"بنينا مدينة كاملة من دون أن نقطع شجرة واحدة". هكذا يقول صاحب الفندق الباتاغوني والمهندس المعماري إدواردو روث، المعروف ببساطة باسم روث. يُعَد ،Azulik Uh May واكتمل في تسعة أشهر من دون أي خطط معمارية إلا الإصرار على الانسجام مع المحيط الطبيعي، فندقاً من 48 فيلا يقع على بعد 30 دقيقة بالسيارة إلى الشمال الغربي من تولوم، ويرتفع من دغل المايا في المكسيك مثل معبد من الفطر. في قلبه ،SFER IK Museion وهو كناية عن مساحة فنية مقببة وكهفية بارتفاع 52 قدماً 15.85) متراً) مشكلة من عرائش البيجوكو والخرسانة والفيبرغلاس. في الداخل، ثمة حفر للنار ونوافير، وحياة نباتية وفيرة، ومسارات متموجة تنساب عبر أشجارٍ ترتفع من أرض بور. إنه متحف، لكن ليس كأي متحف نعرفه.
العمل جار على مشروعات مشابهة ومتميزة في مجال السياحة البيئية والفنون في السعودية وبنما وبورتوريكو
يقول روث عن "مدينة الفنون" تلك، الخاصة به: "لا أعمدة ولا هياكل تقليدية. كل شيء مستدام هنا بالسحر". فبدلاً من جرف هذه التضاريس الدغلية الخضراء لإتاحة الطريق لخلاطات الأسمنت، صُنِعت مواد البناء كلها في الموقع باستخدام تقنيات قديمة، وبُنِي كل شيء يدوياً. يشرح روث قائلاً: "اتبعنا قاعدة وحيدة مفادها الامتناع عن قطع أي شيء، واحترام تكوين أرض الغابة والمياه". الهدف من ذلك هو رفع مستوى المعيشة الدغلية من طريق طمس الحدود بين الخارج والداخل. فهذا الموقع الذي بُنِي وفق مبادئ "الطبيعة التماثلية" يعكس تكوينات الطبيعة، بما في ذلك الشكل الحلزوني للعريشة. ويحتوي منزل روث في الموقع على 79 شجرة. وهو يطلق عليه اسم "الهندسة المعمارية المرتجلة"، والنتائج المترتبة على ذلك تحويلية وساحرة.
قبل ،Azulik عمل روث في النشر، فأدار صحفاً في مكسيكو سيتي في الثمانينيات، ثم ترأس شركة إعلانية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وعاش في تولوم أكثر من عقدين، حيث أنشأ منتجع Azulik Tulum البيئي الأصلي ومتحف ،SFER IK قبل أن ينتقل إلى الدغل قبل ثلاث سنوات. أشعلت هذه التجربة افتتاناً عميقاً بثقافة شعب المايا – يسميها "سحر شعب المايا" – التي تُنير فلسفة .Azulik

يقول روث: "إنها واحدة من أقدم الثقافات في العالم. فالغرب ما زال يجهل معارفهم إلى الآن. وإذا حميناهم وتعلمنا منهم، ستسنح لنا الفرصة للتطور، ليس على نحو مستدام من وجهة النظر الإيكولوجية فحسب، بل أيضاً من الناحية العاطفية، لاكتساب السعادة والصحة العقلية والرفاه".
حين وصل المنسق البرازيلي مارسيلو دانتاس أول مرة إلى Uh May في كانون الثاني )يناير) الماضي، تلبية لدعوة صديق، أذهله المكان. يقول: "دخلت وفكرت، ما الذي يجري هنا بحق الجحيم؟ أعمل في المتاحف منذ أكثر من 30 سنة، لكن هذا المكان يكسر كل القواعد، وينجح". أُغرِم دانتاس بهذا المكان إلى درجة أنه اضطر إلى أن يكتب على متن رحلة الطيران التي أقلته إلى الوطن مقالة يؤرخ بها تجربته، ودُعِي على الفور إلى العودة. "جاء أسبوعاً، لكنه بقي شهراً"، يقول روث الذي عين دانتاس بسرعة مديراً فنياً للمتحف.
وجد روث بالتأكيد روحاً قريبة من روحه، شخصاً يشاركه حماسته وإبداعه ونهمه إلى الأفكار. يقول عن دانتاس: "إنه واحد من أكثر الناس الذين أعرفهم حيويةً"، فهو يرى نفسه مترجماً، فيضع رؤية Azulik الإيكولوجية والثقافية في سياقها، ويعمل راوياً للقصص لصالح .SFER IK ويستمتع الثنائي بعدم تطابق تعاونهما، ما يبدو أقرب إلى الصداقة منه إلى الشراكة المهنية. فلا عمل هنا، إنما محاولة لمساءلة كل منهما أفكار الآخر وتوسيعها وتطبيقها، لتكون أكبر وأفضل وأكثر جرأة .
يبدأ هذا كله بالمتحف. يقول دانتاس: "دار العرض لا تحتوي على جدار مسطح واحد أو أرضية مسطحة واحدة، ولا تمتثل لأي من هذه التقاليد، وهي تؤمّن بيئة حاضنةً للفن". وهي إذ تشكل نقيضاً للمبنى المكعب الأبيض، تدعو الفنانين إلى تجاوز اللوحة وإنشاء فن تجهيزي غامر يستجيب لمطالبهم الفريدة مباشرةً. لا مكان حتى لتعليق لوحة هنا.

