تمسك أودري هيبورن بمعجنات وقهوة جاهزة على زاوية الجادة الخامسة والشارع السابع والخمسين، محدِّقةً بتوق في عرض وراء واجهة زجاجية. صندوق أزرق يشبه بيض السمّان. إعلان فيه شاب وسيم راكعٌ على ركبة واحدة في سنترال بارك، مصور بالأسود والأبيض.
بالنسبة إلى معظم الأميركيين، ترتبط هذه الصور حصرياً وأبدياً باسم Tiffany & Co. كانت مُلْكية رموز مثل هذه سبباً رائداً في موافقة برنار أرنو، رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لدى LVMH (Louis Vuitton Moët Hennessy)، على عرض بنهاية عام 2019 بقيمة 16.2 مليار دولار للاستحواذ على الشركة المصنعة للمجوهرات المدرجة في البورصة في أكبر صفقة على الإطلاق يشهدها قطاع المنتجات الفاخرة (بعد إعادة تفاوض مثيرة للجدل، رست الصفقة في نهاية المطاف على 15.8 مليار دولار). حينها، قال أرنو: "لا أعرف علامة تجارية غيرها تملُك لوناً".
بالنسبة إلى LVMH، كانت Tiffany أحد أصولها الرئيسية. قبل عملية الاستحواذ، كانت المنتجات الفاخرة الصلبة (المجوهرات والساعات) تمثل ثمانية بالمئة فقط من مبيعاتها، وكانت أغلبية المبيعات تأتي من "المنتجات الفاخرة الطرية" مثل حقائب اليد من Louis Vuitton وسترات Dior Bar. وبنهاية عام 2019، كان نمو المنتجات الفاخرة الصلبة قد فاق نمو المنتجات الفاخرة الطرية طيلة القسم الأكبر من العقد.

إلا أن صانع الحليّ هذا كان بأمسّ الحاجة إلى عملية تحسين كبيرة. فبعدما أسّس تشارلز لويس تيفاني وصديقه في المدرسة جون بي يونغ هذه الشركة وكانت في بدايتها محلاً للقرطاسية و"المنتجات الفاخرة" في عام 1837، سرعان ما تحولت إلى وجهة لشراء الحليّ الراقية والأواني الفضية. وعززت شهرتها في ثمانينيات القرن التاسع عشر عندما دُعِيت إلى تصميم "الختم العظيم" الخاص بالولايات المتحدة (لا يزال يظهر على ورقة الدولار الواحد) وحصلت، في مزاد تنافسي، على نحو ثلث مجوهرات التاج الفرنسي. ورسخت سلسلة من المصممين مكانتها واحدةً من أبرز صنّاع الحليّ على مستوى العالم في القرن العشرين، على طراز إلسا بيريتي في السبعينيات، وبالوما بيكاسو في الثمانينيات.
بالرغم من نجاح إطلاق مجموعاتها الأخيرة (خط إنتاج "Tiffany T" التصويري في عام 2014 ومجموعة "HardWear" الصناعية في عام 2017، وكلاهما من تصميم فرانشيسكا أمفيثياتروف التي تعمل الآن مع Louis Vuitton) كان النمو يعاني ركوداً حين تقدمت LVMH بعرضها. فقد تراجعت العوائد في عامي 2015 و2016، ولم تتعافَ إلى مستويات عام 2014 حتى عام 2018 (انخفضت مرة أخرى قليلاً إلى 4.42 مليارات دولار في عام 2019). وأصبحت متاجرها وإعلاناتها قديمة ومكررة قليلاً. يقول إروان رامبورغ، رئيس البحوث الاستهلاكية والبيع بالتجزئة في مصرف HSBC: "كانت جديرة بالثقة، لكن مملة وباردة إلى حد لا يُصدَّق".

يقول ألكسندر أرنو، في حديث مع أنتوني ليدرو، الرئيس التنفيذي لدى Tiffany: "قال والدي إننا كنا نقود سيارة Ferrari تحتاج إلى وقود". ويعتبر الرجل البالغ من العمر 29 سنة، وهو ثالث أكبر أولاد برنار أرنو ويتولى منذ أوائل عام 2021 منصب نائب الرئيس التنفيذي للمنتجات والتواصل لدى الشركة المصنعة للحليّ، العلامة التجارية "ناضجة بما يكفي لتتحمّل الزعزعة".
