إنه الخريف في روما، والمقر الرئيس لدار Fendi يضجّ بالحركة والنشاط فيما يحتشد الصحافيون لمناسبة الكشف عن مجموعة جديدة يطلقها قسم Fendi Casa المتخصص بالأثاث والأكسسوارات المنزلية في دار الموضة. كان عاماً عنوانه التعاون لدى Fendi، في سلسلة من الخطوات الذكية التي أقدمت عليها الدار المملوكة من LVMH، والتي بنت اسمها في عالم الموضة استناداً إلى الإبداع الجريء والحماسة لكل ما هو جديد، بعدما كانت الانطلاقة مع محترف للفرو والجلد في روما في عام 1925. وفي أسبوع الموضة في ميلانو، كان الختام مع عارضة الأزياء ليلا غرايس موس في إطار مشروع Fendace، وهو ثمرة تعاون بين علامتَي Versace وFendi التجاريتين الإيطاليتين. وبعد فترة وجيزة، ضج الأثير الرقمي بأخبار التعاون الإبداعي بين دار Fendi وعلامة Skims التجارية المتخصصة في الملابس الداخلية والمملوكة من كيم كرداشيان، والتي بلغت أرقام مبيعاتها، كما أُفيد، مليون دولار أميركي في الدقيقة الأولى لإطلاقها إلكترونياً.
تتجلى روح التعاون في دار Fendi أيضاً في Fendi Casa التي أبرمت اتفاق شراكة مع Design Holding التي تملك علامات تجارية عدّة مثل Flos وLouis Poulson وB&B Italia، من أجل إنشاء (Fashion Furniture Design (FF Design. تستحوذ شركة Design Holding على أكثرية الأسهم في المشروع، وتتولى الإشراف بصورة مشتركة على التصميم والإنتاج والتوزيع، علماً أن النقاب لم يُكشَف عن تفاصيل الاتفاق المالي.

أُنشئ قسم Fendi Casa في عام 1987، على يد مصممة الموضة آنا فندي، إحدى البنات الخمس للمؤسسَين أديل وإدواردو فندي. وتتولى الإشراف عليه الآن ابنة آنا، سيلفيا فنتوريني فندي (المديرة الفنية للأكسسوارات والملابس الرجالية؛ وهي مع ابنتها دلفينا دليتريز فندي الوحيدتان من أفراد العائلة اللتان لا تزالان تعملان في الدار). وفنتوريني فندي عازِمةٌ على حمل هذا المشعل نحو المستقبل. فقد استقدمت فريق تصميم للعمل على المجموعة الجديدة، وستتولى الإشراف على جميع المواسم المقبلة. ويكتسي الكشف عن المجموعة في مقر دار فندي في مبنى Palazzo della Civiltà Italiana الذي يعرفه السكان المحليون باسم Square Colosseum، أهمية أيضاً، فهو يرمز إلى الرسالة التي تحملها دار Fendi، وتتمثل بإقامة روابط أوثق بين قسمَي الموضة والأدوات المنزلية.

ما يلفت الأنظار فوراً في المجموعة الجديدة هو اللمسة المتأنية للمعايير الجمالية التقليدية المعتمدة لدى Fendi Casa، خلافاً لهوس عالم الموضة بإبراز شعار العلامة التجارية (مثالٌ على ذلك شعار FF الذي زُيِّنت به مجموعة Skims الجديدة). ففي حين تتسم المواد التي تحمل توقيع الدار، مثل الجلد والتفاصيل الدقيقة، بالترف والفخامة، تبدو أشكال الأثاث والأكسسوارات أبسط وأدقّ. هذا التحوّل هو من علامات الزمان، كما تقول فنتوريني فندي، مضيفةً وهي تسوّي النظارة ذات الإطار الأسود التي تحدد معالم وجهها تحت شعر أشقر قصير: "كانت Fendi Casa أول علامة تجارية متخصصة بالأدوات المنزلية تُطلقها دار أزياء. في مطلع الثمانينيات، كانت تعبّر عن المزاج السائد آنذاك، وكانت المقاييس على الأرجح أثقل وطأة من اليوم". تتابع: "جُعِلت صدقية الدار جزءاً من القطع، لذلك نريد أن نعمل أكثر على تصاميم الأدوات ونركّز أقل على الشعار".
"نريد أن نعمل أكثر على تصاميم الأدوات ونركّز أقل على الشعار"
ما زال الشعار، وهو من العناصر الرئيسية لبنية عمل الدار، أساسياً في المجموعة، إنما يُنسَج بطريقة خفيّة في الطباعة والأنماط. وهناك عناصر ذكيّة تذكّر بقوانين الموضة المعتمدة في الدار: ففي تشكيلة السجاد الجديدة، يتكرر تصميم شعار FF الخاص بحقيبة Baguette التي صممتها فنتوريني فندي في التسعينيات وأطلقت شرارة ثورةٍ في الحقائب الفاخرة التي تنتجها الدار، أما شعار FF الذي صممه الراحل كارل لاغرفيلد (انضم إلى الدار في عام 1965 وكان الهدف في الأصل بث الحياة من جديد في مجموعة الملابس المصنوعة من الفرو، واستمر في العمل لديها مديراً إبداعياً حتى وفاته في عام 2019)، والذي يحاكي خط يده المتعرج في ما يُعرَف باسم Karligraphy، فقد صار جزءاً من نمط شبيه بالأمواج على سجادة Fendi اللافتة.

