إنها مثال للمرأة الناجحة. انتقلت لورا مانينغ إلى دبي من جنوب ويلز في عام ،2018 وهي الآن زوجة ووالدة لثلاثة أطفال دون سن السابعة، ومؤسِّسة BRW Society . عملها الجاد وعزمها على تعليم أطفالها منزلياً خلال جائحة كورونا، وقد كلّفاها أيضاً دموعاً وإحباطاً، ساعداها في نهاية المطاف على نموّ أعمالها وتوسّعها، بعدما بدأتها في لحظة إلهام.
تبيع BRW Society أكثر من 50 نوعاً من مُزُج الشاي، ومنذ إطلاقها في تشرين الأول (أكتوبر)، 2019 لم تسلّط الضوء على النكهات الفريدة وحدها، إنما ركزت أيضاً على مراعاة الاستدامة والزراعة الطبيعية في تأمين المواد بأقل أثر اجتماعي وبيئي. تقول مانينغ: "أعتقد حقاً أن الاستدامة أمر أساسي للنجاح. أريد أن أقدّم للعالم علامة تجارية تهتمّ بكوكبنا وسكانه، بما يحدث فارقاً ويترك أثراً يفخر به أطفالي، فأنا أتعلم منهم الكثير، وهم المستقبل".
تستورد BRW (تُلفَظ "برو" أو ،brew ومعناها المشروب المخمّر) المواد الخام من مختلف أنحاء العالم، فالفاكهة والأعشاب مستوردة من أوروبا، والتوابل تأتي من الصين، والشاي الأخضر من اليابان. وتعيد العلامة التجارية في دبي توضيب الشاي بمواد مصنوعة محلياً. تقول مانينغ: "نركز على منتجات نحصل عليها بشكل مستدام، نوضّبها في عبوات صديقة للبيئة مُعاد تدويرها. نريد أن نتحرر من استخدام البلاستيك بحلول نهاية عام ".2023
لماذا الشاي؟ تقول: "أنا مفتونة به، إنه شراب خاص، لا مثيل له. هناك أكثر من 20 ألف نوع مختلف من الشاي، وكل نوع يقدم شيئاً مختلفاً لكل شخص في كل مناسبة، وهذا ما يعجز عنه أي شراب آخر. لهذا السبب، الشاي هو ثاني أكثر المشروبات استهلاكاً، مباشرة بعد المياه. أحب رؤية تحول مجتمع الشاي إلى مجتمع ديناميكي فعلي، مع تزايد التخصص في الشاي، ومع التخلص من أكياس الشاي السوداء القديمة المنخفضة الجودة، للحصول على شراب عالي الجودة". تُضيف: "الشاي متعدد الاستعمالات، يستخدمه المستهلك خارج فئة المشروبات الساخنة، وهذا مثير للغاية. الاحتمالات لا حصر لها. وأنا أريد أن أشارك شغفي هذا بالشاي مع أهل الإمارات".
تتذكر مانينغ المفتونة بالشاي بشغف: "نشأت في جنوب ويلز بالمملكة المتحدة. كنت أعيش مع والدتي وأختي. كان أهل والدتي يعيشون قريباً منا، فكنا نلتقيهم يومياً. لوالدتي خمسة إخوة وأخوات، وهؤلاء أفضل أصدقائها، لذلك ترعرعت في حضرة جدتي وجدي وخالاتي وأخوالي… والشاي. لا أتذكر أياً منهم يشرب ماءً، إن كنت صادقة! كانت جدتي متذوقة شاي من الطراز الرفيع، ودفعت العائلة كلها إلى شرب الشاي. في ظنها، كان يمكن حل أي مشكلة بوضع الإبريق على النار. يا لها من فكرة جميلة، أليس كذلك؟! أُعطِيت لي أول زجاجة شاي أسود عندما كنت طفلة، وقد استمتعتُ بها كثيراً. سرعان ما أصبحت معجبة بالشاي بالحليب المحلّى، فلا عجب إذاً في أن تكون أسناني مليئة بالحشوات! تطور ذوقي منذ ذلك الحين، لكن شغفي بالمشروبات الساخنة لم يتضاءل. ومثل جدتي، أعتقد أن كوب الشاي يمكن أن يثري حياة المرء، وأن يجعله أشد سعادة وصحة وأكثر إنتاجاً في عمله".