انتقل أرنو إلى مانهاتن من Rimowa التي تتخذ من ألمانيا مقراً في كانون الثاني (يناير) 2021 للانضمام إلى فريق Tiffany الجديد الذي يضم، إضافة إلى ليدرو (الرئيس التنفيذي السابق لدى Louis Vuitton الذي أدار قسم Tiffany في أميركا الشمالية بين عامي 2013 و2014) الرئيس التنفيذي لدى Louis Vuitton مايكل بوركي الذي صار في العام الماضي أيضاً رئيس Tiffany؛ وناتالي فيردييل، مديرة الإبداع السابقة لدى Cartier التي صارت الآن المديرة الفنية لدى Tiffany؛ وكبير المسؤولين التجاريين غافين هايغ الذي أتى من Burberry في تشرين الأول (أكتوبر) 2021. سابقاً، شغل كل من فيردييل وليدرو وهايغ مناصب تنفيذية في Cartier، المملوكة من Richemont والمنافسة الرئيسية لشركة Tiffany. وفي شباط (فبراير)، اشتكت Cartier ضد Tiffany واتهمتها بسرقة أسرار تجارية عن عمليتها الرفيعة المستوى في مجال الحلي من موظف سابق آخر في Cartier كانت قد وظّفته في كانون الأول (ديسمبر). "تحترم Cartier تماماً حقوق المنافسين في السعي لتحقيق أهدافهم التجارية"، بحسب ما جاء في بيان Cartier، "لكن في هذه الحالة، يعبر طموح Tiffany التجاري الخط الفاصل بين المسار العادي للعمل والمنافسة غير المنصفة". وتنكر Tiffany هذا الزعم.
في Rimowa، أقنع أرنو بعضاً من أبرز الشخصيات في عالم التصميم – بمن فيهم كيم جونز والراحل فرجيل أبلوه – بالعمل في مشروعات تعاونية من شأنها الترويج لحقائب تنتجها الشركة. يراهن هو وليدرو على استراتيجية مماثلة لاستراتيجية علامة Tiffany التجارية الأكبر والأشهر كثيراً. ففي خلال الأشهر الـ15 الماضية، شرع هذا الثنائي في تنفيذ استراتيجية تواصل سريعة وجريئة أقلقت قطاع المنتجات الفاخرة المحافظ – كانت خطوة مصممة لجعل Tiffany أكثر روعة للفتيات اللواتي يبلغن 16 سنة (يتدخل أرنو قائلاً: "وللفتيان الذين يبلغون 16 سنة").
بعد أقل من أربعة أشهر من سيطرة LVMH، أعلنت Tiffany أنها تتخلى عن لونها الأزرق المميز لتختار الأصفر الكناري الخاص بماستها Tiffany Diamond الشهيرة التي تبلغ 128.54 قيراطاً. ذهل المتابعون الذين لم يلاحظوا أن ذلك كان كذبة الأول من نيسان (أبريل). وفي تموز (يوليو)، أثارت حملة عرضت فيديوهات لعارضات مستغرقات في التفكير يرتدين صديريات قطنية بيضاء وبنطلونات جينز ومجوهرات فضية تحت العنوان الرئيسي "Tiffany مختلفة عن أيام والداتكن" ردة فعل عاطفية.
طبقاً لأرنو، لم تكن الإعلانات مصممة لتثير الجدل. يقول: "لكن عدد الانطباعات التي حصلنا عليها مقارنة بالاستثمار كان مبهراً إلى حد كبير. إنه تغيير كبير في ما يقوم به صناع الحليّ الآخرون على Instagram – المنتج، الخلفية البيضاء، الشعار. لطالما كانت الحملات محافظة للغاية. حان الوقت لتجاوز الحدود قليلاً".

أطلقت Tiffany أول حملة كبيرة لها في آب (أغسطس). وهي عرضت بيونسيه لتكون أودري هيبورن معاصرةً مع Tiffany Diamond معلقة على ظهرها، تغني لزوجها جاي - زي أمام لوحة نادراً ما رآها أحد لجان - ميشال باسكيا، اشترتها Tiffany أخيراً. احتل الإعلان العناوين الرئيسية أياماً، ويُردّ هذا جزئياً إلى أن الاستعانة بالثنائي بيونسيه وجاي - زي معاً كانت انقلاباً حقيقياً – لا شك بمساعدة استحواذ LVMH على حصة تبلغ 50 بالمئة في Armand de Brignac للشامبانيا التي يملكها جاي - زي – وجزئياً بسبب الضجة المحيطة باستخدام لوحة باسكيا. في مقابلة مع WWD، قال أرنو إن الشركة اشترت اللوحة لأنها بدت "تذكيراً" بشركة Tiffany – وهي علاقة نفاها بشدة أحد مساعدي باسكيا السابقين والمالك الأصلي للوحة.
