مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

أناقة

"أنا مغربيٌّ  روحاً وقلباً"

للمغرب سحرٌ أخّاذ، تقاليده جميلة، ألوانه بهيجة، ومبدعوه يجدون فيه الروح التي لا حياة لهم ولإبداعهم من دونها. يتمسّكون به وينقلونه إلى مصاف العالمية بابتكاراتهم الفريدة. أنيمتة كلينكبي تلقي نظرة فاحصة

© بييرو‭ ‬باساكانتاندو © بييرو‭ ‬باساكانتاندو

إنّه المغرب، قدمه في المتوسط ووجه إلى المحيط، جميل، وغريب بفرادته، تقليديّ وعصريّ في اللحظة نفسها، قلق - بروحٍ طيبةٍ طبعاً  - إذ فيه تتلاقح ثقافات أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وفيه يصعب تمييز الماضي من الحاضر. إنه مركز التجارة القديم، ومنطلق الإبداع. ففيه تزدهر الأفكار، ومن ثناياه يستلهم مصمّمو العالم ابتكاراتهم، وتبرز في زواياه مهارات محليّة يباهي بها الأمم. 

بين تصميم الأزياء والمغرب حبّ قديم. ففي الزي المغربي نفسه مساحة ابتكار لا يحدّها إلا خيال المصمم. وها هو قد أصبح مزيجاً من تقليد في النمط وحداثة في الفكرة. وما يثير الاهتمام أكثر هو أن التقليدي الآن موضة عصرية بعدما أضيفت إليه بهرجة الألوان ورونق الأنماط المستقاة من ثقافات أخرى. وهو في أي حال يُبرز الإبداع والأناقة والفخر بالثقافة المغربية التي تلهم اتجاهات ملحوظة في عروض الأزياء، محلياً وأوروبياً.

تصميم‭ ‬لافت‭ ‬للمصمم‭ ‬المغربي‭ ‬سعيد‭ ‬معروف‭ ‬من‭ ‬مجموعته‭ ‬لعام ‭ ‬2019

سعيد معروف وأمين بن درويش نجمان مغربيان في عالم الأزياء، يختلفان في الرؤية الإبداعية، وفي طريقة لمسهما القماش، وفي تميّز كل منهما في تصاميمه وصنعته، ويلتقيان في أمر واحد: "المغرب هوية نحياها لا جنسية نحملها. إنه الروح في أجساد كثيرة، والملهم في أفكار عديدة"، كما يقول معروف. وهو وُلِد في أصيلة، لكنه نشأ في أمستردام، حيث تعلّم تصميم الأزياء في Gerrit Rietveld Academie ونال شهادة فيه، كما درسه في Pratt Institute في نيويورك. بعدما أطلق علامته التجارية الخاصة Said Mahrouf، وشارك في نسخة عام 2007 من Festimode-Casablanca Fashion Week في الدار البيضاء، شاهد مجموعته مدير Prêt-à-Porter Salon في باريس، فدعاه إلى تقديم مجموعته لربيع وصيف 2009 في باريس في عام 2008. كان هذا العرض أحد عروضه العديدة التي تتالت في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط (المغرب أساساً). 

حصل معروف على جوائز عدة، منها أفضل مصمم مغربي معاصر في Fashion Week in Jakarta في عام 2004، وأيضاً في Fashion Forward في دبي (في الأعوام 2014 و2015 و2016). يتذكر معروف: "كان من حسن حظي أنني نشأت بين ثقافتين، مغربية وهولندية. كان الانتقال مع والديّ وأنا في التاسعة إلى أمستردام أفضل خطوة يخطوها شاب ليتكيّف مع ثقافة جديدة تماماً. تأثرت جماليّة تصميمي بشكل كبير ولسنوات عديدة من خلال التعلم في Rietveld Academie بأمستردام. وكان التفكير المفهومي محور التركيز الرئيسي، وجذبتني كثيراً البساطة الحديثة. في السنوات الأخيرة، بعدما صرفت زمناً أطول في العيش والعمل في الدار البيضاء على مدى السنوات العشر الماضية، تطوّرت الجماليات قليلاً في تصاميمي. وساعدني محيطي الجديد المتمتّع بتقاليد حرفية ثرية في تحقيق هذا التطور".

