في أيسلندا، كانت الطاهية سولفيغ إريكسدوتير، المعروفة باسم "سولا"، سفيرة الغذاء الصحي. وحتى وقت قريب، أدارت خمسة مطاعم، بما فيها مطعم Gló الشهير بأطباقه النباتية والنيئة والصديقة لمن يتبعون الحمية النباتية في ريكيافيك. وهي أشرفت على سوق عضوية وعلامة تجارية غذائية، وظهرت بانتظام على شاشات التلفزيون. وحين خطبت في المشاركين في مؤتمر Longevity Now Conference (العمر المديد) في لوس أنجليس، سمّاها الممثل بن ستيلر "جنية الطعام" التي لا يقل "طعامها متعةً عن الأرض التي تنتمي إليها". وعندما زارت الممثلة غوينيث بالترو أيسلندا، سعت إلى سولا - دون غيرها - لتلتقط معها صورة ذاتية.
بلغت سولا الحادية والستين، وتجد نفسها اليوم "عند مفترق طرق". في العام الماضي، باعت شركاتها جميعها وطلقت (زوجها الثالث) واشترت منزلاً صغيراً في هافنارفجوردور خارج ريكيافيك، حيث تعتزم تدريس الغذاء الصحي، وتصوير فيديوهات للطهو، وإنشاء مطعم مؤقت تقدم فيه خضاراً تزرعه في حديقتها الخاصة. وتقول ابنتها هيلدور إن تبنّي نمط حياة هادئة هو جزءٌ من خطة والدتها.

إنها فلسفة تقبع في قلب كتابها الجديد Vegan at Home (خضري في المنزل) الذي يهدف إلى إلهام القراء طهو المزيد من الطعام بمكونات مستخرجة من النبات، والأهم، صنع أساسيات أدوات مائدتهم من الصفر. تتوافر في الكتاب، إلى جانب التعليمات بشأن صنع الحليب والجبن والقشدة والزبادي والزبدة من المكسّرات، وصفات لصلصات مثل غوما دير (صلصة بذور السمسم)، ومعجون الكاري الأحمر والكاتشب، إضافة إلى مخمرات تشمل تمبيه ومخلل الملفوف والكيمتشي.
"أريد أن أبين كيف يمكن أن يكون الطعام الخضري غنياً بالنكهة"
بدأت سولا باتباع حمية نباتية في ثمانينيات القرن الماضي، إذ سعت إلى مكافحة تحسسات شديدة (للفراولة والغبار ووبر الحيوانات وغبار الطلع) عانتها في طفولتها. وفي ستة أشهر، ذهبت هذه التحسسات إلى غير رجعة. لكن، مع منافع نظامها الجديد، تاقت إلى إضفاء مزيد من النكهات إلى طعامها.
تقول لي: "عندما لا يتناول المرء مشتقات الحليب أو منتجات اللحوم، يتناول كثيراً من الخبز". وأصبح باتيه الخضار عنصراً دائم الحضور في يومياتها. ووسع حضور صفوف في المايكروبيوتك قائمتها لتشمل أطعمة مثل زبدة البذور، والطحالب البحرية، ولفائف السوشي. تقول: "كنت أتناول كثيراً من الأرز والفول مع توابل خفيفة مثل خوخ أومبيوشي. لكنني بدأت أشعر بالافتقار إلى شيء ما. كان الأمر شبيهاً بارتياد مطعمنا المفضل. في البداية، يكون الأمر مثيراً. وبعد عام أو عامين من التحديق في قائمة الطعام نفسها، يتسرب إلى نفوسنا الملل". ونظرت في المطابخ الآسيوية والمكسيكية والمتوسطية المستوحاة من استخدام التوابل والثوم والفلفل الحار لتعزيز النكهة في الطعام. إنه نهج عالمي يستمر في إبراز مزايا طهوها. يتضمن كتاب Vegan at Home وصفات لأطباق بالكاري ووصفات الحساء والطاجن، إلى جانب أطباق الفطور والوجبات الخفيفة والمقبلات الغربية.

لن يرغب الجميع في إعداد حليب القنب أو المايونيز النباتي، كما هو موضح في صفحات كتابها. فأن نصنع أساسيات الطعام الخاصة يتطلب التزاماً، وبالرغم من أن العملية ليست صعبة، قد تبدو العوائد ضئيلة للغاية. بعد ست إلى ثماني ساعات من النقع و10 دقائق من الغسل المتكرر بالماء والخلط والتقطير، يُنتج كوبٌ واحد من البندق البرازيلي ثلاثة أكواب ونصف الكوب من الحليب، وهي لن تكفي عائلة متوسطة العدد أكثر من فطور صباح واحد. إن إعداد الطعام الخضري يمكن أن يبدو أمراً شاقاً بما فيه الكفاية في البداية، من دون الجهد الإضافي لاستنبات الجبن القشدي المصنوع من المكسرات. لكن، إذا كان الهدف تعزيز النكهة إلى الحد الأقصى، فالأكيد أن وصفاتها هي السبيل الممتاز إلى ذلك.
جربتُ وصفة المعكرونة التي تأتي على ذكرها بصلصة العدس الأحمر مع البارميزان الخضري، وهي خيارها المفضل في طفولتها، الذي كانت والدة سولا تصنعه باستخدام الجزر المقطوف من الفناء الخلفي في منزلها، والذي تعده هيلدور الآن لأطفالها بسرعة. تجمع بين الصلصة الغنية النسيج والعشبية بعض الشيء المصنوعة من الجزر والسيليرياك والعدس الأحمر والبصل والطماطم المسحوقة، مع طبقة عليا من الطماطم الكرزية المثوّمة والمخبوزة. وتتميز بعمق النكهة والتكوين اللذين قد يتوقعهما المرء من لحم ragù الممتاز. (استخدمتُ البارميزان العادي بدلاً من المستخرج من النبات، والذي يحتوي على الصنوبر والبندق البرازيلي والزبدة الخضرية ورقائق الخميرة والثوم والبصل ومساحيق الأغار).
بالمثل، يمتلئ الفلفل الحار الشمندري، الذي يجمع الشمندر والفلفل الأحمر الحار والفلفل الأسود الحار مع البصل الأحمر والهالابينو المخللين، ومهروس الأفوكادو وقشدة الكاجو الحامضة (استخدمت القشدة الحامضة العادية)، بنكهات متنوعة وقوية لا يمكن أي آكل لحم أن يشعر معها بأي تغيير يذكر. تناولتُ أيضاً كاسترد جوز الهند والزنجبيل واللّيم المجعد المميز المستوحى من طبق الكاسترد المحلى بالكراميل، وهو أحد أطباق الحلويات المعروضة التي تتضمن كعكة باندان المؤلفة من طبقات مع رغوة القهوة، وتيراميسو النيئ، وقشدة الكاجو، وكعكة جبن حليب جوز الهند مع زبدة البندق والتوت البري. وكما تلاحظ سولا في مقدمتها: "أريد أن أبين كيف يمكن أن يكون الطعام الخضري غنياً بالنكهة". باستلهام المطابخ المتنوعة والسعي الحثيث وراء الطعام المميز بالمذاق المثير، لا الصحي فحسب – كتكديس التوابل والثوم والفلفل الحار على النحو الذي أحبه – إنها تفعل ما تقول بالضبط.