"إنه تغيير كبير. حان الوقت لتجاوز الحدود قليلاً"
سواء أَأَثار الأمر جدلاً أم لم يثره، صارت Tiffany علامة تجارية يتحدث الناس عنها مرة ثانية. يضيف رامبورغ من HSBC: "اكتسبت Tiffany قدراً هائلاً من المُشاهدة خلال الأشهر الـ 12 الماضية. فاجأ التنفيذ والسرعة الجميع". وما يمدّ يد المساعدة، يضيف، "أن ابن أرنو يهتم بهذه الأشياء. [فهو لا] يحتاج إلى كثير من التحقق من صحة الأشياء وكثير من الوقت يضيعه في محاولته التقدم إلى الأمام".

ساعدت على تحقيق نسبة المُشاهدة هذه أيضاً مجموعة متنوعة من السفراء الجدد، بينهم المغنية روزيه من الفرقة الكورية الجنوبية Blackpink، والمغنية الصينية الأميركية أيلين غو، والممثلة أنيا تايلور - جوي، والعارضة هايلي بيبر. وبدأ صانع الحليّ تعاوناً مع علامة Supreme التجارية لملابس الشارع، ويعمل على إرساء تعاون آخر مع فاريل ويليامز. يقول عنه أرنو: "كان صديقاً للمجموعة منذ زمن. كنت أسعى دوماً إلى أن أجد طريقة لعقد شراكة معه". واتسعت شبكة مؤثري الشركة، مع تركيز على "المؤثرين الصغار جداً الذين لا يتابعهم 150 مليون حساب بل لهم صلة وثيقة بمجتمعات محلية محددة"، وافقوا على "علاقات حصرية [في مجال المجوهرات]" مع Tiffany، بحسب ما صرّح أرنو. وفي الأغلب، يُصوَّر المؤثرون يتزينون بالحليّ الفاخرة بشكل غير رسمي، ويرتدون سراويل جينز بساقين مستقيمتين وقمصان رياضية يومية، في محاولة لإقناع الشباب بأن استخدام الحليّ الغالية الثمن ممكن في كل يوم.
الخطة الأكبر هي التطور من صانع للحليّ إلى "العلامة التجارية المطلقة لأنماط الحياة"
كان الإصلاح الشامل لعملية التسويق سريعاً، إلا أن تجديد المنتجات والمخازن يستغرق وقتاً أطول. فَمِهَل الحلي أطول كثيراً من مثيلاتها في قطاع الأزياء، حيث قد تكون مجموعة واحدة كافية للإشارة إلى اتجاه جديد (انظروا إلى Gucci بقيادة أليساندرو ميشيل وBottega Veneta بإدارة المصمم السابق دانيال لي)، ويستغرق تطوير منتج جديد من المفهوم إلى التصميم ما لا يقل عن سنتين. لكن ثمة تلميحات إلى التغيير. يقول ليدرو إن Tiffany تحول انتباهها نحو الذهب، ضمن الجهود الرامية إلى "رفع" مستوى العرض. وهي تبني أيضاً مجموعتها مما يسميه رامبورغ "المنتجات التي يمكن التعرف عليها فوراً بين منتجات مختلفة"، ابتداءً بمجموعة "Knot" التي أُطلِقت في الولايات المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي. ومن بين المنتجات الأفضل مبيعاً لدى Tiffany في هذه الفئة مجموعة "T" (لدى Cartier، إنها "Love"؛ لدى Van Cleef & Arpels، هي مجموعة "Alhambra"، التي تعرض النفل الرباعي الأوراق المميز للشركة).

كذلك، تركز العلامة التجارية على الأرشيف الغريب والطبيعي لجان شلومبرغر، الذي بدأ مسيرته المهنية في صنع أزرار لصالح Schiaparelli في باريس قبل الانضمام إلى Tiffany في منتصف الخمسينيات، تاركاً وراءه ثروة واسعة من الرسوم عند وفاته في عام 1987. فإن Tiffany Diamond، المفضلة لدى جاكلين كينيدي (يُعرَف سواره اليوم باسم "سوار جاكي") ودوقة وندسور وإليزابيث تايلور، صاغ نسختها التي ارتدتها في البداية أودري هيبورن، وصمم البروش Bird On A Rock (طائرٌ على صخرة) الذي تزين به جاي - زي في الإعلان "About Love" بعد تحويله إلى زر كمي. وتستوحي أحدث تصاميم حليّ Tiffany الفاخرة – إبداعات مخصصة يمكن أن يصل عددها إلى ملايين – بقوة من أرشيف شلومبرغر.
