إن أرادت مصممة المجوهرات السعودية ليليان إسماعيل أن تُجمِل عالمها الخاص بمجوهراتها وتصاميمها في كلمتين، تختار "الفن والتعبير". تقول: "يمكن أن نصف المجوهرات بأنها تقليدية أو حديثة، أو هي ترجمة للماضي أو للحاضر، وما أجتهد لتقديمه شخصياً ينبع من استخدام مفاهيم قديمة بطابع عصري حديث يليق بالمرأة العصرية". تضيف: "بتصميمي المجوهرات أوجّه تحيةً لصاغة المجوهرات منذ الأزل، لأنني أنظر دائماً إلى هذه الحِرفة بكثير من الإعجاب والتقدير، ما دمت أحاول إحياء تقنيات قديمة مع التركيز في قيمة القطعة على التصميم والحرفية". إنه الفن الذي به تعبّر عن ذاتها، وعن مكنونات تزينها بميزان الذهب، لتُبدع قطعةً لو قيّد لها أن تنطق، لأفشت أسراراً كثيرة تُخفيها إسماعيل بحرفية مكينة.
.jpg.webp)
لُقبت إسماعيل بأنها أصغر مصممة مجوهرات سعودية. فهي اكتشفت اهتمامها بعالم التصميم والفنّ مذ كانت طفلة، وترعرعت في كنف عائلةٍ مساندة، وتعلّمت في مدرسةٍ نمّت في داخلها أهمية الفن، "فبدأ يكبر في نفسي هذا الاهتمام بالمجوهرات، تحديداً عندما أنهيت دراستي الثانوية ودخلت أكثر في هذا المجال باختياري أن يكون مشروع تخرّجي تصميم مجموعة مجوهرات تضمّ سبع قطع مختلفة، فهذه كانت نقطة الانطلاق، لأتعمق بعدها في عالم الفنون والمجوهرات والصياغة"، كما تقول، متذكرةً أياماً كان فيها التعبير عن مكنونات القلب يسيراً.
كانت إسماعيل في السابعة عشرة من عمرها حين أسّست علامتها التجارية المرموقة، التي تميزت بمبيعات تفرّعت في أنحاء المملكة العربية السعودية. فقد حصلت على البكالوريوس في تصميم المجوهرات وصياغتها من جامعة Pratt Institute في نيويورك بالولايات المتحدة، وطورت هناك مهارات حرفية ما زالت تتمسك بما فيها من شعائر وطقوس تصنيعية، كما شحذت مَلَكاتِها الإبداعية كي تُخرج من بين أناملها جماليات تجمع بين روح الأصالة وديناميكية الحداثة. تقول: "ساعدني العمل والعيش في نيويورك على أن أجد نفسي كفنانة، فقد تطور مفهومي عن الفن بشكل عام إذ كان محيطي مكتظاً بفنانين من جميع أنحاء العالم، يحملون مفاهيم مختلفة. وهبتني نيويورك مفهوم الحرية في التعبير، وساعدت في تكوين شخصيتي كامرأة مستقلة مستعدة لمواجهة المصاعب". فخلال أربعة أعوام في Pratt Institute، تغيّر تصورها للمجوهرات ولتصميم المجوهرات، "مع اعتقادٍ قوي بأنّ المجوهرات ليست سلعة تُباع وتُتداول بقيمة ماديّة فحسب، تكمنُ في ثمن المواد الخام المستخدمة في صياغتها وتصميمها، إنما هي قطع فنيّة تُعبّر عن الفرد كما تعبّر اللوحة عن مشاعر رسّامها. إنها وسيلتي لأروي قصّة، وهي قطعة تُردِّدُ صدى روحي أنا الصائغ الذي بنى علاقةً قوية مع المادة الثمينة خلال تصميمها وصياغتها".
