تقول دايزي كناتشبول من The Deck وهي دار لخياطة الملابس الجاهزة القابلة للتعديل أطلقتها في عام :2019"لقد كان دافعي إلى إطلاق الدار رغبتي في إنشاء مساحة لطيفة وجميلة تخاطب النساء، هي كناية عن بيئة جريئة ومريحة تكون خفيفة ومشرقة". ولمشغلها في سافيل رو، وهو شارع يشتهر بدور خياطة الملابس الرجالية في مايفير في لندن، جدران مطلية باللونين الكريمي والأزرق الداكن، وهو مؤثث بأثاث فخم مريح، وبطاولات مليئة بزهور القرطاسية البيضاء الضخمة وشموع من ،Diptyque وبمجلات ذات أغلفة براقة. إنه بعيد كل البعد عن الغرف المرصوفة بألواح خشب البلوط والمزيّنة بالتحف الذهبية ورؤوس الغزلان التي هيمنت على الخياطة الرجالية منذ أكثر من قرنين.
تراجعت مبيعات البزّات الرجالية في بريطانيا بمقدار 2.3 مليون بزّة في السنوات الخمس الماضية، وفق شركة Kantar لبحوث السوق. أدت التحولات في اتجاهات ملابس العمل بسبب الجائحة، وارتفاع التكاليف التشغيلية وانخفاض أعداد السياح، إلى تدهور خطير أصاب سافيل رو. أغلقت علامات Kilgour وHardy Amies وChester Barrie التجارية متاجرها هناك في السنوات الأخيرة (بالرغم من احتفاظ بعضها بحضور تسويقي رقمي). وكانت Gieves & Hawkes وهي واحدة من أكثر دور الخياطة رقياً في العالم، تفاخر ذات يوم بأن شارلي شابلن وونستون تشرشل من بين عملائها، وهي تبدو اليوم عرضة لخطر الإغلاق الدائم بعد تصفية شركتها الأم. هل توسيع خدماتها لتشمل النساء يمكن أن ينقذ سافيل رو المهدد بالانقراض؟
حين كانت كناتشبول تعمل مديرة للاتصالات في ،Huntsman لاحظت للمرة الأولى فجوةً في سوق الخياطة النسائية في سافيل رو. تقول: "أدركت تواً أن ثمة نساء أردن حقاً خوض هذه التجربة". يبدأ سعر بزّة جاهزة قابلة للتعديل من قطعتين في The Deck من £2,200 (في العادة، تبلغ تكلفة بزّة مفصلة بحسب الطلب في سافيل رو ؛(£5,000 كذلك، تصنع الدار سترات سفاري وفساتين وتنانير، وتعاونت أخيراً مع Turnbull & Asser لإنتاج مجموعة من القمصان في خطوة ناجحة، ويتوقع أن تتضاعف الأعمال في هذا العام، والخطط جارية لاستيعاب المزيد من العملاء، فضلاً عن توسيع عرض The Deck ليشمل مجموعة أوسع من أنماط الملابس الجاهزة القابلة للتعديل. "تأتي نساء في ستينياتهن وسبعينياتهن، ويقلن إنهن لم يعثرن يوماً على سروال يناسبهنّ من قبل. برأيي، هذه جريمة!".
تقول كاثرين سارجنت، التي أصبحت أول رئيسة خياطين في سافيل رو في عام ،2016 وتملك الآن داراً لخياطة الملابس المفصلة في شارع بروك في مايفير، إن ما يزيد قليلاً على ثلث طلباتها مخصص للنساء، ويتزايد الطلب الآن على الخياطة النسائية. تضيف: "لا أبالغ إن قلت إنني أصنع ملابس نسائية أكثر من معظم خياطي سافيل رو، وأريد أن أجتذب مزيداً من النساء لأنني أعتقد أن من دواعي سروري أن أشاركهن اكتشافي الجديد لحرفة الخياطة. كان التصور السائد هو أن سافيل رو مرادفة لخياطة البزات الرجالية فحسب، لكن الخياطة أكثر كثيراً من ذلك في واقع الأمر. نحن نصنع قطعاً منفردةً أكثر للجميع، وقطعاً يمكن المرأة دمجها وملاءمتها مع قطع أخرى، لتبدو أنها ترتدي ملابس رياضية ورسمية في آن".
بدأت سارجنت، التي يبدأ سعر بزّاتها المفصلة والمؤلفة من قطعتين من £5,250 في صنع البزات النسائية بعدما عانت كثيراً لتعثر على ما يمكن أن ترتديه في فترة مرانها في .Gieves & Hawkes تشرح: "عندما كنت أتعلم حرفة الخياطة، تعلمت أين يكون الزر في بزّة رجل طويل، وأين أثبّته في بزّة رجل قصير، أو إذا كان يعمل في قلب لندن التجاري أو إذا كان محامياً. كانت القواعد والمبادئ التوجيهية كلها واجبة الاتباع، في حين لم تكن هناك أي قواعد أو مبادئ توجيهية في الخياطة للنساء". تضيف: "كانت أغلبية الأساليب النسائية البارزة التي كانت سافيل رو توفرها على مر التاريخ راسخة بين ملابس ركوب الخيل والملابس الريفية، لذلك عملت على تكييف هذه الأساليب وخرجت بأسلوبي الخاص في الخياطة للنساء. وكنت بين خياطين قلائل رغبوا في خوض غمار الخياطة النسائية".