كوب الشاي يمكن أن يثري حياة المرء وأن يجعله أشدّ سعادة وصحة وأكثر إنتاجاً"
بعدما ترعرعت في جنوب ويلز (قبل استكشاف الفرص المتاحة في لندن في عام (2011قررت مانينغ الانتقال إلى دبي في عام 2018 وشعرت فوراً بصعوبة الحصول على شاي عالي الجودة مع قلة الخيارات المتاحة عند البحث عن الجودة الممتازة في فئة الشاي الكامل الأوراق. قضت أشهراً تطالب والدتها بإرسال بعض الشاي إلى دبي، وفي لحظة إلهام، سألت نفسها: "لماذا لا أصنع شاياً رائعاً مستعينة بأصناف لذيذة كثيرة يمكن الوصول إليها في المنطقة؟". وكانت البداية. انطلقت مانينغ في مهمة جعل الشاي أكثر ألواناً ومتعة! تقول: "أطلقت BRW Society في الإمارات لأنني عندما انتقلت إلى هنا في عام ،2018 لم أجد ضالتي في الشاي. كانت والدتي ترسل لي طرود الشاي شهرياً، وهذا دفعني إلى المبادرة لسد فجوة موجودة في السوق المحلية، فكانت "BRW.

قبيل تكريس الوقت الكامل لعلامتها التجارية، عملت مانينغ مديرةً تجارية أولى في لندن. تخرجت من جامعة Swansea حاملةً بكالوريوس في العلوم في الدراسات التجارية. ومن ضمن برنامجها، درست في كندا. طوال حياتها المهنية، أثبتت مانينغ أنها شغوفة بخدمة العملاء، ومصرّة على التأكد من أن تكون تجربة العميل مع العلامات التجارية مرضيةً تماماً، وقد حملت هذه الفلسفة إلى BRW Society. تقول: "كل كوب مهم، لذلك نعتني بإعداده أشد عناية لنتناول دائماً الشاي الأفضل. ورسالتنا أن نقدم الشاي اللذيذ والعالي الجودة، بأوراق كاملة وبمكونات كاملة، ويمكن الحصول عليه بشكل مستدام في تغليف خال من البلاستيك وصديق للبيئة!". تضيف: "تصنع BRW Society شاياً أكثر ألواناً ومتعة. لدينا أكثر من 50 نوعاً من أنواع الشاي اللذيذة والفريدة في شكل أوراق وفي شكل أكياس خالية من البلاستيك لا يمكن العثور عليها في أي متجر آخر. لدينا مُزُج رائعة جداً مثل Mango Madness وPrickly Cactus وFlamingo ومكونات رائجة مثل بازلاء الفراشة، والماتشا، والكركم، وغير ذلك". أي شاي تُفضل؟ تجيب: "هذا يتوقف على مزاجي وعلى المناسبة. في الصباح أتناول الشاي الأخضر أو الأبيض، ويمكنني أن أرتشف شاي Organic Rose White الخاص بنا طوال اليوم، فهو يحتوي على القليل من الكافيين، لذلك لا يسبب التوتر. ويكون كوبي الثاني Milky Oolong وفيه كمية أكثر قليلاً من الكافيين، لكنني أحب مذاق Milky Butterscotch لهذا المزيج. وفي فترة ما بعد الظهر، أتناول في العادة شاياً بالأعشاب، ومن بين الأنواع المفضلة لدي: Moringa Supercharge وOrganic Glow وOrganic Snooze ولا يُعلَى على Organic Ginger & Lemon . وأنا من أشد المعجبين بشراب مخمّر بارد على مدار اليوم، فشرابا Mango Madness وOrganic Piña Colada شهيّان وعابقان بالنكهة".

كيف توفّق بين حياتين أسرية ومهنية؟ تقول: "يتطلب الأمر بالتأكيد توازناً، وفي بعض الليالي أرمي نفسي على السرير مرهقة، لكنني لن أغير ذلك في مقابل الدنيا كلها. أحب تماماً ما أقوم به، لكن ذلك كله ما كان ممكناً من دون الدعم الكامل من زوجي المذهل، ومساعدتي ناني تشاندريكا الخارقة، وفريق BRW Society الرائع".
