"نحب أن نتعلم". بهذه الكلمات يعلّق ماثيو سلوتوفر على مشروعه الأخير الذي أطلقه مع أماندا شارب، وهو مطعم يحمل اسم Toklas تيمناً بأليس بي توكلاس التي كانت مؤلفة كتب طهو وشريكة الكاتبة جرترود ستين. يقع المطعم في المبنى الضخم في شارع 180 ذي ستراند. يضيف سلوتوفر: "نحب أن نلقي بأنفسنا في أعماق المياه، ونكتشف إذا كنا نستطيع السباحة".
لم يعد سلوتوفر وشارب، مالكا معرض Frieze الفني ومديراه غير التنفيذيين، يتحملان عبء إدارة المعرض (تخلّيا عن هذه المسؤولية في عام 2016) الذي يضم Frieze London وFrieze Masters، ولا إدارة مجلة Frieze التي أطلقاها قبل 30 عاماً. بدلاً من ذلك، حصلا على "لعبة" (بحسب مصطلح شقي استخدمه سلوتوفر) جديدة تماماً. تقول عنهما مالكة صالات العرض باربرا غلادستون إنهما "يسعيان خلف العقاب" لأن تهورهما قادهما إلى اقتحام قطاع المطاعم المعروف بصعوباته، إلا أن شارب وسلوتوفر ينظران إلى الأمور من منظور مختلف. إذا استاء شخص منهما في المعرض الفني، يخسران 100,000£. وإذا استاء شخص منهما في المطعم، فإنهما يخسران 30£. يشدد سلوتوفر: "هذا أسهل كثيراً. لكن، لا شك في أننا خائفان قليلاً".
قاعة الطعام في مطعم Toklas، مع ملصقات عتيقة الطراز من معارض فنية © ماثيو لافانشي
حلوى سيميفريدو بالمانغو وفاكهة الشغف © ماثيو لافانشي
حين التقينا قبيل الافتتاح الرسمي، كان المطعم الذي يتسع لسبعين شخصاً قد استقبل أصدقاء وأفراداً من العائلة فحسب (أقيم فيه حفل زفاف ابنة سلوتوفر)، إضافة إلى مآدب عشاء خاصة لصالات عرض مثل David Zwirner وRodeo. يقول سلوتوفر: "تسود أجواء احتفالية". وتوافقه شارب الرأي: "الأجواء مفعمة بالمرح"، مشبِّهةً ذلك بحفل البلوغ في الديانة اليهودية، في إشارة إلى أن المطعم يشكّل ملتقى لأحبائهما وللأشخاص المقرّبين منهما.
طبق سمك John Dory أشبه بلوحة لبيكاسو
خطرت فكرة إطلاق مطعم لهما أول مرة حين كانا طالبَين في الثامنة عشرة من العمر في جامعة أكسفورد. في ذلك الوقت، فكّرا في افتتاح حانة صغيرة تقدم الطعام. لكنهما تخلّيا عن هذه الفكرة بعدما افتتح صديق لعائلتَيهما مطعماً فتكبّد خسارةً فادحة. مع ذلك، استمرا في العمل بحماسة شديدة في مجال الطهو وتحضير الطعام. وبعد إطلاق المعرض في عام 2003، باشرا استضافة ولائم عشاء في المطاعم، وانخرطا بصورة متزايدة في عالم المطبخ والمأكولات. وخلال سفرهما، يهتمان بزيارة المطاعم ويخصصان لها وقتاً كافياً بقدر اهتمامهما بزيارة صالات العرض. حين انتقل معرض Frieze إلى مكاتبه الحالية في شارع ذي ستراند في عام 2017، سألهما مالك الأرض مارك وادوا إذا كانا يرغبان في استئجار مساحة إضافية في الطابق السفلي. رأيا في ذلك فرصةً سانحةً لافتتاح مطعم مع فرن ومتجر بقالة. يعلّق سلوتوفر: "لم نكن لنتحلّى بالشجاعة لو لم يعرض علينا مارك استئجار تلك المساحة".
الفرن داخل مطعم Toklas© ماثيو لافانشي
يأمل سلوتوفر وشارب في أن يتحول مطعم Toklas إلى مقصدٍ للروّاد وملتقى للأصدقاء. في نظرهما، المطعم شبيه بـ Rochelle Canteen وThe Wolseley وRiver Café في لندن، أو بمطعم Omen في نيويورك، حيث يمكنك أن تصادف "جيلبرت وجورج جالسَين إلى طاولة واحدة، ولوري أندرسون جالسة إلى طاولة أخرى"، كما يقول سلوتوفر مضيفاً: "هذا ممتع جداً". ويؤمَل أيضاً في أن يساهم وجود موظفين ودودين وغير متكلفين في مختلف أقسام المطعم في توليد شعور عام بالانتماء. تقول شارب: "بصراحة، الابتسامة قادرة على
تحقيق الكثير".
لا شك في أن تصميم المكان سيكون عامل استقطاب أيضاً. فالبار/قاعة الطعام أشبه بمزيج من كافيتريا المدرسة في السبعينيات ومركز Barbican للفنون. فهو عادي وصارم في آن، ما يضفي إليه طابعاً من الإثارة. ثمة ملصقات فنية، والكثير من الإسمنت، وخشب معاد تدويره، وباحة فسيحة أشبه بالشرفة فوق موقف للسيارات متعدد الطبقات. ليلاً، تزيد الأنوار المكان روعةً، ويبدو المشهد ساحراً يخطف الألباب.
أما الطعام، "فنريده أن يكون ممتازاً لكننا لا نحاول أن نعيد اختراع الذرّة"، كما يقول سلوتوفر عن قائمة الطعام المتوسطية البسيطة التي يشرف عليها كبير الطهاة مارتين ليونز (عمل سابقاً في مطعمَي Spring وMoro). تطغى الخضروات وثمار البحر على المكونات (لا تضم القائمة أطباقاً مصنوعة من اللحوم الحمراء). كان طبق السمك استثنائياً. فطبق المقبلات المؤلّف من السردين المشوي مع البطاطا المهروسة (المغطاة بالكراث والفلفل الأخضر والخل) نقلني تواً إلى شاطئ في اليونان. الملح، الليمون الحامض، الزيت، الخل. أكاد أشعر بالرمال بين أصابع قدمَي. أما طبق سمك John Dory الذي يمكن تشاركه (يتألف من سمكة مشوية كاملة) فأشبه بلوحة لبيكاسو مع جلد السمكة المسفوع بالنار واللمّاع، ولحمها المطهو جيداً، والشمرة والسبانخ المطهوة. كانت رقائق البطاطا الجانبية مقرمشة جداً، إلى درجة أنها تُحدث صوتاً عند إخراجها من الوعاء. شعرت كأنني في الجنّة.
تقول شارب: "حين أطلقنا المعرض، ركّزنا على أن يكون مكاناً يحلو التواجد فيه، فأحضرنا المعماريين والمصممين والطعام اللذيذ. جعلنا منه مكاناً يرغب المرء في البقاء فيه. وهذه الفلسفة ليست مختلفة جداً عن فلسفة المطاعم". لا شك في أن مشروعهما واعد.