المصمم‭ ‬المغربي‭ ‬سعيد‭ ‬معروف

بن درويش وُلِد في المغرب ونشأ فيه. بدأ اهتمامه بالأزياء في سن مبكرة. في السابعة من عمره، أحبطته ملابسه إذ كان عليه ارتداء ما يشتريه والداهُ له، وما كان له الحق في الاختيار، "بينما ارتدى أقراني الجينز من Levis، والقميص من Lacoste، والقميص الرياضي من Tommy. صرت أرسم ملابس أودّ الحصول عليها. وفي المدرسة الثانوية، كلّما تعلق قلبي بفتاة، كان وضعي المالي الصعب يقف حائلاً بيني وبين دعوتها إلى الخروج، فكنت أستعيض من ذلك برسم شعار مستوحى من اسمها، وتصميم مجموعة صغيرة من الملابس مستوحاة منها، ومرسومة لأجلها، وسيلةً للتعبير عن اهتمامي بها أو حبي لها. مؤسفٌ أن ذلك لم ينجح أبداً"... لا بل نجح. فهو اليوم يصمم أزياء لويل سميث وأليشا كيز وغيرهما من مشاهير الدنيا، وهو الخياط، وفنان التجهيز، ومنسق الموسيقى، والموسيقار.. وقائمة مهاراته تطول. يتذكر: "عندما بدأت العمل مصمم أزياء أول مرة في الدار البيضاء في عام 2007، كنت مارقاً، لم يأخذني أحد على محمل الجد، وكان المكان الوحيد الذي رحّب بي هو مهرجان الجادة، واعتقد الباقون أنني عابر سبيل في هذه المهنة. رويداً رويداً، شهدت ظهور المزيد من الشباب في عالم الأزياء. أنشأت الحكومة مدرسة للأزياء فأتيحت لي الفرصة لأدرّس واحداً من أوَّل عروض الأزياء الخاصة بها وأديره فنياً وأحدد مزاجه".

أمين بن‭ ‬درويش‭ ‬في‭ ‬محترفه © ريتشارد‭ ‬باردون

بن درويش لا يحبّ التسميات الجاهزة، ويفضّل أن يرى نفسه مبدعاً يوحّد ما هو مختلف، ورؤيوياً يختزل رؤيته في قلم وورق. بهذا القلم وبقصاصات من ورق، هزّ أركان عالم الأزياء المغربي، وزعزع أسس الجماليات الكلاسيكية، مثيراً ضجة بسخريته غير المألوفة. فقد أطلق على علامته التجارية الخاصة بالأزياء اسم Couture & Bullshit، ليكون ذلك بياناً واضح المعالم لملابس موحّدة للجنسين، ولحضور لا لبس فيه يقترب من أن يكون موقفاً صارماً من القماش. يحب الأنماط الهندسية، ويرتدي ملابس لا جنس لها، يصمّمها مصراً على وجود رواية تاريخية لهذا النوع من الملابس. بحسبه، "في السنّة النبوية قصة رجل وزوجته أفقرتهما الدنيا، ولم يملكا إلا ثوباً واحداً. فإن خرج هو إلى المسجد للصلاة ارتداه، وبقيت زوجته عارية في المنزل. وإن اضطرت هي إلى الخروج ارتدته، وبقي هو بلا رداء. لم يُصدَم النبي بالرجل الذي كان يرتدي وزوجته الثوب نفسه، بل أحزنته فاقتهما. لم يكن ما يرتديانه مهماً حينها، فلمَ هو مهم اليوم؟".

