بلومنتال دروسهما الأساسية في المطبخ الياباني.
فن kaiseki أكثر شيوعاً في اليابان، لكن ثمة نسخاً ممتازة في أمكنة أخرى (وإن كانت تتضمن تعديلات غربية). تشمل هذه النسخ كلاً من Odo وShuko في نيويورك وHayato وN/naka في لوس أنجليس. في لندن، كان kaiseki متاحاً في Sake No Hana (مغلق الآن) في سانت جايمس وفي Chrysan في برودغيت وست. لكنّ أياً منهما لم يكن أصيلاً، وفق هاياشي الذي عمل في كليهما. وهو يصف نهجهما بأنه "انصهار"، فالوجبة في Chrysan، مثلاً، كانت تتبع الأسلوب الفرنسي بأطباق من المقبلات واللحوم والأسماك. وحالياً يمكنكم طلب قائمة طعام kaiseki في Umu في بريتون بلايس، لكن هذا الطعام أيضاً يأتي بصفته خياراً إلى جانب أطباق أخرى وفق القائمة. أما Roketsu، على النقيض من ذلك، فيعرض مأكولات مطهوة بطريقة kaiseki فحسب، ويمتد نهجه الأصيل أبعد من الترتيبات الفنية للطعام على الطبق إلى جوانب التصميم كلها، بما في ذلك غرفة الطعام. وهذا يلتزم بتقليد "sukiya" (غرفة الشاي) بالفواصل الشعرية، وإضاءة شوجي، ومنصة من السرو الياباني تتسع لنحو 10 أشخاص، و16 عميلاً حداً أقصى كل ليلة (تستقبل غرفة طعام خاصة أيضاً ستة أشخاص). إنه مثل تناول الطعام في كيوتو، وفق هاياشي. بالتأكيد، يشعر المرء بنقلة فعلية. فالعناصر غير اليابانية الوحيدة هي الكراسي الدنماركية والعديد من المكونات التي يتم الحصول عليها محلياً بفضل نضارتها، بما يتماشى مع تفكير kaiseki.

كنت أتوقع أن تكون الوجبة مطولة ومتقشفة. ("لدي عملاء كثر يتناولون الطعام عدة ساعات من دون أن يتكلموا كلمة واحدة بعضهم مع بعض أو مع آخرين"، على حد قول موراتا عن التجربة في كيوتو). لكن إذا بقي العملاء في Roketsu صامتين (بمن فيهم أنا)، فذلك يعود إلى شعور بالعجب، إذ كنا نشاهد خلف المنصة طاهيين وساقياً ونادلتين ارتدتا فستانين أحمرين من دون أكمام تحت سترتين سوداوين، يذرعون المكان ذهاباً وإياباً. بدا الجو شبيهاً كثيراً بأجواء الثمانينيات، على غرار التسجيل الصوتي لأعظم الأعمال الكلاسيكية. وبدأ المزاج الحميد مع أول طبق (ساكيزوكي)، وهو مرق منعش وكاسترد سمكي مصنوعان من محار الأعماق الإسكتلندي والزنجبيل، وبدا البطرخ مثل معانقة دافئة صادرة من الداخل. حدد الطبق التالي (هسون) الموضوع الموسمي لزيارتي في شباط (فبراير) مع لقم تشبه السوشي مؤلفة من سردين وجرجير بري وجمبري وأرقطيون وترويت وبيض الرنكة المملح برواسب الساكي. وكان من أبرز ما في الوجبة وعاء من الحبار، وقنفذ البحر وصلصة صفار البيض / الصويا يشبه طبق كاربونارا. وكان سمك الراهب المقلي جيداً ببسكويت الأرز المفتت رطباً على نحو مغر، وكان شهياً بمستوى طبق السمك والبطاطا المقلية في حساء اللفت الصمغي.
بدا محار الأعماق المروحي الإسكتلندي والزنجبيل والبطرخ مثل معانقة دافئة صادرة من الداخل
جعلتني وداعة بعض الأطباق الأخرى أبحث عن سمات إضافية من النكهة. يتألف سونومونو، وهو طبق غني بالخل يهدف إلى تطهير الحلق، من محار جيرسي المنقوع في هريس الكرفس ومياه الطماطم مع كافيار أوسيترا. طغى عليه طعم الكرفس بشكل ساحق – وغير مثير للاهتمام – وفشل في إثارتي ولو قليلاً.
لكنَّ إحباطات كهذه عوضها أرز السلطعون اللزج في الطبق الأخير (غوهان) وحلوى هلام الفواكه مع سوربيه اليوزو المميز بنكهة قشر الحمضيات. استغرقت وجبتي، المقررة لساعتين ونصف الساعة، ساعتين فقط، وهذا بدا على ما يُرَام تقريباً. ربما كان الطعام أصيلاً لكيوتو، لكن الإيقاع كان ملائماً للندن.