.jpg.webp) “فلك” مستوحاة من مخطوطات الفلكيين القدامى |
في نيويورك أيضاً، تدربت إسماعيل مع مشاهير المصممين، مثل أوسكار دي لا رينتا. هذا التدريب ترك فيها سؤالاً تتغير الإجابات عنه مع كل تصميم تُنهيه، ومع كل فكرة تترجمها سواراً أو قلادةً أو قرطَ أذن: ما هي مجوهرات ليليان إسماعيل؟ بالنسبة إليها كمصممة سعودية، "أدى التاريخ، وما زال، دوراً كبيراً في صقل هويتي، وفي تعميق انتمائي إلى مجتمعي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فجمال التعبير عن الماضي بلمسة معاصرة من الحاضر في رأيي هما ما يتيح لي ترجمة أي فكرة تطرأ لي إلى قطعة من المجوهرات تنمّ عن هذا الانتماء". وليس ذلك بمستغرب، فمن نيويورك إلى الرياض وجدّة، انتخبت إسماعيل لمجموعاتها أسماء تختزل بها رؤيتها إلى اندماج الأصيل بالمعاصر، امتزاج روح الأمس بتقنية اليوم والغد. فمجموعة "فلك" مستوحاة من مخطوطات إسلامية في علم الفلك يعود تاريخها إلى عام 515 هجرياً، وتصاميمها مستقاة مباشرة ممّا في هذه المخطوطات من رسوم توضيحية، رسمها علماء فلك مسلمون، انتقتها إسماعيل لتكريم الإرث الذي خلّفه هؤلاء. واستوحت المصممة مجموعتها "جديلة" من جدائل الشعر المحبوكة بإتقان والمترامية على أكتاف العربيات عبر التاريخ، فسكبت ذهبها لتصوغه حلى بديعة. أما مجموعة "جنيهات" فهي إعادة صياغة حديثة للاستخدام التقليدي للعملات الذهبية والمعدنية السعودية، وهي التي يعدّ استخدامها كهدايا تقليداً قديماً. إلى جانب هذه المجموعات ذات الجذور التاريخية، صممت إسماعيل مجموعة "1441 هجرية" المستوحاة من عناصر معمارية في منطقة البلد التاريخية في جدة، غرب السعودية، وتضم قطعاً صممتها يدوياً لتكرّم بها الحرفيين الموهوبين السعوديين الذين ابتكروا تلك الأعمال الخشبية الرائعة والفنية. أما مجموعة "الأحرف الأولى"، فتريدها المصممة عصرية جداً، تروي كل من تنتقيها قصتها بذهب مصنوع يدوياً ليدوم إلى الأبد، وتكون بداية بسيطة من ذهب يزيد الماس بريقه.
.jpg.webp)
قلادات "أحرف أولى" ذهبية بسيطة وحساسة، مع تألق ماسي مميز
.JPG) خاتم هندسي من تصميم ليليان إسماعيل |
لكن لأي امرأة تصمم إسماعيل مجموعاتها هذه؟ تجيب: "للجريئة التي تعبر عن شخصيتها بمظهرها، ولمن تواكب الموضة. برأيي، المرأة التي تختار مجوهراتي يهمها أن تعبر عن فرادتها وتميزها من باقي النساء، فتنتقي قطعاً ومصوغات فريدة مختلفة، تحكي لغتها. وهي أيضاً لكل امرأة مهتمة بالتراث وبإحياء ماضٍ يربطها بحاضرها، وكذلك للمرأة التي تهوى الفيروز، وتميل إلى ارتداء قطع جريئة مرصّعة بالماس والعقيق الأسود الذي يضفي على المجوهرات طابعاً عصرياً".
يصعب أن تقول إن لهذه القطعة أو تلك مكانة خاصة في قلبها. "لكل قطعة أصممها وأنفذها حبٌ خاص وارتباط عميق. لكن، أكثر القطع قرباً إليّ هي الأقراط الكبيرة، إنها تعبر عن شخصيتي الجريئة، وتعتبر جزءاً أساسياً من كمال إطلالتي، وبالتالي إطلالة أي امرأة تشبهني، فأنا صمّمت جميع الأقراط ذات المقاس الكبير لنفسي"، تقول.
واجهت المصممة وصاحبة العمل الشابة تحديات متعددة منذ أن بدأت مسيرتها، وقبل أن تكتسب خبرة في المجالين. تقول: "غامرت من دون خلفية أكاديمية في المجوهرات، لكنني تمكنت من إكمال درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة في تصميم المجوهرات". وشهد عام 2013ولادة علامتها التجارية، حينها كانت السوق السعودية تفتقر إلى مصممة سعودية ناجحة، "فأحببت أن أملأ هذا الفراغ، وتعمقت في تقديم الدورات لتعليم العديد من المصممات وتثقيفهن لمساعدتهن على إطلاق علاماتهن التجارية الخاصة، فكنت مساعدة لهن ومستشارة، والآن نرى مجتمعنا عامراً بمصممات سعوديات وصلن إلى العالمية". تضيف: "على المستوى الشخصي، كان انتقالي إلى الولايات المتحدة بعد تأسيسي علامتي التجارية في عام 2013 في السعودية هو العقبة الرئيسية أمام نمو علامتي التجارية بين عامي 2013 و2017". فلم يكن سهلاً إدارة الأعمال والتصميم والدراسة في الوقت نفسه، وكان عليها أن تتراجع خطوةً إلى الوراء لتقليل حجم العلامة التجارية خلال هذه الأعوام الأربعة.
تعلمت إسماعيل إدارة عملها وحدها، بلا مُعين أو مُرشد. سافرت وحدها إلى الهند وكانت بعد في الحادية والعشرين، بحثاً عن موردين ملائمين للأحجار الكريمة التي تستخدمها في مجوهراتها، ونسجت علاقة قوية مع فريق إنتاج من دون خطة عمل ومن دون ميزانية. تقول أخيراً: "أدركتُ، بالطريقة الصعبة طبعاً، أن الخبرة هي أفضل معلم في عالم الأعمال".
 خاتم H 1441 هندسي مع ألماس. |
.jpg) سلسال ربع جنيه سعودي مع كرات ذهبية |
سلسال ربع جنيه سعودي شارم I من مجموعة “جنيهات”