تشعر فنتوريني فندي بالحماسة للسجاد. تقول المصممة التي تولّت إدارة القسم الخاص بالملابس النسائية فترةً وجيزة بعد وفاة لاغرفيلد قبل تسليم الدفّة إلى كيم جونز في عام 2020: "يولّد السجاد على الفور هوية نافرة. أصفه بأنه مرهف، فهو مرتبط بالجانب الناعم لدى Fendi، والذي استند دائماً إلى النسيج من خلال استخدام صوف shearling أو الفرو". تضيف: "نتعامل مع السجاد كما نتعامل مع الأنماط في تصاميمنا، فنستخدمه بمثابة لوحات قماشية. أحب اعتماد الطابع الحيادي جداً في الأثاث، إنما مع إضافة جرعة عالية من الانتقائية في السجاد. في المستقبل، سنصنع أيضاً أقمشة المفروشات وسجاداً يعلق على الجدران. وسنستخدم السجاد بصورة متزايدة".
يُحوّل التوفيق بين الأشكال، التي تتخللها لمسات لعوبة من الألوان والتصاميم، التركيز في المجموعة نحو أكثر ما تشتهر به الدار، وهو المهارة الحِرَفية مع الدقة الشديدة التي لا تشوبها شائبة. تقول فنتوريني فندي: "أردنا أن ننتج شيئاً جديداً، جديداً وخالداً في الوقت نفسه، لذلك أعتقد أنكم تلاحظون، عند رؤية القطع، أنها مرهفة ومتقنة، وقد تطلّبت الكثير من العمل الدؤوب لتحويل أشياء بسيطة إلى ابتكارات معقّدة. عند النظر عن كثب، تَظهر تفاصيلها الدقيقة. كأنها تهمس همساً باسم Fendi، وهذا هو التحدي الأكبر في هذا الإنجاز".

