سيروا إلى آخر زقاق فيشرسُند في البلدة القديمة بمدينة ريكيافيك، فتصلوا إلى مبنى صغير من الحديد الأسود المضلع يحمل رمزاً قديماً غير واضح معلقاً فوق الباب. في السابق، كان هذا المنزل أستوديو تسجيل يملكه يونسي بيرغيسون، الموسيقار الأيسلندي والعضو البارز في فريق Sigur Rós، وحوّله أخيراً مع شقيقاته الثلاث الأصغر سناً، إينيا وليليا وروسا، إلى متجر حسّي للعطور ومساحة للعرض. سمّي المتجر ذو الإدارة العائلية Fischersund تيمناً بموقعه.
تقول ليليا، وهي فنانة ومصورة فوتوغرافية، وسفيرة الشركة للإبداع: "لدينا جماليات متماثلة حقاً، ونحن نرسم الأشياء نفسها". تتولى إينيا الإدارة الفنية، أما روسا (سمّيت فرقة يونسي على اسمها) فهي مديرة الحِرف والإنتاج. تقول: "حلمنا بأن نعمل معاً، ووقعنا في حب العطر الأول الذي صنعه شقيقنا".

بعد عقد كامل من دراسة عالم الزيوت العطرية وجزيئات الأريج، يُعتبَر يونسي خبير عطور علّم نفسه بنفسه. في الواقع، يشبه نهجه التجريبي في التعامل مع تركيب الروائح تأليفه الموسيقي الطليعي، فالأمران يُنتجان إيقاعات مميزة وافتتاحيات غامرة. يذكر عطره الأول والأفضل مبيعاً، No 23، بدخان في الهواء، وأعمدة هاتف معبدة، وعشب مجزوز، وحوت جانح، وأوراق تبغ مع مكونات من الفلفل الأسود، وتنوب Icelandic Sitka (بسعر 126£). يخاطب عطره No 8 "أحذية رياضية جديدة، وأفواهاً مليئة بحلوى الليمون، وأصابع ملتصقة بزيت المحركات، وراونداً مسروقاً من حديقة الجيران ومقشراً ومضمخاً بالعسل وممضوغاً". تقول ليليا: "يستطيع أن يلحّن سيمفونيات بالعطور".
وقعنا في حب العطر الأول الذي صنعه شقيقنا"
يقول يونسي: "ما زلت أتعلم شيئاً جديداً كل يوم. سيصنع المرء المئات من الخلطات السيئة إلى أن يشعر بسعادة تكاد لا تُذكَر مع شيء ما. وأنا أسميها حفرة الإحباطات التي لا قاع لها. لكن، مع كل خلطة جديدة، يتعلم المرء شيئاً، ويصبح ببطء مهووساً بهذا المسعى". كيف يترجم المرء جوهر أيسلندا في زجاجة؟ يقول: "الريح تصفع وجهكم. الأوكسجين كله. أظن أن الأمر ليس أكثر من مجرد الهواء الطلق الوحشي".
![]() |
![]() |
بالنسبة إلى الأشقاء، المتجر أقل من أن يكون بيئة للبيع بالتجزئة، وأكثر من أن يكون مكاناً يمكن فيه التوقف للراحة والاسترخاء. جندوا مصممة الديكور الداخلي إيليني بودارا لاستحضار مساحة مسرحية تنتشر فيها النباتات الطحلبية المستوحاة من البيوت المسكونة الأيسلندية القديمة. يمر الضيوف بمسار مضاء عبر "أرغن العطور" (طاولة الخلط الخاصة بيونسي، المصنوعة من بقايا أرغن قديم) إلى غرفة مليئة بروائح Fischersund. تقدم المجموعة المصنوعة يدوياً في أيسلندا الشموع وقضبان البخور وأربع روائح بما في ذلك Utilykt، وهي ثمرة تعاون مع علامة 66°North التجارية للثياب الأيسلندية، فيها مكونات من العشب المقصوص حديثاً والهواء البحري (126£).
يوفر Fischersund أيضاً مستحضرات للعناية بالبشرة تصوغها خبيرة الأعشاب بولي أمبرمون، تجمع بين الأعشاب القطبية الشمالية البرية والصينية التقليدية والزيوت النباتية العضوية. التغليف البلاستيكي محظور، فالمنتجات توضّب في قوارير زجاجية سوداء وعلب قصدير ملمعة يدوياً وورق معاد تدويره. ومتاحةٌ للشراء أيضاً في هذا المتجر أسطوانة Sounds of Fischersund (أصوات فيشرسُند)، وهي من تلحين يونسي. تقول ليليا: "الروائح والأصوات تجريدات، تدخل إلى القلب مباشرة".

الطابق السفلي من المبنى مستقر لمتحف صغير يُعيد المعرض الحالي فيه تخيل أعمال لمؤلفين أيسلنديين مثل أندري سناير مغناسون ويوناس هالغريمسون من طريق الرائحة، باستخدام الزعتر القطبي الشمالي والأعشاب البحرية والطحالب. كذلك يستضيف المتجر بانتظام عروضاً ومناسبات فنية.
تُشحَن منتجات Fischersund حول العالم، وهي متاحة حالياً في Pantechnicon بلندن. لكن التجربة الغامرة لزيارة المتجر حولته إلى محجة للمواطنين والزوار على حد سواء. يقول يونسي: "أحب أن إدارة هذا المتجر عائلية. فالجميع يشاركون في مرحلة ما. يصنع والدي البخور، وتصنع أختي الشموع، وأنا أصنع العطور، وتطرز والدتي الوسائد – ونصور فوتوغرافياً كل شيء ونصممه بأنفسنا".