أهو علم المعتقدات غير التقليدية؟ فعل "التميز"، أو ملاذ المراهقين العاشقين الأخير، أو حتى جزء من رحلة لتحقيق الذات هدفها تحقيق المرء أهدافه المهنية، صار سائداً أكثر في الأعوام الأخيرة. تزعم برنادين إيفاريستو أنها استخدمت التأكيدات الإيجابية والتصور الإبداعي للفوز بجائزة Booker، بالرغم من كونها آنذاك "غير مرئية تقريباً" في العالم الأدبي. وعندما نالت الجائزة في عام 2019 بفضل كتابها Girl, Woman, Other (فتاة، امرأة، آخر)، قالت: "حرّكتُ تلك السنوات السابقة كلها".
كان الصناعي الأميركي هنري فورد مهووساً باقتباس كونفوشيوس: "من يقول إنه يستطيع، ومن يقول إنه لا يستطيع، كلاهما على حق في العادة"، قبل أن يضيف: "أي منهما أنتم؟". ويزعم العديد من كبار رجال الأعمال الآخرين أن نجاحهم يرجع إلى شعور عميق الجذور بالإيمان بالذات. تقول سارة بلايكلي، مبدعة الملابس الداخلية، التي تنبأت بعلامتها التجارية المستقبلية – بلغت قيمتها مؤخراً 1.2 مليار دولار – بينما كانت تعمل بائعة متجولة لآلات الفاكس: "بدأت Spanx قبل وقت طويل جداً من قصي أقدام جواربي الطويلة".
تقول روكسي نفوسي، الخبيرة العراقية البريطانية في التميز، التي تتخذ من لندن مقراً والتي نشر حديثاً كتابها الجديد Manifest (تميز) (منشورات Michael Joseph): "لا شيء في حياتي لم أظهره". ونفوسي، التي تطبق استراتيجية من سبع خطوات لتحقيق أهداف المرء، تعرّف هذه الممارسة بأنها "القدرة على إنشاء الحياة التي يريدها المرء، واستخلاص أي شيء يرغب فيه، والتحول إلى سيد وليس دمية في قصتكم الخاصة". وإذا برز في الذهن كتاب The Secret (السر) للمساعدة الذاتية لروندا بايرن الصادر في عام 2006، وعمليتها المؤلفة من ثلاث خطوات "اسألوا، آمنوا، تلقوا"، فكروا ثانيةً. تقول نفوسي: "هذا المستوى السطحي للأمر. فالفن الحقيقي للتميز ينبع من كوننا استباقيين، وشجعاناً، ومخاطرين، ونخطو خارج منطقة الراحة الخاصة بنا. بل هو ينبع من معتقداتنا ما دون الوعي حول ما نستحقه ومن قيمتنا الذاتية".
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
اكتشفت نفوسي مسألة التميز في لحظة من حياتها كانت فيها "في الحضيض"، ابتُلِيت بتقدير ذاتي متدنٍ، وإدمان على المخدرات، وعلاقات غير صحية. وتقول إن حياتها تغيرت تماماً منذ ذلك الوقت: فقد أحبت، وأصبحت والدة، وتتمتع بنجاح وظيفي. نجحت بالفعل في تحقيق كل رؤاها لعام 2021 بحلول حزيران (يونيو) من العام الماضي. "أحلامي كبيرة لأنني أعرف أن أي شيء على الإطلاق يضعه المرء نصب عينيه سيجعله يحصل. ولا يتعلق الأمر بمجرد الأشياء المادية، بل أيضاً بالثقة في الذات والرضى".
لكن عدد من سيتعثرون بنصح نفوسي بـ "الثقة في الكون" سيكون كبيراً. فقد يعيد المتدينون الأمر إلى إرادة الله، وقد يسميه آخرون عَرَضَاً أو حظاً. وربما يرفض مشككون أحداثاً كهذه باعتبارها صدفة محضة. تتحدث إيفاريستو عن "الفجوة" الغامضة بين ما تحاولون إبداعه في حياتكم والنتيجة النهائية.
تدرك الدكتورة تارا سوارت، عالمة الأعصاب والطبيبة السابقة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) والتي تتمتع بخبرة واسعة في ممارسة الطب النفسي، أن "مناصري هذه الفكرة يجعلون من الأمر بياناً للفكر السحري"، لكنها تحاجّ بأن بعض الشرعية ربما تتوفر في ما يزعمه هذا الفكر. وفي كتابها The Source: Open Your Mind, Change Your Life (المصدر: افتحوا عقلكم، غيروا حياتكم) (منشورات Vermilion)، تستكشف دور المرونة العصبية، أي قدرة الدماغ على الانثناء والتغير. باختصار، نُدخل العلاقات أو المواقف إلى حياتنا من خلال التركيز على الطاقة وتصورها وتوجيهها نحو حياتنا، من خلال أفعالنا.
توافق سارة برادن، المتخصصة في الوخز بالإبر التجميلية، التي بدأت هذه الممارسة في محاولة للتعافي من "دوامة مرض" مرتبطة بالإجهاد ومشكلة في المعدة غير مشخصة، قائلة: "ثمة تشكيك كثير يحيط بالتميز، وأفهم السبب". بدأت برادن في غضون أسابيع في الشعور بتحسن، بفضل إلهام مصدره عيادة شاملة في ألمانيا، حيث يتعلم المرضى استخدام التصور والتأمل للمساعدة في عملية الشفاء. تقول: "توقفت عن الظهور بمظهر من أُخرِج من قبره". ولا تستطيع شرح الكيفية. تُضيف: "لكن عندما تبدأ هذه الأبواب في الانفتاح، لا بد من السير مع التيار. فهي ستُفتح أسرع مما تستطيعون تصديقه".
"عندما تبدأ هذه الأبواب في الانفتاح لا بد من السير مع التيار. لأنها ستُفتح "
الآن، تستخدم برادن التميز أداة يومية، باستخدام لوحات الرؤية المنتمية إلى “المدرسة القديمة” والتي تغطيها قصاصات صحفٍ ومجلات لبيان أهداف المستقبل. تقول: "بالنظر إلى الوراء، كل شيء في حياتي موجود على هذه اللوحة". ألهمتها اللوحة لمساعدة الآخرين في تحسين صحتهم: تعرض علامتها التجارية في مجال العافية، The Bradden Method، الوخز بالإبر الوجهي (علاج "تعزيز" لمدة 30 دقيقة في Hershesons Belgravia في مقابل 120£، sarahbradden.com)، وغير ذلك من العلاجات بهدف "تخفيف الإجهاد المتأتي من أسلوب الحياة".
تُرى، هل التميز ترياقٌ للشعور بالعجز، أهو طريقة لاستعادة تدريجية لبعض السيطرة على حياتنا؟ مؤكد أن كتاب نفوسي يشكل خريطة طريق لأسلوب حياة أكثر إيجابية. تقول نفوسي: "إذا نظرتم إلى العديد من الرؤساء التنفيذيين وكبار رجال الأعمال الناجحين، فإنهم يُمارسون التميز حتى ولو لم يستخدموا الكلمة. لديهم رؤية واضحة وطقوس وأخلاقيات عمل قوية. يتصرفون، يثابرون، يتعاملون مع التحديات على نحو لا يحرفهم عن مسارهم أو يؤثر سلباً في ثقتهم. وهم يتبعون الخطوات السبع؛ إنهم لا يعرفونها فحسب".