تكشف هذه التفاصيل الكثير عن مصادر الوحي خلف التصاميم. وُضِعت طاولتا قهوة Metropolis من توقيع شركة Atelier Oï للعمارة والتصميم (تواصل Fendi Casa تقليدها القائم على التعاون مع معماريين ومصممين من خارج المؤسسة، وكان بينهم في ما مضى مبدعون على غرار كريستينا سيليستينو) على سجادة Yellow Sign. وتتخذ قاعدة الطاولات المصنوعة من معدن مؤكسَد شكل سلسلة من الأقواس، وقد رأيتُ هذا التفصيل التصميمي يتكرر لاحقاً في طاولة طعام رخامية ضخمة. وتولّد الطاولتان انطباعاً لدى الناظر إليهما بأنه رأى هذا التصميم من قبل، فيتذكّر عندئذٍ أن الأقواس شبيهة بتلك التي تُزيّن واجهة مبنى Fendi.
"نصمم لأشخاصٍ يريدون قطعاً يمكنهم الاحتفاظ بها"
تقول فنتوريني فندي: "لهذا المكان تأثيرٌ في مجموعاتنا كلها. كل شيء يولد هنا. لهذا أردنا أن نعرض مجموعة Fendi Casa الجديدة في مقر الدار. فجزءٌ كبير من الوحي، ابتداءً بهذا المكان وانتهاءً بالرخام الجميل، مصدره هنا"، مضيفةً: "تلك الطاولة الرخامية هي بمثابة منحوتة، لكن هناك أيضاً نسخة مصنوعة من المعدن، وهي خفيفة جداً مع سطح زجاجي، بحيث يمكنكم رؤية قضبانها المعدنية. إذاً، إنه تلاعبٌ بالتناقضات، وهذه الوسيلة نستخدمها كثيراً لدى Fendi".
تطبع التناقضات اللعوبة المجموعة بكاملها. يتنوّع طيف الأسلوب حيث نجد من جهة كنبة Parsifal المخملية الفخمة بلون الزمرد من تصميم تييري لومير، مع مسندَين مزيّنَين على نحوٍ جميل بخطوط Pequin (التصميم الخاص بعلامة Fendi الذي ابتكره لاغرفيلد والأخوات فندي في عام 1983). وهي مختلفة تماماً عن كنبة Fendi Fun المصنوعة من جلد النوبوك من توقيع Atelier Oï، والتي يبدو مقعدها كأنه ينبلج عند الدَّرزات فيما تنتأ الحشوة والبطانة من أطراف النسيج المنجّد والمثبّت من غير إحكام. ثم هناك الكرسي بذراعَين ومسند القدمَين Groove & Groovy من توقيع Toan Nguyen، في نسخةٍ فوضوية بديعة عن تصاميم السبعينيات المصنوعة من صوف shearling.
تقول فنتوريني فندي: "يصبح الكرسي بذراعَين المصنوع من صوف shearling الجميل مختلفاً تماماً عند صنعه بالكتان، لكنه يبقى مطبوعاً ببصمة Fendi"، مضيفةً: "هذه الصدامات والتناقضات هي التي تضفي على المجموعة طابعاً لافتاً جداً وقابلاً للتكييف بحسب الطلب، لأننا لا نصنع غرضاً فحسب، بل نصنع مزاجاً. إذاً، يمكن أن تكون هناك كنبة بسيطة جداً قرب كرسيٍّ منتقى بدقة، لأن هذا ما يضفي الإثارة على المجموعة". وتنسحب الانتقائية أيضاً على مزيج المواد وطبقاتها، فالخيزران المتواضع يتحوّل إلى طبقة تزيينية معقّدة فوق طاولة Astuccio من توقيع Chiara Andreatti مع لمسة نهائية معدنية، فيما زُوِّد سرير Delano بلوحٍ رأسي مصنوع من قماشٍ بخيط مجعّد ناعم الملمس.

في مقاربتها المستقبلية للأعمال، تركّز Fendi على الدمج، وتنوي الدار عرض أكسسواراتها المنزلية الجديدة، وهي أشبه بجواهر صغيرة، إلى جانب أكسسواراتها الخاصة بالموضة. "ستختلط معها أيضاً بعض قطع الأثاث، وهكذا سيولد ترابطٌ متزايد بين المجموعات"، بحسب ما تقول فنتوريني فندي، مضيفةً: "ثمة رابط بين الأثاث ومجموعات الموضة، إذ يُفترَض بالرجال والنساء الذين يسيرون على منصة العرض أن يتبنّوا أيضاً رؤية Fendi. إنها حلقة متكاملة. نصمم لأشخاصٍ يريدون قطعاً يمكنهم الاحتفاظ بها في منازلهم، ليس لموسمٍ واحد فقط إنما بهدف استخدامها مراراً وتكراراً ونقلها إلى الآخرين. أحب أن تتمتع منتجاتنا بصفتي المتانة والاستمرارية، والأشخاص أنفسهم ماثلون في ذهني في كل التصاميم التي أعمل عليها".
انطلاقاً من هذه الرؤية، يفتح متجرٌ جديد أبوابه في وسط ميلانو في نيسان (أبريل) 2022، وسيكون تجسيداً حقيقياً لعالم Fendi. تختم فنتوريني فندي مع ابتسامة على وجهها: "سيكون متجراً كبيراً يضم كل شيء، وأؤكّد لكم أنه سيكون جميلاً جداً. ترقّبوا الإضاءة. ستكون مبهرة حقاً...".