في حين أن لورا مانينغ تحب تمضية الوقت مع عائلتها ومشاهدة أفلام نيكولاس كايج، واضح أنها لا تخشى العمل الجاد والساعات الطويلة. تشرح: "نشأت في عائلة الوالدة فيها عزباء، ورأيت بأم عيني جديتها في العمل، وهي تولت وظائف عدة لإعالتي مع أختي. غرست والدتي فينا أخلاقيات عمل قوية وعلمتنا قيمة المال في سن مبكرة. كنت أجترح طرقاً مبتكرة عندما كنت أصغر سناً لكسب المال كي أساعدها، فعملت في وكالات الأنباء المحلية، وغسلت دراجة خالي أسبوعياً، ومارست كي الملابس، وكنت سيئة تماماً في هذا النوع من العمل (وما زلت!). كنت أكوي الجهات الأمامية من الملابس فحسب، لكن أحداً لم يلحظ ذلك يوماً. أتذكر إلحاحي على والدتي عندما كنت في الثالثة عشرة تقريباً للتسجيل في Avon كي أبيع منتجاتها. بعت مستحضرات تجميل لكل شخص في الجوار، وأحببت ذلك. فهذا العمل منحني الحرية وأكسبني مالاً وشعوراً عظيماً. أصابتني جرثومة رائد الأعمال فوراً، واستمرت هذه الرغبة في الدخول في الأعمال حتى بلوغي. وبعد تخرجي من الجامعة، عملت في تجارة العقارات. اشتريت بيتاً من ثلاث غرف نوم في ويلز، وقلبته رأساً على عقب في ستة أشهر. لم أكن أعرف كثيراً عن الأعمال التي ينفذها المرء بنفسه، لكنني أعمل بجد ولا أستسلم. بعدما بعت أول عقار لي، واصلت تطوير ثلاثة عقارات أخرى وأحببت ذلك. أحببت العمل الحر، ولم أخشَ العمل الجاد. أعتقد أنني كنت دائماً أعرف من سن مبكرة أن هذه كانت رسالتي في الحياة، وقد تبنيتها الآن 100 بالمئة".
للأسف، كان بعض الأمور خارج نطاق سيطرتها. فالجائحة صدمت العالم كله. تقول مانينغ: "كان أثرها كبيراً في حياتي المنزلية والعملية. كان التعليم المنزلي صعباً ومجهداً! فبالتأكيد لست مدرّسة بطبيعتي، لذلك أرفع قبعتي للمدرّسين. أعتقدُ أنني بكيت معظم الأيام، واستُنزِفت وأدركت سريعاً أنني لن أستطيع المواصلة. ما أردت للأطفال أن تترك فيهم هذه الفترة ذكريات تعيسة، ذكريات والدة ووالد متعبين كثيراً. لذلك، قررت مع زوجي القيام بكل ما هو أفضل لعائلتنا، فإذا لم نُنهِ الفروض المدرسية، فذلك ليس نهاية العالم. علّمتني الجائحة أن أكون أكثر رفقاً بنفسي، وأن أتوقف عن رفع سقف التوقعات وزيادة الأعباء على كاهلي. ما يهمّ فعلاً هو التمتع بالصحة والسعادة. مرت الأعمال بتحول كبير في أثناء الجائحة، ونمت المبيعات على الإنترنت، لكن المبيعات عبر HORECA سجلت تراجعاً كبيراً. كان انخفاض المبيعات صعباً جداً على الصعيد الشخصي، وكنت قد صرفت الكثير من الوقت والجهد في استضافة مناسبات لتذوق الشاي، وأوشكت على توقيع عقود جديدة، ثم توقفت الحياة. خاب أملي تماماً! لكن كان علي أن أستمرّ، فقررت تركيز جهودي كلها على البيع بالتجزئة، سواء عبر الإنترنت أو من دون اتصال بالإنترنت. فحاجة الناس إلى الشاي لا تتوقف. كان هذا القرار هو الأفضل. نمت الأعمال إلى مستوى جديد، وتضاعفت المبيعات أضعافاً مع سعي المستهلك إلى خوض تجربة منزلية جديدة، وشاي BRW Society ليس مجرد فنجان شاي، بل هو تجربة متكاملة".
خططها المستقبلية كبيرة وأحلامها أكبر. تقول: "السيطرة العالمية في مجال الشاي، بالكثير من الخلطات الإضافية والاكتشافات الجديدة. أحلم بأن تصبح BRW Society اسماً أسرياً وعلامة تجارية مختارة تحدث أثراً إيجابياً في قطاعها، وأن تدعم من يحضرون لنا الشاي وتكافئهم. فهؤلاء يعملون بجد في أفقر ظروف العمل، والعناية بهم واجبة. آمل في أن أتمكن من إقناع المستهلك بتغيير الفكرة السائدة أن الشاي ذو بعد واحد وممل. فالشاي فكرة جيدة دائماً!".