مجلة الرفاهية العصرية تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز

كيف أنفق مالي

جيمس بلانت: "نجت قيثارتي من حرب كوسوفو وحطمتها بدراجتي"

المغني وكاتب الأغاني يصحبنا في جولة خاصة على عجلتين اثنتين

© سيلينا بيريرا © سيلينا بيريرا

نشأتُ في ريف هامبشاير، وحين كنت صغيراً احتاجت مدبرة منزلنا الإسبانية إلى وسيلة تنقّل حيث كنا نعيش. ابتاع لها والداي دراجةً نارية صغيرة، وما إن بلغتُ السادسة عشرة حتى استوليتُ عليها. كانت دراجة صغيرة "سكوتر" من طراز Tomos، تسير بسرعة 30 ميلاً (48 كيلومتراً) في الساعة، فكنت أقودها بضجيجها على الطريق A303 والسيارات كلها تتجاوزني مسرعةً. كان الانتقال إلى أي مكان يستغرق ساعات، لكن ذلك جعلني أقدر الحرية المكتسبة طوع يدي، وبدأ حبي للمركبات الثنائية العجلات. في السيارة، يُحشر المرء في الزاوية عند الالتفاف حول المنعطفات ويقفز من مقعده. لكن على متن الدراجة النارية، ينساب مع كل منعطف، إذ يكون متوازناً، وفي قبضتيه تحكمٌ كاملٌ بالمحرك والعجلتين. حينها، تكون الحركة رشيقةً بشكل لا يُصدَّق.

أول دراجة فعلية اشتريتها كانت من نوع Cagiva Canyon، وكنت في التاسعة عشرة آنذاك. ربما هي واحدة من أقبح الدراجات النارية على وجه الأرض وأغربها. كانت إيطاليةً كثيرة الأعطال، وبدت كأنها حشرة فرس النبي. في محركها أسطوانة واحدة، لكنها تمتّعت بقوة كبيرة. 

لاحقاً‭ ‬اشتريت‭ ‬دراجة‭ ‬أكبر‭ ‬كثيراً‭ ‬حين‭ ‬التحقت‭ ‬بالجيش‭ ‬لأستخدمها‭ ‬في‭ ‬ذهابي‭ ‬وإيابي‭ ‬بين‭ ‬لندن‭ ‬والثّكنة.‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬طراز ‭ ‬Moto‭ ‬Guzzi‭ ‬V11‭ ‬Sport‭ ‬–‭ ‬ وربما‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتتميز‭ ‬بقوة‭ ‬فائقة‭ ‬وبوزن‭ ‬ثقيل‭ ‬جداً. ‬سقطتُ‭ ‬عنها‭ ‬مرات‭ ‬قليلة‭ ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أقودها‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭ ‬فعلقت‭ ‬تحتها. ‬ذات‭ ‬مرة،‭ ‬كنت‭ ‬عائداً‭ ‬إلى‭ ‬الثكنة‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬صباحاً،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬لي‭ ‬الخروج‬، ‬فأوقعت‭ ‬الدراجة‭ ‬على‭ ‬رجلي. ‬وفي‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬الأستوديو‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬EMI‭ ‬ للموسيقى‭ ‬لإجراء‭ ‬بعض‭ ‬العروض.‭ ‬شاهد‭ ‬الناس‭ ‬دراجتي‭ ‬وقالوا‭ ‬إنها‭ ‬رائعة‭ ‬جداً‭: ‬"مهلاً،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تصعد‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬بدراجتك‭ ‬النارية".‭ ‬وفي‭ ‬طريق‭ ‬العودة،‭ ‬رافقني‭ ‬الجميع‭ ‬لوداعي،‭ ‬وكانوا‭ ‬يقولون: ‬"ستكون‭ ‬نجماً. ‬إن‭ ‬أغنياتك‭ ‬رائعة". ‬ارتديت‭ ‬سترتي‭ ‬الجلدية،‭ ‬وحملت‭ ‬قيثارتي‭ ‬على‭ ‬ظهري،‭ ‬واعتمرت‭ ‬خوذتي. ‬للحظة‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬بدوت‭ ‬رائعاً،‭ ‬فاعتليت‭ ‬صهوة‭ ‬هذه‭ ‬الدراجة‭ ‬النارية‭ ‬الرائعة‭ ‬وألقيت‭ ‬التحية‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬وانطلقت.‭ ‬وبسرعة‭ ‬ميل‭ ‬ونصف‭ ‬الميل‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬فقدت‭ ‬توازني،‭ ‬فوقعت‭ ‬وحطمت‭ ‬القيثارة.‭ ‬ساعدني‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬دراجتي؛‭ ‬كانوا‭ ‬يضحكون‭ ‬وكنت‭ ‬أضحك‭ ‬معهم،‭ ‬لكني‭ ‬في‭ ‬داخلي‭ ‬كنت‭ ‬أبكي. ‬قدتها‭ ‬قليلاً‭ ‬وتجاوزت‭ ‬منعطفاً‭ ‬ثم‭ ‬ترجلت‭ ‬عنها‭ ‬وصحتُ‭ ‬بها: ‬"يا‭ ‬أيتها‭ ‬اللعينة".‭ ‬المفاجئ‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أوقع‭ ‬العقد‭ ‬مع
EMI‭ ‬ للموسيقى‭.‬