عارضة‭ ‬ترتدي‭ ‬تصميماً‭ ‬مختلفاً‭ ‬لبن‭ ‬درويش‭ ‬يربط‭ ‬التقليدي‭ ‬بالعصري

ثمة مغرب في كل تصميم، "ويسعى مصممون كثيرون إلى استلهام المغرب، فهذا بلد متنوّع وغنيّ بكل شيء. تختلف المشاهد، والإضاءة، والألوان، والروائح، وغير ذلك اختلافاً تاماً بين منطقة فيه وأخرى. إن سرتم ثلاث ساعات بالسيارة وصلتم إلى بيئة مختلفة تماماً"، كما يقول معروف، مضيفاً: "ويتمتع المغرب بتاريخ قوي، حُفظت أغلبية تقاليده". نعم، إنه الإلهام، وهذا طريق باتجاهين متعاكسين. فلطالما استعار المصممون الأوروبيون أفكاراً من المغرب. يُعقب بن درويش مؤكداً: "هنا يبحث العديد من المبدعين عن مصادر إلهامهم، ففي المغرب ثقافة غنية وراقية.. وجذابة. قبائله وسلالاته قديمة تعود إلى آلاف السنوات، وهو أدى دوراً مركزياً في تاريخ العالم، وهو اليوم طرف فاعل في العديد من المناسبات العالمية الكبرى، ونقطة التقاء جغرافية مهمة تاريخياً، جذبت الفينيقيين والرومان وغيرهم من الشعوب التي تميزها حضاراتها، وهو نقطة انطلاق إلى الأندلس". يضيف: "سمح الرجل الأبيض لنفسه دائماً أن يأخذ ما يريد من أي شيء يراه جميلاً، لكن المؤسف حقاً أن البلد لم يسر دوماً في اتجاه يسمح للثقافة وحواجزها بالتطور والازدهار".

مشهد‭ ‬يجمع‭ ‬كل‭ ‬العناصر‭ ‬المغربية، ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬إلى‭ ‬القفطان‭ ‬والطربوش،‭ ‬فكرة‭ ‬المصمم‭ ‬أمين‭ ‬بن‭ ‬درويش © بييرو‭ ‬باساكانتاندو

ربما يصحّ ما قاله بن درويش، لكنّ لجاذبية المغرب قصصاً تُروى. فعلى غرار الراحل إيف سان لوران، كانت ألوان المغرب الزاهية وبوهيميته الفطرية مصادر إلهام مصممين عالميين. مراكش مدينة تهواها الحواس، عشقها سان لوران من النظرة الأولى، إذ جاءها في الستينيات، وبقيت تلهمه في تصاميمه أكثر من أربعة عقود. ذات يوم، أسرّ بشغفه بحدائق مراكش، وبألوان يفتقدها في باريس. وهذا الشغف دفعه إلى ابتكار تصوّر جديد للجلابية والماتادور والبرنس والطربوش، فأبدع تصاميم ترتديها أكثر سيدات الأزياء أناقةً في العالم. في عام 2016، دخل البابوج - الحذاء المغربي التقليدي - عروض Gucci وCeline وDolce & Gabbana وغيرها من العلامات التجارية الفاخرة، بعدما أضاف إليه مصمموها لمسات عصرية، وقد أطلقت Gucci نعل البابوج الجلدي مع الفراء. وفي صيف عام 2020، اختارت H&M Home السويدية الأسلوب المغربي لمجموعتها، وروّجت لها بصور التقطها مصوّرون محترفون في صحراء المغرب وبيوته التقليدية. أما Zara الإسبانية فأنتجت قفاطين، وغيرها من الملابس العصرية منطلقة من الجوهر المغربي بألوان مستوحاة من غروب الشمس في الصحراء الكبرى. 

يفضل أمين بن درويش أن يرى نفسه مبدعاً يوحّد ما هو مختلف ورؤيوياً يختزل رؤيته في ورق وقلم