بحسب فيبي غورملي، التي أسستGormley & Gamble في عام ،2014 وهذه أول دار للخياطة مخصصة لملابس النساء حصراً في سافيل رو، ينبع جزء من هذا التردد من صعوبة التعامل مع أجساد النساء. تعرض الدار بزّات جاهزة قابلة للتعديل، وتفصل آلاف الأقمشة التي يجري الحصول عليها من مصانع بريطانية وإسكتلندية وإيطالية، إضافة إلى بطانات حريرية مطبوعة بحسب الطلب، بأسعار تبدأ من £800 للسترة و400£ للسروال. تقول: "حتى أنَّ خياطي الملابس الرجالية الذين عرضوا ملابس نسائية، ما كانوا ليضعوا مجسماً نسائياً لعرض الملابس في واجهة مشاغلهم. في اعتقادي أن السوق كانت صغيرة، فلم يكن هناك من داع للتدريب على صنع الملابس النسائية".
"النساء يرغبن في الحصول على بزّة وحيدة لحفلات الزفاف كلها تماماً كالرجال"
شهدت ،Huntsman دار الخياطة المشهورة في سافيل رو التي صنعت ملابس للملك إدوارد السابع وغريغوري بيك والملكة فيكتوريا وكاثرين هيبورن، زيادة بنسبة 35 بالمئة في عدد عميلاتها منذ عام .2019 يقر تاج فول، مدير Huntsman الإداري: "كان لدينا دائماً عرض للسيدات، ولو أننا لم نبرزه قط. كان هذا دوماً جزءاً من عملنا، لكن عندما يكون اسم المتجر Huntsman(الصياد)، وهو بارز للغاية، ستشعرون بأنه غير مخصص للسيدات".
تعتقد ماغدالينا هاندوركر، كبيرة خياطي ملابس النساء لدى ،Huntsman أن الشهية إلى الملابس النسائية المفصلة تشكل أيضاً جزءاً من التحول نحو عقلية أكثر استدامة. "أعتقد أن الناس بدأوا يقدرون الحصول على الملابس التي تناسبهم حقاً، والتحلي بقدر أكبر من الصبر بدلاً من الحصول على المنتج الفوري". توافقها سارجنت الرأي: "يكتسب عدد كبير من عملائي وزناً أو يخسرونه أو يريدون تغيير الأزرار أو البطانات لينعشوا أنفسهم، فيأتون بالقطع بغرض تكييفها، وهذا رائع مع الملابس المفصلة لأنكم تستطيعون في الواقع إعادتها إلى خياطكم وتعديلها".
كذلك، شهد رواج بزات العرائس وملابس الزفاف المفصلة توجّه المزيد من النساء إلى سافيل رو. وشهدت ،Cad & The Dandy واحدة من أحدث دور الخياطة اليوم، ارتفاعاً في مبيعات ملابس النساء بنسبة 300 بالمئة منذ عام ،2019 مع ارتفاع ملحوظ في بزات الزفاف، وهذا اتجاه انعكس لدى The Deck وGormley & Gamble. تقول غورملي: "أعتقد أن من تعد زفافاً يحضره 15 شخصاً، لا تحتاج إلى فستان أبيض ممتلئ يكلف ،£7,000 بل تريد ملابس يمكنها ارتداؤها ثانية. يأتيني عدد كبير من النساء ويقلن إنهن لا يرغبن في شراء فستان لكل زفاف يحضرنه، بل يرغبن في الحصول على بزّة وحيدة صالحة للاستخدام مراراً وتكراراً، كما الرجال تماماً".
تدرك دور خياطة أخرى في سافيل رو الحاجة إلى التكيف مع الأذواق الحديثة. فأخيراً، أطلق كل من Edward Sexton وCad & The Dandy مجموعات من الملابس الجاهزة للرجال. يقول جيمس سليتر، مؤسس Cad & The Dandy التي بدأت الآن تصنع قطعاً رئيسية جاهزة للنساء أيضاً: "فاجأنا الإقبال على بزّة جيدة الصنع، وفق مبادئ سافيل رو الخاصة بنا، لكن المتوفرة من دون انتظار الملابس المخصصة". ويقول إدوارد سكستون: "إنها مغامرة جديدة تماماً لنا، أن يكون لنا متجر في سافيل رو لبيع الملابس الجاهزة فحسب"، آملاً في البناء على سمعته بوصفه خياطاً للملابس المفصلة للرجال والنساء (تويغي وبيانكا جاغر عميلتان سابقتان) من خلال مجموعة من القطع النسائية الجاهزة في نهاية المطاف. يقول: "أنجزنا الكثير من الأعمال الأساسية في هذا الصدد، ونحن الآن في وضع يمكننا فيه إطلاق المجموعة الجديدة، لكن المرء لا يريد أن ينتهي به المطاف في موقف يكون فيه متعدد المهارات ولا يبرع في أي مهارة".
مع ذلك، ومع تمتّع خياطة الملابس النسائية بنهضة كهذه، يبدو أن قسماً كبيراً من سافيل رو بات يدرك أخيراً إمكاناته في السوق. تضيف كناتشبول: "المثير حقاً في نظر عملائنا – لماذا كنا مشغولين إلى هذا الحدّ حين لم يكن الخياطون الآخرون مشغولين – هو أن نساءنا لا يشترين ملابس للعمل فحسب، بل يشترين ملابس لكل مناسبة. إن تعزيز موقع البزّة إلى الحد الأقصى هو ما سيغيّر سافيل رو".