أحب عبور الجبال الإيطالية والدوران بدراجتي حول بحيرة كومو"

كانت‭ ‬تلك‭ ‬القيثارة‭ ‬قد‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬كوسوفو،‭ ‬ومن‭ ‬الصمود‭ ‬بعد‭ ‬ربطها‭ ‬بجانب‭ ‬دبابة،‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬حربية‭ ‬مستعرة،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تصمد‭ ‬بعد‭ ‬سقوطي‭ ‬عن‭ ‬دراجةٍ‭ ‬نارية‭.‬‮ ‬

في نهاية المطاف، تخلّيت عن Moto Guzzi، وأنا أملك الآن دراجةً تصنعها شركة مذهلة للدراجات في بولتون اسمها CCM. بدأت الشركة صنع دراجات تجريبية وازدهرت في السنوات الأخيرة. مرت إحدى دراجاتها بي وأنا في لندن حين كنت على دراجتي الهوائية، فتوقفت والتقطت صورة لها وبحثت عنها في Google. لم يكونوا قد صنعوا منها إلا 150 دراجة. وجدت واحدة في إيرلندا فاشتريتها وشحنتها إلى هنا. كانت من طراز CCM FT35، وهي دراجة صغيرة بديعة تصلح للطرق السريعة. رقيت نفسي إلى دراجة CCM Spitfire، وهي دراجة خام عارية، وقبل أسبوعين، بعتها ورقيت نفسي مجدداً إلى دراجة CCM Stealth Six الجديدة، وأعتقد أنها أجمل دراجة رأتها عيناي.

يسألني الناس إن كنت أسافر على متنها في رحلات طويلة، كتلك الرحلة التي صورتها في الفيديو الخاص بأغنيتي "Bonfire Heart" (قلب مشتعل)، على متن دراجة من نوع Harley في أميركا. أحب عبور الجبال الإيطالية والدوران حول بحيرة كومو، لكن لي الآن عائلة أهتم بها، ووظيفة أمارسها. لذلك، أستخدمُ الدراجة النارية كأنها حصان زراعي. إنها الوسيلة الأسرع للتجوال في لندن. أنظر إلى طوابير السيارات في الزحام وأتساءل لماذا لا يقود الجميع دراجات نارية. اعتقدت دائماً أن اعتمار الخوذة يساعدني أيضاً في عبور المدينة متخفياً. لكن، عند التوقف أمام الإشارات الضوئية، وبالرغم من خوذتي وقناعي، يتعرف الناس إليّ فيطلبون التقاط الصور معي. لا مفرّ. ربما أنفي هو السبب.‭ ‬

صدر ألبوم (The Stars Beneath My Feet (2004-2021 (النجوم تحت قدمي (2004-2021)) في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) عن Atlantic Records. كذلك يقدم جيمس Beer Masters (أساتذة البيرة) على Prime Video ابتداءً من 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021

0 تعليقات

شارك برأيك