أصبح القفطان المغربي التقليدي عنصراً عالمياً في مجموعات الموضة. والقفطان أصلاً مشتق من "خفتان" الفارسية. وقبل أن يصبح القفطان زياً للعامة، كان خاصاً بالسلاطين وزوجاتهم، إذ كان ثميناً بسبب الوقت والجهد المطلوبين لصنعه وتطريزه وتزيينه بخيوط من ذهب وفضة. اليوم، صار القفطان ثوباً للحياة اليومية ولحفلات الزفاف في آن. كما خرج القفطان من المغرب إلى العالم، فارتدته شهيرات مثل بيونسيه، وباريس هيلتون، وتارا سوتاريا، وكيم كارداشيان، وأنجيلينا جولي، وجنيفر لوبيز، وسونام كابور. كما ارتدته الملكة نور، ملكة الأردن. والمصممون المغاربة يتقنون تطريز القفطان، وهذا واضح جداً في مناسبتين خاصتين بالأزياء في المغرب، Caftan du Maroc وOriental Fashion Show، وفي ظهور موجة جديدة من المبدعين تخاطب شريحة خاصة بتصاميم مستوحاة من قيمهم وثقافتهم، منطلقين من تراث واسع في الحرف اليدوية المتباهية بجذورها المحلية، الملونة والقديمة. يقول معروف: "يتيح المغرب فرصاً أكثر كثيراً من أوروبا، فقطاع الأزياء لم يجرب المواهب الوطنية إلا في العقدين الأخيرين. ويتمثل التطور الرائع في السنوات الأخيرة في أن مزيداً من المصممين برزوا من مدارس وأكاديميات للأزياء. وما دامت الأزياء في المغرب بعدُ في طور التشكّل، ثمة حرية أكبر في الاستكشاف وتحديد كل مصمم رؤيته". يضيف: "بينما أتقدم في السن، أحاول تحرير نفسي من قيود الـ‘ما’ والـ‘كيف’ في الإبداع. ما اتبعت اتجاهات أبداً، وأحاول ابتكار ما هو مستمدّ من هويتي المغربية". كيف لا، والهوية المغربية ليست بيان جنسية فحسب، إنما هي هوى في النفس، وإلهام في الخيال.

أمين بن درويش يضبط‭ ‬ثوباً‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬العارضات © ريتشارد‭ ‬باردون

في شوارع مراكش والدار البيضاء، ترى الأزياء مزيجاً من أساليب تقليدية واتجاهات شابة سائدة في العالم الافتراضي. لكن هذه الأزياء، كما تُعَاش في المدن المغربية، تتغير بسرعة وتتجزأ في فئات مختلفة. فهناك أشخاص يكتفون بارتداء ملابس تقليدية ولا يهتمّون بالاتجاهات. وهناك شباب يريدون أن يظهروا تماماً كشبان يرونهم على الإنترنت، ينتعلون أحدث الأحذية الرياضية، ويرتدون القمصان الرياضية المزينة بالصور. يقول معروف: "تبلورت ذاكرتي المبكرة في تجربة الأزياء بالنظر إلى مقاطع فيديو موسيقية على قناة MTV الخاصة بمغنيات الثمانينيات، مثل بات بيناتار وأغنية (Love Is A Battlefield (الحب ميدان معركة) وغرايس جونز وأغنية (Slave to the Rhythm (عبدة الإيقاع) ومادونا وأغنية (Borderline (خط الحدود)".

أحاول تحرير نفسي من القيود في الإبداع وابتكار ما هو مستمد من هويتي المغربية

يضيف معروف: "ثمة فئة ثالثة مثيرة للاهتمام هي فئة هجينة من الفئتين: فتيات يرتدين جلابيات وقفاطين، ويرفقنها بالأحذية الرياضية، وينشرن صورهن في Instagram. هذا شيء جديد. وقد بدأت العلامات التجارية الدولية التنبه إلى ما يحدث في شوارع المغرب. فالشبان المغربيون يشكلون شريحة مهمة تستهدفها العلامات التجارية، فهم مؤثرون في تفضيلات المستهلكين وفي اختيار خطوط الأزياء”. وبحسب معروف، في الدار البيضاء يتعايش الأسلوبان في تناغم، "حيث يمكنكم أن تروا فصلاً واضحاً بين الملابس الحديثة والتقليدية (امرأة في جلابية تلتقي امرأةً في ملابس عصرية) وأن تروا شباباً يدمجون التقليدي والعصري، كلٌّ على طريقته الخاصة. فعلى الطراز البلدي، يجتمع الأسلوبان بشكل مثالي. ومن شأن الخروج بأفكار جديدة من خلال إعادة تفسير الخطوط الكفافية التقليدية أو الحرفية أن يبث حياة جديدة في الثوب".

