الأرجح أن يطرح جمهور إيلاف، وغيره، عند تصفّح العدد الأول من How To Spend It Arabic، السؤال التالي: لماذا، بعد عشرين عاماً من النجاح في فضاء الإنترنت، تتفق مؤسسة إيلاف مع مؤسسة Financial Times على إطلاق هذا العمل؟ سؤال مشروع تماماً. مع ذلك، وبهدف التوصل إلى الجواب الأقرب إلى المضمون الدقيق، أعيد وضع السؤال على النحو التالي: ما أساس وفلسفة منطلق تعاون إيلاف مع Financial Times؟
الجواب، باختصار، هو كما يلي؛ معروف أن Financial Times مؤسسة ذات حضور عميق بين دور الصحافة الكبرى في العالم المعاصر، يرجع إلى مئة وثلاثة وثلاثين عاماً مضت، عندما أقدم جيمس شريدان عام 1888 على تأسيسها مع هوراشيو ويليام بوتوملي. أتوسع فأوضح أن فلسفة إطلاق هذا العمل تقوم على جمع أمرين معاً، أولهما يتمثل في التأسيس لمبدأ إمكانية نشوء تحالفات من نوع جديد بين كبريات دور النشر والإعلام دولياً، مثل Financial Times وبين الأصغر حجماً، والأحدث سِناً، كما إيلاف. من هنا يتضح الاختلاف في ما نُقدم عليه هنا. وهو ما يجيز القول إننا بقدر ما نُقدّر إقدام عدد من المؤسَّسات الإعلامية في العالم العربي على إقامة علاقات تعاون مثمرة مع عدد من كبريات دور الإعلام العالمي، فإننا في الوقت ذاته نرى أن تعاون إيلاف ومؤسسة Financial Times مختلف تماماً، وبالتالي فإن التوصل إلى اتفاق التعاون هو في حد ذاته سبقٌ مِهني متميز ومهم.
أما ثاني الأمرين، فيتعلق بالمضمون، إذ أن ملحق How To Spend It هو في الأصل مختلف المحتوى عما يصدر من ملاحق عن صحف بريطانيا الكبرى، أو غيرها من كبريات الصحف العالمية، بما يقدِّم من موضوعات منوّعة في الموضة، الديكور، الفن، السفر، ومختلف مجالات الحياة. تُقدِّم مادة الملحق المتنوعة أيضاً مقالات في الاتجاهات الأكثر حصرية وفرادة في عوالم الأزياء والسياحة والتصميم الداخلي والمأكولات، وغير ذلك من التجارب المميّزة. هذا المحتوى المتميز سوف يتجلى أيضاً في نسختنا العربية، التي سوف تتضمن هذا كله، من خلال محتوى حصري تعده شبكة من المراسلين المحترفين في مختلف الدول العربية، وعموم منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. ضمن هذا السياق، فإنني أثق أن فريق التحرير في إيلاف سيبذل أقصى ما يستطيع من الجهد الصحافي الدؤوب، سواء في ما يخص تعريب نصوص موضوعات How To Spend It أو لجهة توفير مواد جرى إعدادها باللغة العربية، تعرض أفضل ما تتميّز به مناحي الثقافة الاجتماعية، إلى جانب جديد عالم الأزياء العربية، وأحدث اتجاهات الموضة، بالإضافة إلى أسلوب الحياة المتعدد الآفاق في مختلف المجتمعات العربية.
خطوة أولى من نوعها عربياً من حيث تخصصها في عالم الرفاهية المعاصرة"
انسجاماً مع ما سبق، سوف نجمع، في نسختنا العربية، بين معرفتنا بالسياق المحلي، من جهة، والمحتوى التحريري النوعي من جهة ثانية، لنخطو خطوة إضافية بهدف التماهي مع قوة المضمون الذي تقدّمه مواد الملحق الأصل. ينسجم هذا أيضاً مع قناعتنا بأهمية تعزيز الإعلام المتخصص في العالم العربي، وبضرورة إفساح المجال واسعاً لمنابر هذا الإعلام، كي يمضي قدماً في ترسيخ أفكاره وأدواته الصحفية.
عبر صفحات النسخة العربية، سوف نقدم أخباراً حصرية، ومقالات متخصصة، ومقابلات مع شخصيات من ذوي الخبرة والتجارب، موجهة إلى نخبة من الجمهور العربي المهتم بتتبع أحدث الأساليب العصرية في التمتع بوسائل الرفاهية. سوف نفتح أمامهم، وأمامهن، أبواب كل جديد في أسلوب الحياة الراقي. من هنا الاقتناع من جانبنا أنَّ محتوى هذا الإصدار يشكل خطوة أولى من نوعها عربياً من حيث تخصصها في عالم الرفاهية المعاصرة.
إنه مشروع رؤيوي، يُغيّر قواعد اللعبة الإقليمية تحريرياً وتجارياً، فإقليم الشرق الأوسط يسجل اليوم أحد أسرع معدلات النمو في عدد أصحاب الثروات وفي الحضور الرقمي على حد سواء. لذا، يأتي إصدارنا الطبعة العربية من How To Spend It بمثابة بيان واقعي بالتزامنا تجاه منطقتنا العربية، التي تشهد فيها أسواق الرفاهية الناشئة، وأنماط الحياة المعاصرة، زخماً حقيقياً. يعني هذا أن نعزّز قيم علامة HTSI وجاذبيتها كملحق متميز لصحيفة Financial Times، جريدة كبار المتنفذين في عالم البزنس في مختلف أنحاء العالم.
نعم، سوف نحاول، بأعلى درجات الجد في العمل، وأقصى مستويات الاجتهاد في الابتكار، يحدونا الأمل أن التوفيق حليفنا، ذلك أن نجاح العشرين عاماً من مسيرة إيلاف هو في حد ذاته تشجيع لنا، وهذه فرصة كي نسجل هنا الشكر العميق للدعم المتواصل من جمهور إيلاف، ولاهتمام أحبائها في محافل الإعلام العربي الجاد، فعلاً، على صعيد مِهني، باستمرارها في التطور منذ بواكير نشوئها. نعم، في انتظار رؤاكم لما بين أيديكم من جديد إيلاف وتطورها المستمر، كل التقدير للجميع.