وسط أكشاك مليئة بالخردةٌ والأجبان وغيرها من العاديات في ناشماركت بفيينا، يقبع متجر صغير غير متوقع. إنَّه Nomade Moderne (المترحل الجديد)، مصنع قبعات حديث النشأة، تتسم منتجاته التي تصنع غب الطلب بسحر بوهيمي فتان.
أتى مؤسِّسا المتجر، وهما نورييل وأودري مولكو، من عالم الطهو والزراعة، وقادتهما الصدفة إلى عالم صنع القبعات. تستعيد أودري تلك الأوقات بالقول: "أراد نورييل إطالة شعره الشديد التجعيد". وإذ تنبه صديق إلى المراحل الفاصلة الصعبة في العملية، أوصاه باعتمار قبعة. تضيف: "يئس من البحث ولم يجد مراده، كما أنه لم يجد شيئاً بسعر معقول، فقرر أن يتعلم صنع قبعته بنفسه. وبعد انتشار البخار واللباد والنار والخيوط الصغيرة في غرفة جلوسنا، صنع قبعته الأولى: لم تكن ملائمة على نحو جيد، وحوافها لم تكن مستقيمة، لكنه قال: ‘أحبها – تذكرني بالمتشردين’، واعتمرها فخوراً، وانهال عليه سيل من مديح الأصدقاء، وحتى من عابري السبيل".


في غضون ستة أشهر، وبمساعدة من خياطات عديدات يمثلن مظهراً ثابتاً في العاصمة النمساوية، وبتوجيه من حاخام وصانع قبعات محلي، تحولت هواية نورييل في صنع قبعات الفيدورا باللباد إلى عمل حرفي. وفي عام 2017، افتتح الزوجان متجراً لهما قرب مطعم تديره عائلة نورييل، بواجهة زجاجية كبيرة، مليئاً بمواد قديمة وآلات خياطة، إلى جانب أشياء غريبة اشترياها من أسواق البرغوث. تقول أودري: "إنه klein aber fein، كما نقول بالألمانية. صغيرٌ لكنه رائع".


الزوجان شغوفان بمواصلة تقنيات صنع القبعات المحلية التقليدية، التي رعتها متاجر شهيرة مثل Mühlbauer وZapf في مطلع القرن العشرين. لكنهما أضافا لمستهما الخاصة. ففي قبعات Nomade Moderne، يستخدم الزوجان أقمشة ومواد يعثران عليها في ترحالهما، كما أن ثمة حدة في أسلوبهما. ففي قبعة فيدورا باللباد الأحمر المرجاني رشات طلاء بألوان قوس قزح، وفق أسلوب جاكسون بولوك، وتحمل قبعة عريضة الحواف بلون الكريم عصبة من المخمل الأزرق البحري والحرير القديم مصنوعة باليد، وتُحاط قبعة سوداء قاتمة، مصنوعة بالتعاون مع علامة تجارية مقرها في تولوم، بهامش أسود.
يستخدم الثنائي نورييل وأودري مولكو مواد يعثران عليها في ترحالهما
يرى نورييل وأودري في ما يكلفان بإنجازه من طلبيات مختلفة (ابتداءً من 500€ للطلبية الواحدة) جهداً تعاونياً مع كل من عملائهما. تقول أودري في هذا الصدد: "لا نصنع مجموعات في كل عام، ولا توجد قبعات جاهزة". يخضع العملاء لجلسة أخذ قياس، وتُعرَض عليهم خيارات مختلفة في شأن اللون والشكل والشرائط والتفاصيل والريش والدبابيس والمظهر. وبعد أربعة إلى ستة أسابيع، تصل القبعة.

تقول أودري: "نحب الالتقاء بعملائنا في المشغل، لكننا نتلقى أيضاً طلبيات بالبريد الإلكتروني أو بالاتصال بالفيديو". ويشمل عملاؤهما البارزون لاعب كرة القدم النمساوي ديفيد ألابا، ونجم البوب الألماني يوهانس سترات، وقائد الأوركسترا الصاعد لورنزو فيوتي، ولاعب كرة القدم البرازيلي نيمار الذي اشترى ثلاث قبعات لنفسه، وقبعة مشابهة لابنه. وهي تضيف: "لكل قبعة قصتها. وستواصل حياة الترحال الخاصة بها مع مالكها الجديد حين تغادر متجرنا".