تتعدد‭ ‬تصاميم‭ ‬معروف‭ ‬وتبقى‭ ‬الروح‭ ‬المغربية‭ ‬طاغية‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬الفساتين

يعلق بن درويش قائلاً إن منصات التواصل الاجتماعي سيفٌ ذو حدين، "بقدر ما تسمح لمن لا صوت لهم بأن يعبروا عن أنفسهم، فهي تساهم في إنشاء جيل شاب يتوق إلى الإمساك بزمام الأمور، ويتغذى على الجماليات وحدها، ويتبنى ثقافة خاصة به، وهذا يعني أن اهتمام هذا الجيل يقتصر على القشور من دون الجوهر. يكتشف بعض الشباب ثقافتهم الخاصة في Instagram، كما لو كانوا آتين من قارة بعيدة، أو كما لو أنهم سيّاح في بلدهم، فيسعَون إلى ارتداء ملابس تنتجها علامات تجارية عالمية تستلهم تصاميمها من ثقافتهم نفسها، ويتوقون ليكونوا أتراباً لمؤثّرين يقرأون عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يمكنهم التمسك بأصالتهم ليكونوا حقيقيين أكثر ألف مرة، إن اطلعوا على تاريخهم وحده". وإذ يقول بن درويش هذا، يؤكد أنه إيجابي: "علينا أن نجرّب هذه المراحل كي نصل أخيراً إلى قطاع أزياء مستقر ومتألق عالمياً، وهذا يحدث بفضل أعمال مبدعين مذهلين يحفرون عميقاً في جدار سميك لـعالم أزياء عتيق". بحسبه، الآتي أجمل.

من‭ ‬تصاميم‭ ‬الفساتين‭ ‬المعاصرة‭ ‬التي‭ ‬اشتهر‭ ‬بها‭ ‬معروف

لا شكّ في أن إلهام بن درويش ومعروف يأتي من تراث وثقافة وتقاليد يعرفانها تماماً، ويحبانها كثيراً، لكن يسعيان إلى نقل تمظهراتها إلى مستوى عصري جديد، أو إلى تجديدها، كل منهما بحسب رؤيته الخاصة. والمصمّمان كلاهما يبحثان في الماضي ليقفزا إلى المستقبل، ساعيَين في الإبداع، مستكينَين إلى وفرة من الثراء والجرأة والحق في الانتقاء. يقول معروف: "توفر الحياة في المغرب أفضل ميدان ليستلهم العصري من التقاليد، وليستفيد التقليدي من العصرنة. ويبدو هذا جلياً في الأزياء". يبتسم أمين ويقول: "جدتي لالا زهرة أشبه بجوهر المغرب ذاته، كانت تعرف قصص البلد وأساطيره كلها، ارتدت ألوانه، وتعطّرت بروائحه، وتمسّكت بتقاليده، ورنّمت أغنياته، وروت ألغازه. وقد مرّرت حبّ هذه الثقافة إليّ بأكثر الطرق طبيعية. لذلك، أستطيع أن أقول إن المغرب يسكنني، هو الأساس الذي بنيت عليه ثقافاتي الأخرى على مرّ السنوات، من ثقافة الهيب هوب الأميركية إلى الحضارة اليابانية، ومن أعمال سلفادور دالي إلى رسوم عباس صلادي، وقد أحيت كلها الرؤية الإبداعية والعالم اللذين أبشّر بهما".

أحد‭ ‬تصاميم‭ ‬معروف‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعته‭ ‬لعام ‭ ‬2020

لا حدود للأزياء. ولا حدود لإبداع المصمم إلا خياله، والاعتراف واجبٌ بما للأزياء من قدرة استثنائية على الربط بين الثقافات المختلفة والقيم المتعارضة. ولا أكثر معاصرة من الرغبة البشرية في التعاون والتجريب والإبداع. قالها إيف سان لوران: "بالفنّ والحرفة يُرصد جمال هذا العالم". أما المغرب، فمصغّرٌ عن هذا العالم، بأسماء وصفات وألوان وفنون وأزياء. وفوق كل هذا، إنه يحلّ روحاً في ناسه، وفي زوّاره أيضاً. فهل نعيش بلا روح؟

شارك برأيك

0 تعليقات