حتى لو لم ندرك ذلك، تُوصَف تجربة المتحف التقليدية في مجموعة من التقاليد: تضعون سماعات الرأس، وتتحركون في مسار محدد سلفاً بحسب الإرشادات المسموعة، ثم تخرجون من متجر الهدايا. بالنسبة إلى دانتاس وروث، يُعَد حزام النقل الثقافي هذا مثالاً مغرّباً، وهو مصمم قدر الإمكان للتخلص من المخاطر. يقول دانتاس: "نعيش في عالم من السيطرة القصوى. لكن هذا المجال متاح للحدس. تخلعون حذاءكم وتفعلون ما تشعرون به. ربما يكون هناك طائر في شجرة؛ ربما يكون هناك شيء رطب أو نسيجي. هذا يُشعل مستوى مختلفاً من الفضول". تشكل الهندسة المعمارية في SFER IK تحدياً خاصاً للفنانين. يقول دانتاس: "يدهش مظهر المتحف أغلب الناس، لكن أغلبيتهم لا تملك إجابة فورية عن السؤال: كيف يمكن فنهم أن يكون حاضراً هناك. يتعين عليهم أن يطوروا هذه الإجابة". وهنا تكمن الإثارة. يقول: "إذا كان بوسع الفنانين أن يستجيبوا بشكل إبداعي، فسنجد قواعد جديدة وأشكالاً جديدة". وهذا، من نواحٍ كثيرة، مبرر وجود .SFER IK فالمتحف أعاد إطلاق حملةٍ في شباط (فبراير) الماضي، بعدما أغلقته جائحة كوفيد، مع معرض افتتاحي بعنوان .Maxx وملأ الفنان الآتي من طوكيو ماكوتو أزوما SFER IK بمنحوتته النباتية الأضخم حتى الآن. فقد مُلئ هذا الهيكل الخشبي الشاهق المرتفع 15 متراً، والمكون من شبكة من جذوع الأشجار وأغصانها المترابطة، بالنباتات والزهور المحلية. يُشتهَر أزوما بابتكاراته الطموحة التي تستكشف جمال الطبيعة الزائل، في محاولة لفك شيفرة الطاقة الخفية للنباتات – تعليق الزهور في الثلج، وإرسالها إلى طبقة ستراتوسفير وقاع المحيط الهادئ. في ختام العرض، عند تفكيك عملاقه، وزعت زهوره على المجتمع المحلي. يحدد هذا البيان الإيكولوجي الزائل نبرة جذرية لبرنامج نصف سنوي للعروض الخاصة بالموقع.

"دار العرض التي لا تحتوي على جدار مسطح واحد تمثل بيئة حاضنة للفن"
إلى جانب المتحف، ثمة سلسلة من الأستوديوهات العاملة، بما فيها أستوديو يمارس فيه روث الهندسة المعمارية، فضلاً عن مشاغل فنية وحرفية تشمل كل شيء، من المقرمة إلى الأعمال الفنية المعدنية. إنه مزيج عالمي من الإبداع: ثمة مهندسون معماريون إيطاليون، ومصممون بيولوجيون برازيليون، ومبدعون من شعب المايا يعملون معاً للجمع بين القديم والحديث. وتحت شارة ،Azulik يصنعون الأثاث والملابس، ويجربون إمكانيات الفطريات، بحثاً عن حلول لمشكلات بيئية بعيدة الأجل مثل حماية المياه. طموحات روث لا تنتهي في شبه جزيرة يوكاتان. وفي شمال البيرو، يُدير مزرعة للزراعة المتجددة بقيادة متطوعين، تدير بحوثاً في النباتات الطبية في منطقة الأمازون وتسجّلها. كذلك يعمل في مشروعات مماثلة على شاكلة Azulik في مجال السياحة البيئية والفنون، في بنما وبورتوريكو والمملكة العربية السعودية.
يشارك دانتاس روث وجهة النظر القائلة إن العقلانية، كما أثبتت خيبات الأمل الناجمة عن قمة COP26 المناخية، لن توفر حلولاً للمشكلات الملحة بشكل متزايد في العالم، لكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. يقول دانتاس: "عندما يكون المرء في Uh May يتأكد من أن الحياة باقية. فهنا يسود التناسق شبكة الطبيعة بشكل جميل للغاية، فترون أن لا صلة للبشر بهذه المعادلة". إنه اقتراح إيجابي: نتنازل عن السيطرة لتتمكن الأرض من الشفاء.