بعيداً من المنتجات، يُبرَز إرث هذه العلامة التجارية في معرض يُفتتَح في Saatchi Gallery اللندني خلال حزيران (يونيو) الجاري. وينقسم المعرض، Vision & Virtuosity (الرؤية والبراعة)، إلى فصول تستكشف تاريخ Tiffany، بما في ذلك إرث مؤسسها، ومصمميها السابقين، ومجموعات المجوهرات الفاخرة Blue Book وأحجارها الشهيرة – بما فيها Tiffany Diamond.
يقول ليدرو إن الخطة الأكبر هي تطوير Tiffany من صانع للحليّ إلى "العلامة التجارية المطلقة لأنماط الحياة". يضيف أرنو: "إن صنع الحليّ هو عملنا الأساسي، لكننا نبيع أيضاً أدواتٍ منزلية، وأكسسواراتٍ، وعطوراً"، مشيراً إلى أن هذه الفئات تمثل فرصاً جيدة بشكل خاص. "لا حدود لما يمكننا فعله في مجال الاستهلاك". هل يمكن أن يعني ذلك خط أزياء؟ "لا يمكنكم أبداً أن تقولوا أبداً. لكن [LVMH ] قوية في مجال الأزياء بالفعل".
بحلول أوائل عام 2023، تخطط Tiffany لإعادة فتح متجرها الأبرز في الجادة الخامسة، المؤلف من 10 طبقات – وهذا مشروع بدأ قبل عملية الاستحواذ – والمقرر أن يتفوق على تجديد Dior أخيراً متجرها الأبرز في جادة مونتين باعتباره "أكبر استثمار قامت به LVMH لعلامة تجارية واحدة"، وفق ليدرو. ويُعَد المتجر واحداً من أثمن أصول العلامة التجارية، فهو من بين الوجهات السياحية الأكثر زيارة في مانهاتن (شكراً، أودري)، ويمثل تاريخياً 8 بالمئة من المبيعات. يقول ليدرو إن المساحة الجديدة التي صممها بيتر مارينو، المهندس المعماري المفضل لدى قطاع الأزياء، ستقدم تجربة "غامرة" و"رفيعة المستوى" أكثر من السابق.
ممكنٌ رؤية أدلة على ما قد يحتوي عليه، تُرى في المتجر - داخل - المتجر الذي كشفت عنه Tiffany في Le Bon Marché خلال تشرين الثاني (نوفمبر)، نُشرت عناصر منه منذ ذلك الحين في مواقع عدة، في برشلونة وبرلين وستوكهولم. اختفى الخشب الداكن ومعدن الكروم من المتاجر الحالية، وحلت محلهما ألوان أنعم وأشد دفئاً من خشب بلون الكريما وباهت تعتليه نجوم ذهبية.
إنَّ الحملات المبهجة، وحالات التعاون مع نجوم موسيقى الهيب هوب والعلامات التجارية لملابس الشارع، والدفع نحو منتجات ومتاجر أفخم، هي مكونات دليل أداء طبقته LVMH بنجاح في علامتيها التجاريتين الأكثر دراً للعوائد، Louis Vuitton وDior. الواقع أن العديد من أولئك الذين عملوا مع Tiffany في الأشهر الـ15 الماضية – جاي - زي، فاريل، Supreme، مارينو – أقرضوا بالفعل مشروعات في LVMH أسماءهم. الجدير بالملاحظة في تحول Tiffany ليس جدتها بقدر ما هو طموحها وسرعتها.
بدأت التغييرات بالفعل تُترجَم في العوائد نفسها. فقد أعلنت Tiffany عن أفضل عام لها على الإطلاق في عام 2021، ووفقاً لتوقعات HSBC، إنها على المسار الصحيح لزيادة حجمها بأكثر من الثلث في ثلاث سنوات – من 4.32 مليارات يورو في عام 2021 إلى 6.46 مليارات يورو في عام 2024، وبالتالي تسد الفجوة بشكل كبير مع Cartier الرائدة في فئتها، وإن كان ذلك مع هوامش ربح أقل بشكل ملحوظ.
إذ يُسأَل ليدرو عن أهدافه المالية، يتردد في الإجابة: "التوقعات كبرى، وعن حق. لدينا مسألة هائلة بين أيدينا وسنحقق مرادنا". فريق تنفيذي جديد، ودعم تكتل قوي، وإرث غني ومتنوع: سيكون من المستحيل تقريباً ألا يتحقق.